الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبعد، لقد تعمدنا في مناقشة المعترضين على حكم الإعدام الجماعي الصادر بحق يہهود بني قريظة والنافذ فيهم .. تعمدنا إغفال النصوص الشرعية والاحتجاج بها، ومناقشتهم في حدود مفهوم الأعراف والقوانين العصرية التي يقدِّسونها، لأنهم لا يؤمنون بالإسلام الذي هو مصدر تلك الأحكام التي نفِّذت في اليهود.
فصار من غير المجدى محاولة إقناعهم بوجاهة ذلك الحكم وعدالته عن طريق الرجوع بهم إلى قواعد ونصوص الشريعة الإسلامية من آيات وأحاديث.
فهذه النصوص والقواعد إنما يُناقش في حدودها من يؤمن بمصدرها ويري نفسه ملزمًا بالرضوخ لها والاحتكام إليها.
وأعداءُ الإسلام هؤلاء وفروخهم الذين يسيرون على أصول قوانينهم في تشريعاتهم الوضعية إنما يهدفون بمحاولاتهم الطعن في الحكم الصادر بحق اليهود، انتقاص أُصول هذه الشريعة الإسلامية الغراءِ، ولهذا لزم إبطال مزاعمهم ونقض مطاعنهم في حدود قانونهم وبمنطقهم ذاته.
حكم بني قريظة في شريعهم
وهناك أمر آخر مهمٌّ لا بد من ذكره بهذه المناسبة، وهو أن الحكم الذي أصدره سعد بن معاذ على يهود بني قريظة وأقرَّه النبي صلى الله عليه وسلم وقام بتنفيذه، قد جاء (تمامًا) وفق الشريعة الموسوية عند اليهود أنفسهم كما في التوراة عندهم.
فقد نصَّ الإصحاح العشرون في سفر التثنية من كتابهم المقدّس على أن لهم قتل كل الرجال من أعدائهم إذا ظفروا بهم وامتلاك نسائهم وأطفالهم وكل ما يملكون.
وهذا هو نص الإصحاح العشرين من سفر التثنية "وإن لم تسالمك أية قرية بل حاربتك فحاصرها وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحدِّ السيف، وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة، كل غنيمتها، فتغتنمها لنفسك، وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك"(1).
وهذا النص الصريح في كتاب اليهود المقدَّس يجعل هؤلاء اليهود (بالتأكيد) يرون أن من حقهم تنفيذ حكم الإعدام فيمن وقع في أيديهم من أعدائهم الرجال وسبى نسائهم وذراريهم ومصادرة كل ممتلكاتهم.
وهذا يعني أن اليهود لو نجحوا في مؤامرتهم وتمَّ لهم ولأحلافهم التغلب على المسلمين لما تردُّدوا لحظة في إبادة المحاربين منهم وسبى نسائهم وذراريهم ومصادرة أموالهم، تمشيًا مع حكم كتابهم المقدس الذي جاء صريحًا في سفر التثنية.
وهكذا جاءت العقوبة التي أنزلها المسلمون باليهود هي نفس العقوبة التي كان هؤلاء اليهود ينوون إنزالها بالمسلمين لو وقعوا في أيديهم.
فالحكم النازل باليهود إنما جاء (تمامًا) وفقًا لشريعتهم، فهو إذن جزاءًا وفاقًا.
(1) سفر التثنية: 20، 13 - 14.