الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لسعد بن معاذ هل هو لتكريم أم لإنزال سعد من على الدابة لأنه كان جريحًا متعبًا؟ .
والذي يظهر لنا (والله أعلم) أن القصد بالقيام إنما كان لإنزال سعد لا لتعظيمه .. يدلنا على هذا صيغة الأمر النبوى القائل .. قوموا إلى سيدكم .. فلو كان المقصود بالقيام التعظيم لقال صلى الله عليه وسلم -والله أعلم-: قوموا لسيدكم.
غير أن ابن برهان الدين ذكر في السيرة الحلبية أن الصحابة قالوا (يصفون قيامهم لسعد) .. فقمنا صفين يحييه كل رجل منا حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا صريح في أن القيام إنما كان لتحيته.
قال ابن إسحاق .. فلما انتهى سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .. قوموا إلى سيدكم، فأما المهاجرون من قريش فيقولون إنما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار (يظهر أنهم لم يقوموا) وأما الأنصار فيقولون .. قد عم بها رسول الله فقاموا إليه.
سعد يطلب موافقة اليهود علي تحكيمه
وعندما استقر بسيد الأوس المقام في مقر القيادة النبوية في بني قريظة قال له النبي صلى الله عليه وسلم .. أحكم فيهم يا سعد، فقال: الله ورسوله أحق بالحكم، فقال صلى الله عليه وسلم: قد أمرك الله أن تحكم فيهم (1).
غير أن سعدًا -وقد علم حرص قومه الأوس على التساهل في
(1) السيرة الحلبية ج 2 ص 119.
الحكم على حلفائهم اليهود - أحب أن يستوثق من الجميع ويأخذ عليهم العهد -الرسول والأوس وبنى قريظة- بأن حكمه إذا ما صدر يكون غير قابل للنقض أو النقاش.
فقد وقف المحكم الشاب الجريح سعد بن معاذ، في المعسكر النبوى، ووجه حديثه إلى قومه الأوس خاصة وإلى من في المعسكر عامة قائلًا .. عليكم بذلك عهد الله وميثاقه أن الحكم كما حكمت؟ .
قالوا .. نعم. ثم اتجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأشار إلى الناحية التي هو فيها، ثم قال -وهو معرض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالًا له وإكبارًا- وعلى من ها هنا، وأشار إلى الخيمة التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام .. نعم (1). ثم أشار إلى بني قريظة المحجوزين جانبًا في المعسكر ليستوثق منهم أيضًا قائلًا: أترضون بحكمى؟ .
قالوا: نعم (2).
وبينما الحديث يجرى هكذا في المعسكر النبوى حول تفويض سعد بن معاذ في أمر بني قريظة، كان هؤلاء اليهود الذين حاق بهم مكرهم السئ يرتجفون خوفًا من المصير المرعب الذي يتوقعونه.
إلا أنهم مع شعورهم بالخوف الشديد، فقد بقى لديهم شيء من الأمل في الحياة، بعد أن علموا أن حلفاءهم الأوس قد بذلوا وساطتهم لدى الرسول القائد صلى الله عليه وسلم ليخفف من عقوبتهم، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم نتيجة لهذه الوساطة قد جعل أمر هؤلاء اليهود لحليفهم وسيد حلفائهم سعد بن معاذ.
(1) سيرة ابن هشام ج 2 ص 240.
(2)
السيرة الحلبية ج 2 ص 119.