الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث
* محاسبة يهود بني قريظة على خيانتهم.
* فرض الحصار عليهم.
* استسلامهم بدون قيد ولا شروط.
* تحكيم حليفهم سعد بن معاذ.
* الحكم بالإعدام علي جميع رجالهم.
* تنفيذ حكم الموت في ثمانمائة رجل منهم.
ذكرنا في كتابنا (غزوة الأحزاب) الفصل الأول ص 34: أن هناك معاهدة، تحالف قد عقدت بين المسلمين واليهود جميعًا. تتكون هذه المعاهدة من عدة بنود، من بينها بند، نص صراحة على التزام المسلمين واليهود بواجب الدفاع المشترك عن يثرب ضد أي اعتداء خارجى، عبء المسلمين في مسؤولية هذا الدفاع كعبء اليهود تمامًا.
كما نصت هذه المعاهدة (أيضًا) على وجوب التزام الفريقين بالتعايش السلمي والتعهد بعدم اعتداء أحدهما على الآخر في الداخل.
وكان المفروض (طبقًا لهذه المعاهدة) أن ينضم يهود بني قريظة إلى جانب المسلمين للدفاع عن المدينة عندما أحاطت بها جيوش
الأحزاب، وأن يكونوا ضمن جيش المسلمين في مواجهة تلك الجيوش الغازية المعتدية.
ولكن الذي حدث من بني قريظة (كما فصلناه في كتابنا -غزوة الأحزاب- في مكانه) هو العكس، فقد غدر هؤلاء اليهود بالمسلمين وحاولوا ضرب جيشهم من الخلف في أحرج الظروف وأدق ساعات المصير.
حيث أعلن هؤلاء اليهود (بدلًا من قيامهم بالتزامات المعاهدة) أعلنوا انضمامهم إلى الغزاة المعتدين في تلك الساعات الرهيبة الحاسمة التي كان فيها مصير كل الكيان الإسلامي في مهب العاصفة حيث كان جيش المسلمين الصغير الذي لا يزيد عدده على ألف مقاتل يواجه عشرة آلاف مقاتل يفوقونه في كل شيء مادي، قد أحاطوا به كما يحيط البحر الهادر بالجزيرة الصغيرة ويهددها بالابتلاع من جميع جهاتها في كل لحظة.
لقد غدر بنو قريظة بالمسلمين تلك الغدرة الشنعاء، غير مبالين بشرف الكلمة التي أعطوها لهم بتوقيعهم على معاهدة التحالف تلك، ولا مقدرين لما يترتب على ذلك الغدر الشنيع من نتائج خطيرة
…
غدروا بالمسلمين وخانوهم في تلك الظروف الحربية الخانقة، بالرغم من أن هؤلاء اليهود -باعتراف زعيمهم كعب بن أسد- لم يروا من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلا الصدق والوفاء بالعهد والوقوف بشرف عند الكلمة التي أعطوها في عهد التحالف المبرم بين الفريقين (1).
(1) انظر اعترافات سيد بني قريظة هذا بوفاء النبي صلى الله عليه وسلم بالعهد وصدقه في تنفيذة في كتابنا (غزوة الأحزاب) الفصل الثالث ص 183.
فضرب بنو قريظة بذلك أعلى رقم قياسي في دنيا الغدر والخيانة، فأعطوا الدليل (مرة أخرى) عن خبث معدنهم، وعلى اللؤم والنذالة والخسة المتأصلة في نفوسهم والسابحة في كيانهم، سبح الدم في سرايينهم، وعلى أن العهود والمواثيق (عندهم) لا قيمة لها ولا احترام، إلا عندما يكون في الإلتزام بها وتنفيذها مصلحة لهم.
وذكرنا في كتابنا (غزوة الأحزاب) الفصل الثالث ص 187 وما بعدها -أن النبي صلى الله عليه وسلم إقامة للحجة ومحاولة لإصلاح ما أفسده اليهود- أرسل وفدًا إليهم ليذكرهم بالعهد ويطالبهم بالوفاء به والقيام بتنفيذ التزاماته، وذكرنا أن هذا الوفد وصل (فعلًا) إلى ديار بني قريظة برئاسة حليفهم سيد الأوس سعد بن معاذ، فذكرهم ونصحهم وحذرهم مغبة الإصرار على السير في طريق الغدر والخيانة ونبههم (بصدق) إلى ما قد يترتب على ذلك من نتائج وخيمة قد يكون فيها إبادتهم جميعًا.
وذكرنا أن هؤلاء اليهود قد ردوا هذا الوفد ردًّا قبيحًا وأعلنوا في (صفاقة ووقاحة) بأنهم لن يتراجعوا عن موقف الخيانة والغدر الذي أعلنوه، وأنهم قد أصبحوا حربا على المسلمين، وأنهم لا يعرفون محمدًا ولم يعد بينهم وبينه أي عهد أو حلف.
وذكرنا أنهم بدأوا بالفعل في الاستعداد للهجوم على المسلمين من الخلف حسب الخطة المتفق عليها مع الغزاة، وأنهم بدأوا، يمدون الغزاة بالمؤن (1) كدليل عملي على انضمامهم إليهم ضد مواطنيهم وحلفائهم المسلمين.
(1) انظر تفصيل مصادرة المسلمين لعشرين جملا محملة بالمؤن أرسلها بنو قريظة للأحزاب في كتابنا (غزوة الأحزاب) الفصل الثالث ص 223 الطبعة الفائتة.