الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يبشران المسلمين بالنصر، وسمع كعب هذا أسماء زعماء قريش وقادتها الذين صرعوا يوم بدر قال في حنق وغيظ:
أحق هذا؟ أترون محمدًا قتل هؤلاء الذين يسمى هذا الرجلان - يعني زيدًا وابن رواحة - فهؤلاء أشراف العرب وملوك الناس، والله لئن كان محمد أصاب هؤلاء القوم لبطن الأرض خير من ظهرها (1).
التحريض على المسلمين
وبالرغم من المعاهدة المعقودة بين المسلمين والتزام اليهود بموجب هذه المعاهدة: عدم تأييد أو مد يد العون لقريش عدو المسلمين رقم واحد .. وبالرغم من أن اليهود لم يروا من المسلمين قبل بدر أو بعدها إلا الوفاء بالعهد وعدم إيصال أي أذى إلى اليهود، فإن هذا الطاغية (كعب بن الأشرف) قد اغتلم الحقد والغدر في نفسه فضرب بكل العهود والمواثيق عرض الحائط، وصمم على الإنتقام من المسلمين بغيًا وحسدًا ليس إلا.
الطاغية في مكة
ولعجزه عن القيام (منفردًا) بأي عمل عسكرى حاسم ضد المسلمين، فقد خرج من المدينة بقصد تحريض قبائل العرب على النبي صلى الله عليه وسلم، وحشدهم ودعوتهم إلى شن الحرب على المسلمين، وقد وصل في جولاته التحريضية إلى مكة معقل قريش، فقابل زعماءها (وكانوا له أصدقاء)
(1) ابن هشام ج 2 ص 51.
وفي اجتماعاته بهم صار يثير حفائظهم ويذكرهم بمصارع ساداتهم في معركة بدر، مثيرًا بذلك حقدهم على النبي صلى الله عليه وسلم، ومهيجًا في نفوسهم نوازع الإنتقام من المسلمين لشجعهم على شن الحرب على النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه.
وقد سلك كل سبيل لإثارة قريش وتحريضها على النبي صلى الله عليه وسلم، حتى الشعر جعله من وسائل تحريضه، وكان (شاعرًا مجيدًا)، فصار يتنقل بين أندية قريش يلهب كوامن الحقد في نفوسهم بشعره المهيج المثير ويذكرهم بمن قتل من ساداتهم في معركة بدر، ومن شعره الذي قاله في مكة ورثى به قتلى قريش في بدر قوله:
طحنت رحى بدر لمهلك أهله
…
ولمثل بدر تستهل وتدمع
قتلت سراة الناس حول حياضهم
…
لا تبعدوا إن الملوك تصرع
كم قد أصيب به من أبيض ماجد
…
ذي بهجة يأوى إليه الضيع
طلق اليدين إذا الكواكب أخلقت
…
حمال أثقال يسود ويريع
ويقول أقوام أسر بسخطهم إن
…
ابن الأشرف (1) ظل كعبا يجزع
صقوا فليت الأرض ساعة قتلوا
…
ظلت تسوخ بأهلها وتصدع
ثم قال يرثى أبا جهل خاصة:
نبئت أن بنى المغيرة كلهم
…
خشعوا لقتل أبي الحكيم وجدعوا
إلى غير ذلك مما قاله شعرًا ونثرًا
ولا شك أن الشعر الجزل من أكبر المؤثرات التي تتأثر به نفوس العرب، فيكون له اليد الطولى في تحريك النفس وإلهاب العاطفة نحو أية
(1) يعني نفسه.