الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويزعم بعض المورخين الغربيين أن اليمن قد عرفت اليهودية منذ أقدم العصور وفي عهد نبي الله سليمان عليه السلام ومن هؤلاء المؤرخ المشهور (ثيودمور لكتور Theodorus) وهو من رجال النصف الأول للقرن السادس للميلاد.
فقد قال هذا المؤرخ: إن الحميريين كانوا في بادئ أمرهم على دين يهود، دخلوا فيه أيام ملكة سبأ المعروفة بقصتها مع الملك سليمان بدعوتهم إياهم إلى هذا الدين (1)، وإذا صح قول هذا المؤرخ الغربي فإن أهل اليمن يكونون قد دانوا جميعهم بدين الله الحق لا دين اليهودية المحرف، لأن ملكة سبأ إنما آمنت على يد سليمان وهو نبي، ودينه في الحقيقة (في جوهره) الإسلام، بدليل قوله تعالى في حق ملكة سبأ المؤمنة {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ} (2).
ومع عدم وجود أي دليل كاف على دخول اليهودية إلى اليمن في عهد الملكة سبأ، فإنه من المحتمل أن تكون الديانة الموسوية قد دخلت أرض اليمن بتأثير ملكة سبأ، وهذا ما لم يجزم به أحد من المؤرخين الإسلاميين ولكنه لا يستبعد حدوثه.
كيف دخلت اليهودية اليمن
وعلى ما رواه الإخباريون الإسلاميون (كابن إسحاق والطبرى) يمكن تقسيم الوجود اليهودى في اليمن قبل الإسلام إلى عهدين:
(1) تاريخ العرب قبل الإسلام ج 6 ص 29.
(2)
النمل: 44.
1 -
عهد السيطرة والسلطان.
2 -
عهد الإنكسار والتشريد.
أما عهد السيطرة والسلطان فيبدأ باعتناق تبع اليمن الثالث (وكان وثنيًا) لليهودية في يثرب، وخلاصة ذلك أن هذا الملك الحميرى قد اعتنق الديانة اليهودية في يثرب عندما مر بها في عودته إلى اليمن من الشمال وإيران، حيث خاض هناك حروبًا وقام بفتوحات ليس هذا محل تفصيلها.
ويذكر الطبري وابن إسحاق أن تهود هذا الملك كان على يد حبرين من أحبار بنى قريظة في المدينة، ففي قصة يطول شرحها جاء هذا الملك الحميرى (تبع الثالث تبان أسعد أبي كرب) إلى يثرب يريد إهلاك أهلها من العرب لثأر له عندهم، فلما سمع حبران من أحبار بنى قريظة بذلك جاء إلى الملك تبع فنصحاه بأن لا يفعل ما اعتزم من إهلاك أهل المدينة قائلين:
أيها الملك لا تفعل، فإنك إن أبيت إلا ما تريد حيل بينك وبينها، ولم نأمن عليك عاجل العقوبة، فقال: ولم ذلك؟ .
فقالا: هي مهاجر نبي يخرج من هذا الحرم من قريش في آخر الزمان، تكون داره وقراره، فتناهى عن ذلك ورأى أن لهما علمًا، وأعجبه ما سمع منهما، فانصرف عن المدينة بعد أن اتبعهما على دينهما.
وكان قد بلغ أهل اليمن دخول ملكهم في الديانة اليهودية فاستاءوا لذلك أشد الاستياء، ولذلك فإنه لما دنا من اليمن ليدخلها حالت قبائل حمير بينه وبين ذلك وقالوا: لا تدخلها علينا وقد فارقت ديننا. فأبلغهم بأن دينه الجديد خير من الوثنية التي هم عليها، وبعد مناقشات ومجادلات بين الملك