الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحقوق التي أعطاها الإسلام للرقيق
وبينما كان الحال يجرى على هذا المنوال من الوحشية والهمجية في معاملة الرقيق، جاءَ الإسلام، فنظر في شؤون الرقيق فوضع لهم ذلك النظام الإنساني العادل الذي به أعاد لهذا الإنسان الضائع (الرقيق) بشريته وإنسانيته حتى جعله يشعر بالتساوي مع سيده في كل الحقوق.
ساوى الإسلام بين الرقيق وسيله في القصاص والدم
…
حيث أعلن النبي صلى الله عليه وسلم هذه المساواة قائلًا (كما في صحيح البخاري ومسلم)
…
من قتل عبده قتلناه، ومن جدع عبده جدعناه ومن أخصي عبده أخصيناه.
وأعلن الإسلام وحدة الأَصل والمنشإ والمصير بين السيد والمسود: "أنتم بنو آدم وآدم من تراب"(1){بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} (2).
وأعلن أنه لا فضل السيد على عبد لمجرد أن هذا سيد وذلك عبد وإنما الفضل بالتقوى "ألا لا فضل العربي على أعجمى، ولا أعجمى على عربي، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوي"(3).
وقرر الإسلام أن السادة ليسوا أصحاب فضل حين ينفقون على عبيدهم، لأنهم جميعًا في وضع واحد بالنسبة لله خالق الجميع وحده ورازق الجميع وحده: ({وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي
(1) حديث رواه مسلم وأبو داود.
(2)
سورة النساء 25.
(3)
حديث أخرجه الطبراني في كتاب آداب النفوس.
الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ} (1).
وجاء الإسلام ففرض على السادة أن يحسنوا معاملتهم للرقيق: {وَبِالْوَالِدَينِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا} (2).
كما أعلن الإسلام أن العلاقة بين السادة والرقيق ليست علاقة الاستعلاء والاستعباد، أو التسخير والتحقير (كما كانت الحالة في العهد الروماني وأشباهه) وإنما هي علاقة القربى والأُخوة، فالسادة (أهل) للجارية يستأذنون في زواجها:{فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (3).
وأعلن الإسلام أن الرقيق أخ لمالكه، فرض عليه أن يتساوى معه في المأكل والملبس "إخوانكم خَوَلكمُ فمن كان (أخوه) تحت يده فليطعمه مما يطعم، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأَعينوهم"(4).
بل إن الإسلام (صونًا لمشاعر الرقيق ومحافظةً على كرامته كإنسان) نهى عن أن ينادى المالك لرقيقه باسم العبد "لا يقل أحدكم
…
(1) سورة النحل 17.
(2)
سورة النساء 36.
(3)
سورة النساء 25.
(4)
حديث رواه البخاري.