الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المحاربة) قد وسعوا من نفوذهم الاقتصادى بين قبائل العرب، حيث وجهوا كل نشاطهم إلى تضخيم ثرواتهم عن طريق الربا الفاحش والاتجار في مختلف السلع، واشتهروا بصنع الخمر وبيعه وجلبه أحيانًا من بلاد الشام.
مركز اليهود المالى
وكان الأعراب يقصدونهم (دائمًا): يبتاعون منهم ما يحتاجون ويقترضون منهم بالربا، وقد اتسعت ثرواتهم حتى صاروا ملوك المال، وعن طريق سلطان المال والثروة، استعادوا شيئًا من نفوذهم الذي فقدوه، فصاروا بما لهم من تأثير اقتصادى يثيرون الفتن والحروب بين القبائل الوثنية (وخاصة في منطقة يثرب) حتى لا تتم آية وحدة بين هذه القبائل لأن ذلك يهدد الكيان اليهودى بالخطر.
وظلوا يوسعون من نفوذهم الاقتصادى ويشترون زعماء القبائل العربية الوثنية بالمال، وكانوا يحاولون بشتى الوسائل، استعادة سلطانهم السياسي والعسكري الذي فقدوه على يد الأوس والخزرج، فصاروا يستغلون المشاحنات القبلية (وخاصة بين الأوس والخزرج) فيشعلون نيرانها بغية إنهاك قوة هاتين القبيلتين ليسهل على هؤلاء اليهود استعادة سلطانهم إلا أنهم لم يحققوا أهدافهم، بل ظلوا (حتى ظهور الإسلام) تابعين للأوس والخزرج، تحتمى كل قبيلة من هؤلاء اليهود بقبيلة من الأوس والخزرج عن طريق ارتباطات الأحلاف المعروفة في عهود الجاهلية.
وعلى العموم فقد بقى اليهود في يثرب -بالرغم من هزيمتهم العسكرية وانهدام سلطانهم على أيدى أوس اليمن وخزرجها- عنصرًا قويًّا من عناصر يثرب، وخاصة في المجال المالى والاقتصادى، حيث كانوا يشكلون أقوى عنصر في هذه الناحية حتى ظهور الإسلام.
فقد كان هؤلاء اليهود يعتمدون في تنمية ثرواتهم وتوطيد نفوذهم على إعطاء القروض الربوية (والربا من مميزات اليهود) التي كانت تدر عليهم أرباحًا طائلة تجعلهم الطبقة الغنية المتميزة بين الأعراب الذين لا يحسنون هذه التجارة الملعونة، ولم يقض على سلطان اليهود المالى القاهر إلا التشريعات الإسلامية التي حرمت التعامل بالربا الذي كان العمود الفقرى لاقتصاد اليهود وتجارتهم، ولهذا فقد كان تحريم التعامل بالربا ضربة قاصمة لظهور اليهود في يثرب وغيرها من بلاد العرب.
كما أن اليهود بالإضافة إلى تعاطى الربا (ركيزتهم الإقتصادية الأولى) كانوا يمتازون ببعض الصناعات المربحة كالصباغة، والنسيج، والحدادة التي كان العرب يأنفون منها ويعتبرونها من المهن الحقيرة، كما أنهم كانوا بالإضافة إلى ذلك كله نشطين إلى حد بعيد في المجالات التجارية الأخرى، فكانوا قبل الإسلام من أكثر اليثربيين نشاطًا في الاتجار بالبر والشعير والبلح، وكانوا مشهورين باحتكار الخمر وبيعها في الجاهلية، إذ كانوا يذهبون خصيصًا إلى الشام لجلب مختلف أنواع الخمر إلى يثرب بل إلى مختلف أقاليم الجزيرة فيدر عليهم بيع الخمر أرباحًا طائلة، وكانت لهم في المدينة (حتى نزول القرآن بتحريم الخمر) حانات يرتادها الكثيرون لتعاطى الخمر، فكان اليهود لذلك كله يحتكرون