الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اليهود خونة لا أسرى حرب
قد يقول قائل متبجح: لماذا لم يعامل النبي القائد صلى الله عليه وسلم يہهود بني قريظة كما يعامل القائد المنتصر رجال جيش العدو الذي حارب وكُتِبَ له الفشل في حربه فانهزم واستسلم، كما هو الحال في هذا العصر؟ .
والجواب على هذا التساؤل هو (من ناحية القانون الدولى العام المعاصر).
1 -
أن اليهود عندما فعلوا ما فعلوا بانضمامهم إلى قوات الأحزاب الغازية ضد المسلمين. لم يكونوا في حالة حرب مع المسلمين، بل لم يكونوا حتى في حالة تعاد أو تنافر.
وإنما كانوا أصدقاء متحالفين مع المسلمين، بل ومواطنين هم والمسلمون أمة واحدة يشكلون وحدة وطنية لا تتجزأ، ملزمون هم والمسلمون (على حدٍّ سواء) بالدفاع المشترك عن الوطن الواحد المشترك وهو الوطن اليثربي، كما نصت على ذلك الاتفاقية المعقودة بينهم.
فيهود بني قريظة - من وجهة نظر القانون الدولى العام - لا يمكن وضعهم في مكان العدو الذي استسلم وهو يخوض حربًا مشروعة (قانونًا) كالحرب الي تنشب (لسبب من الأسباب) بين دولة ودولة.
وإنما مكان هؤلاء اليهود - من وجهة نظر القانون الدولى العام - هو مكان الخائن المتآمر المتواطئ مع العدو على أمته ووطنه في حالة الحرب القائمة، وحكم الذي شأنه هكذا عند الظفر به
معروف لدى الخاص والعام، ومنصوص عليه في جميع القوانين الدولية، وهو الإعدام لا غير.
فيهود بني قريظة ليسوا أسري حرب بالمعنى المتعارف عليه دوليًّا، حتى يقال لماذا لم يعاملهم محمد صلى الله عليه وسلم مثلما عامل غيرهم ممن وقع في يده من أسري الحرب الآخرين، وإنما هم خونة غادرون ارتكبوا جريمة الخيانة العظمى ضدَّ وطنهم وأمتهم، فظفرت بهم يد العدالة، بعد أن أَدانتهم بالتواطؤ مع العدوّ ضد الوطن الذي هو وطنهم والأمة التي هم جزءٌ منها والدولة التي هم في ظلها، ولهذا فالحكم الذي صدر بحق هؤلاء اليهود ونُفِّذ فيهم، إذا نظرنا إليه (فقط) من زاوية العرف والقانون المتعارف عليه والمعمول به في القرن العشرين عند جميع الدول، وجدنا أنه يتفق كل الاتفاق مع هذا العرف وذلك القانون من جميع الوجوه.
ولعل الذين يستبشعون الحكم الذي صدر ونُفِّذ بحق بهہود بني قريظة، ينسون أو يتناسون أنه في القرن العشرين هذا (قرن التقدمية والتمدن كما يسمُّونه) قد سمعنا ولا نزال نسمع بأحكام يصدر بالموت وتنفذ (في ظل القانون) بحق أُناس، لا لأَنهم ارتكبوا مثلما ارتكب يهود بني قريظة من جرائم الغدر والخيانة العظمى ضد مواطنيهم ووطنهم المدينة، وإنما لأنهم نقلوا (فقط) إلى عدو غير محارب بعض الأسرار التي تتعلق بسلامة الجيش والقوات المسلحة كذلك الأمريكى الذي نفذ فيه حكم الإعدام لأنه كان على اتصال بالروس ونقل إليهم أسرارًا حربية تتعلق بصنع القنبلة الذرية وغيرها.
فكيف بالله (إذن) يكون من العدل التمشي مع روح القرن العشرين إعدام مواطن أو مواطنين، لأنهم (فقط) نقلوا إلى العدو أسرارًا تتعلق بسلامة الجيش .. أسرارًا ليس من المؤكد أن نقلها سيعرِّض الجيش للإبادة وإنما يمكِّن قيادة العدو المنتظر (روسيا) من الاستفادة عسكريًا، ويكون من الظلم والوحشية إعدام المواطن الذي لم يكتف بنقل أسرار جيش بلاده إلى العدو والمحارب المحيط ببلاده، بل شهر السلاح في وجه هذا الجيش وهو في أحلك ليالى محنته وشرع (بالاتفاق مع العدوّ الغازى) في تسديد طعنة إلى ذلك الجيش فألَّف قوة مسلحة داخل الوطن المشترك، واتصل بالعدوِّ اتصالًا مباشرًا مكشوفًا وأعلن انضمامه إليه مستهدفًا إبادة الأمة التي هو جزءٌ منها وتسهيل احتلال الوطن الذي هو شريك فيه، وتدمير الجيش الذي كان من المفروض أن يكون في صفوفه مدافعًا عن الوطن المشترك؟ .
أعتقد أنه لا جواب عند هؤلاء المعترضين والمستبشعين لما نزل بيهود بني قريظة إلَّا الفلسفة الفارغة والمغالطة المكشوفة التي تمليها الرغبة المبيتة الملحة في الطعن والتشويه لكل ما هو إسلامي فحسب ..
إن يهود بني قريظة (بالإضافة إلى صفة المواطن) كانت لهم صفة الجندى والضابط الذي يجب أن يكون قوة محاربة داخل جيش المدينة ضد أي اعتداءٍ تتعرض له (يثرب) الوطن المشترك للمسلمين واليهود - يوم ذاك - كما تنص على ذلك الاتفاقية المعقودة بين الفريقين.
فاليهود إذن (كما قلنا) ليسوا أسرى حرب بالمعنى المعروف