الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة المؤلف
نحمدك اللهم وإياك نعبد وإياك نستعين، ونسألك أن تصلى على نبيك ورسولك محمد الأمين وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغُر الميامين، ونضرع إليك اللهم أن تجعل آمالنا خالصة لوجهك الكريم وأن تعصمنا من مزالق الغرور ومهاوى السمعة والرياء إنك سميع مجيب.
وبعد، فهذا هو الكتاب الرابع من سلسلة (معارك الإسلام الفاصلة) نحمد الله العلي القدير الذي أعاننا على إخراجه، ونرجوا (مخلصين) أن ينفع الله به من يقرأه، وشكرًا لمن أرشدنا إلى خطأ فيه لنقوم بإصلاحه.
(1)
منذ اللحظة الأولى التي أشرق فيها نور الإسلام، ومنذ الساعة التي وضل فيها النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة واليهود يكيدون للإسلام ويتربصون به وبالمرسل به الدوائر بغيًا وحسدًا عكس ما يوصيهم كتابهم (التوراة) الذي يجدون فيه محمدًا صلى الله عليه وسلم مكتوبًا نبيًّا يجب اتباعه.
وبالرغم من اللين والتسامح الذي عامل به النبي صلى الله عليه وسلم اليهود عند ما ألقت إليه يثرب كلها بزمام حكمها، وبالرغم من المعاهدة "معاهدة الدفاع
المشترك والتعايش السلمي وعدم الاعتداء" المعقودة بين المسلمين واليهود فقد ظل اليهود (ما أمكنهم) يقاومون الدعوة الإسلامية ويثيرون المتاعب في وجه حامل لوائها النبي صلى الله عليه وسلم يبثون من أراجيف وينشرون من أكاذيب تستهدف تشكيل الناس في صدق دعوته والنفور منها، ويعضدون كل من يريد به شرًّا أو يبيت له ولأصحابه مكروهًا بل ويتآمرون ضد الإسلام بغية الإطاحة بحكمه والقضاء على رسوله.
غير مبالين بعهد أعطوه ولا مقيمين وزنًا لميثاق أبرموه، لأن هذه العهود والمواثيق (عند هؤلاء اليهود) لا قيمة لها ولا اعتبار إلا عندما يكون التمسك والالتزام بها يحقق لهم مصلحة خاصة فحسب.
ولذلك فقد كان سكونهم أو حركتهم (في يثرب) لا يأتيان تمشيًا مع روح العهود والمواثيق التي أعطوها وإنما يأتيان تبعًا للظروف في حدود المصلحة الشخصية، فإن رأوا فرصة مواتية أظهروا البغض والعداء وتحركوا للنيل من المسلمين، وإن لم يروا فرصة لاذوا بالصمت وانزووا كالأفاعي في انتظار الفرصة مواتية، فهؤلاء اليهود، هم (بحق) أول من وضع أسس المذهب (الميكافيلى) الخبيث، كما سيرى القارئ في هذا الكتاب.
ولقد عانى المسلمون ونبيهم صلى الله عليه وسلم في يثرب من هذا الخلق اليهودى (طيلة أربع سنوات) مشاق كثيرة ومتاعب عظيمة كان الرسول صلى الله عليه وسلم، يقابلها بحلم واسع وتسامح عظيم، وحتى الذين تآمروا على حياته من هؤلاء اليهود وقرروا اغتياله ذهب في التسامح معهم إلى أبعد الحدود حيث اكتفى (فقط) بنفيهم من المدينة مع أنه قادر على إبادتهم بعد أن استسلموا له دونما قيد أو شرط بعد محاصرتهم وإدانتهم بجريمة التآمر على حياته.
ولم يقف النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود موقفًا صارمًا لسمعهم لغة السيف الدامية إلا عندما ارتكب فريق منهم (وهم ينو قريظة) أشنع وأخس جريمة في تاريخ الغدر والخيانة، حينما نكثوا العهد وخانوا الميثاق وداسوا شرف الكلمة التي أُعطوها، فانضموا إلى الغزاة من قريش وغطفان في غزوة الأحزاب الرهيبة.
واستعدوا لضرب المسلمين من الخلف في أدق ساعات مصيرهم، مستهدفين القضاء على الإسلام واستئصال شأفة المسلمين استئصالًا تامًّا، غير مبالين بما أعطوا من عهد ولا ملتفتين إلى ما أبرموا من مواثيق.
فكان جزاؤهم الإبادة الكاملة، وهو المصير الذي قد وطدوا العزم على أن يدفعوا المسلمين إليه عندما وضعوا أيديهم في أيدى الغزاة من الأحزاب وظاهروهم على المسلمين قولًا وعملًا، فكانت صرامة العقوبة "وهي إبادة حوالي ثمانمائة مقاتل من هؤلاء اليهود في يوم واحد بعد اندحار الأحزاب" تتناسب وجريمة الخيانة العظمى التي ارتكبها هؤلاء اليهود ضد المسلمين الذين كان يربطهم بهم ميثاق تحالف، ومعاهدة عدم اعتداء، وعهد تواطن في إطار أمة واحدة يجمعها وطن واحد وهو يثرب (1).
(2)
وبما أن غزوة بنى قريظة، هي المعركة الكبرى والأخيرة التي بها تمت تصفية العنصر اليهودى في يثرب، وبها تم تطهير تلك البقعة الطيبة من شرور ذلك النوع الخبيث من البشر، وبما أن صلة هذا النوع بجزيرة
(1) نصت المعاهدة المعقودة بين المسلمين واليهود على أن اليهود أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم .. انظر سيرة ابن هشام ج 1 ص 503 وما بعدها.
العرب، صلة موغلة في القدم ترجع إلى ما قبل ميلاد المسيح عليه السلام بعدة قرون، فقد رأينا أن نعقد فصلين كاملين، هما الفصل الأول والثاني من هذا الكتاب يتضمنان موجز تاريخ اليهود في جزيرة العرب.
الفصل الأول يتضمن موجز تاريخ اليهود في جزيرة العرب قبل الإسلام، والفصل الثاني يتضمن موجز تاريخهم منذ ظهور الإسلام حتى غزوة خيبر - المعركة الختامية للصراع بين الإسلام واليهود والتي ستكون موضوع كتابنا الخامس من هذه السلسلة إن شاء الله.
في الفصل الأول تحدثنا بإيجاز (وبتوسع أحيانًا) عن تاريخ اليهود في يثرب وتيماء ووادي القرى وخيبر وأيلة (إيلات) ومناطق الشمال الأُخرى، كما تحدثنا في هذا الفصل عن اليهودية بين عرب الجاهلية، كما تحدثنا بإيجاز عن مواقف اليهود من الإسلام (وكلها مواقف عدائية)، وأشرنا إلى كل مراحل الحرب الباردة والساخنة التي كان اليهود يشنونها على الإسلام منذ أن سطع نوره على هذه الأرض. كل ذلك لنعطى القارئ فكرة واضحة عن حقيقة هذا العنصر الذي يمثل (في كل عصر وزمان) دور التخريب والإفساد.
(3)
كذلك لما كان إعدام حوالي ثمانمائة رجل من يهود بني قريظة في هذه الغزوة مثار انتقادات مغرضة وتهجمات ظالمة على النبي صلى الله عليه وسلم من
خصوم تقليديين للإسلام كبعض الكتاب الغربيين واليهود، ومن تلاميذ لهم (أيضًا) ينتسبون إلى الإسلام حيث زعموا جميعًا أن عملية إبادة هؤلاء اليهود تتسم بطابع الوحشية والهمجية، ولا تتفق مع روح التمدن وحقوق الإنسان، فقد أفردنا فصلًا خاصًّا في هذا الكتاب (وهو الفصل الرابع) تناولنا فيه التهم الموجهة إلى النبي صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الخصوم وناقشناها بالتفصيل وأثبتنا بالحجة والبرهان بطلان تلك التهم والانتقادات، وأوضحنا أن إعدام بنى قريظة لا غبار على شرعيته وتمشيه مع قواعد العدالة، وأنه عمل تقره أصول القضاء في جميع الأعراف والقوانين حتى هذه اللحظة، لأنه عقوبة عادلة نزلت بقوم ارتكبوا جرائم ثلاث، لا تزال القوانين الدولية في جميع أرجاء العالم (بلا إستثناء) تنزل عقوبة الموت بمن ارتكب واحدة منها فكيف بمن ارتكبها مجتمعة، كما فعل بنو قريظة.
وفي هذا الفصل (وعند تعرضنا لبحث استرقاق نساء وأطفال بنى قريظة) تعرضنا للرق في الإسلام بصفة عامة وناقشنا التهم التي وجهت إلى الإسلام من خصومه - عبر موقفه من الرق - وأثبتنا أن الإسلام لم يكن المشرع الأول للرق أو مشجعًا عليه بل هو الدين الوحيد الذي حارب الرق بمختلف الأساليب، فردم جميع منابعه ما عدا نوعًا واحدًا أبقى عليه بعد أن حصره في دائرة ضيقة، وهو الرق الناتج عن الحروب العادلة التي يخوضها المسلمون ضد أعداء الإسلام .. هذا النوع من الرق أبقى عليه الإسلام كإجراء حربى مقابل لا بد منه، لأنه معاملة بالمثل لا مناص للمسلمين من القيام بها تجاه أعداء يسترقوق ويستعبدون من يقع في أيديهم من أسرى المسلمين بما في ذلك النساء والأطفال، وأثبتنا في هذا الفصل أن
الإسلام مع إبقائه على هذا النوع من الرق، قد أعطى الرقيق من الحقوق وكفل له من الضمان والحماية ما لم يعطه أو يكفله له أي عرف أو قانون في الدنيا حيث بلغ به في الارتفاع إلى درجة ساوى فيها بينه وبين مالكه في الحقوق العامة.
(4)
وفي هذا الكتاب سيرى القارئ كيف أن الخلق اليهودى، هو منذ أن حلت اللعنة بهذا الشعب على لسان دواد وعيسى بن مريم .. سيرى في تصرفات هذا العنصر في جزيرة العرب وخاصة مع المسلمين ونبيهم صلى الله عليه وسلم ضروبًا مقرفة من الخسة واللؤم، وألوانًا كالحة من الغدر والخيانة، ونماذج كئيبة من الانتهازية والنكث .. مجموعة، من المخازى ورصيدًا هائلًا من الرذائل لم يسجل التاريخ مثله لأمة من الأمم المغضوب عليها من الله، اللهم إلا ما بدأ التاريخ يسجله الآن (ويا للأسف) لفئة من الناس في المنطقة تتلمذوا على المذهب الميكافيلى اللا أخلاقى فأخذوا يسيرون على نهج هولاء اليهود في الغدر والانتهازية ونكث العهود والمواثيق، فيدعون إلى إبرام الاتفاقيات والعهود والتمسك بها عندما يكتشفون أنها لا تحقق الكسب الخاص الذي دعوا إلى إبرامها من أجل تحقيقه.
بل ويرتكبون من الأعمال الوحشية والهمجية ما لم يرتكب مثله هؤلاء اليهود حيث يبيدون عشرات الألوف من النساء والأطفال المسلمين، ويمسحون من الوجود القرى العزلاء الآمنة ليرهبوا شعبًا مسلمًا أبيا شرسًا قام على كواهل أجداده بنيان تاريخ الإسلام العسكري الشامخ ..
بغية إخضاع واستعمار هذا الشعب العملاق الذي رد المعتدين وسحق الغزاة (عبر القرون) في كل مرة يحاولون فيها إخضاعه واستعماره فصار يضرب به المثل في الصمود ورفض التسلط الأجنبي مهما كان نوعه، حتى صار يطلق على هذا الشعب (من بين جميع الشعوب) اسم محطم الغزاة ومؤدب الطغاة، ومروض الجبابرة .. فلا يعتدى عليه طاغية أو يغزوه طامع إلا وقبر جيشه الغازى وحطم آماله وبدد أطعاعه وجعله وجيوشه (مهما قويت وكثفت) أضحوكة الثقلين وعبرة لمن بعده من الأجيال، وها هو التاريخ اليوم يعيد نفسه في أرض هذا الشعب العملاق الأبى الشرس.
(5)
إن الذي لا يعرف الخلق اليهودى، ولم يسبق له معاشرة هذا النوع من البشر الذي هو كالجسم الغريب الضار في جسد البشرية ولم يحط علمًا بحقيقة تاريخه، قد يستعظم ما لاقاه ويلاقيه من كره لدى الشعوب عامة، وقد يستبشع ما ينزل أحيانًا بهذا النوع من نفى وتشريد وتقتيل.
ولكن الخبراء بنفسيات هذا الشعب اليهودى والملمين بحقيقة تاريخه (عبر القرون) يؤكدون بما لا يدع مجالًا للشك أن هذا الشعب هو الشعب الوحيد الذي يظهر كل فرد من أفراده وكأنه قد رسخ في ذهنه وامتزج في دمه أن مهمته في الحياة هي الإفساد والتخريب والتدمير لكل ما هو غير إِسرائيلي، فكل تيارات التدمير الخلقى والانحراف العقائدى وما صاحب ذلك من مجازر فظيعة في العالم وارتكاسات مدمرة في حياة الشعوب
وارتباكات في اقتصاديات الأمم إنما هو (في الغالب) من صنع التفكير اليهودى وتخطيطه.
ويكفى للتدليل على ذلك أن الحركة الشيوعية الماركسية التي ارتكب قادتها من جرائم التعذيب والقتل والإبادة - وعلى مستوى من الوحشية والهمجية لم يشهد التاريخ مثلها منذ أن خلق الله الدنيا - هذه الحركة التي لم تُصب البشرية في مختلف عصورها بنكبة مثل نكبتها إنما جاءت وفق بروتوكول وضعه مفكرون من اليهود، ولا أدل على ذلك من أن واضع النحلة الشيوعية (كارل ماركس) هو يهودى مجرم حاقد.
كذلك أثبت التاريخ أن واضع مخطط جرائم المجازر الوحشية الهمجية الرهيبة التي ارتكبت في أول عهد الثورة الفرنسية والمدبر المحرك لهذه المجازر إنما هم اليهود الذين من طبيعتهم التلذذ بما يصيب غيرهم من خراب وتدمير، والذين (تمشيًا مع هذه الطبيعة) لا يستقر بهم المقام بين غيرهم من الشعوب وإلا وشرعوا في تخريبهم وإفسادهم، كما يعرف ذلك كل شعوب العالم.
فما يحل دائمًا باليهود من نفى أو إبادة مما يتظلمون منه في كل عصر وزمان إنما هو (في الغاب) رد فعل معاكس عنيف لما يقومون به من جرائم وخيانات وأعمال تخريب وإفساد بين الشعوب التي يواطنونها ويجدون مستقرًا بينها، وما أصاب بنى قريظة على أيدى المسلمين إنما هو من صنع أولئك اليهود أنفسهم.
فكل القادة والمسئولين الحريصين على سلامة أوطانهم وشعوبهم يحاولون (منذ آلاف السنين) تطهير أوطانهم وتنقية مجتمعاتهم من هؤلاء
اليهود، لعلمهم بحقيقة نفسيات هذا النوع الخطر من البشر الذي لا يواطن أمة من غير جنسه إلا وأفسدها وأطلق (بوسائله الخاصة) به التخريب والتدمير فيها.
وبين أيدينا الآن وثيقة على غاية من الخطورة والأهمية تدين هؤلاء اليهود بالتخريب والإفساد أينما حلوا .. وأهمية هذه الوثيقة تتمثل في كون واضعها من أكبر زعماء الولايات المتحدة الأمريكية في القرن الثامن عشر وأعظم قادتها والمخلصين لها على الإطلاق وهو الرئيس (بنجامين فرنكلين).
ولأهيمة هذه الوثيقة الصادرة عن أحد روساء الولايات الأمريكية فإنا سنثبت هنا النص الحرفى الكامل للوثيقة باللغة الإنكليزية مع ترجمة لها باللغة العربية.
[نص الوثيقة باللغة الإنكليزية]