الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوتهم المالية، فصار سادات بني النضير أمثال (حُيَيّ بن أخطب وكنانة بن الربيع، وسلّام بن أبي الحُقيَق)، هم سادة خيبر الحقيقيون.
لم يتّعظ اليهود بما أصابهم في المدينة وما حل بهم من نفي نتيجة غدرهم وخيانتهم وتآمرهم، ولم يثمر اللين والتسامح الذي انتهجه النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم معهم حين اكتفى بنفيهم من المدينة وسمح لهم بنقل كل ما يقدرون على نقله من أموالهم، بل أبت طبيعة الغدر والخيانة والتآمر السابحة في دمائهم إلا أن تسير بهم في طريقهم المألوف، طريق الدس والفتنة والتآمر وإثارة الحروب ضد المسلمين.
اليهود وغزوة الأحزاب
فقد ظلت أحلام العودة إلى يثرب والسيطرة عليها من جديد تراود زعماء خيبر الجدد من سادات بني النضير المنفيين من يثرب، وزادهم تشبثًا بأحلامهم وسدورا في غيهم أن رأوا خيبر قد دانت لهم، فرأوا حولهم من القوة فيها ووحدة الكلمة ما لم يروه بين بني دينهم في يثرب، لذلك شرعوا في التآمر من جديد على المسلمين وأخذوا يُعِدون العُدة لتهيئة ضربة إلى المسلمين قرروا أن تكون قاتلة لا حياة بعدها هذه المرة.
فلم تمض على نزولهم خيبر أيام معدودات حتى شرعوا بالاتفاق مع زعماء خيبر في إعداد خطط التآمر الجديدة الموجهة ضد النبي وصحبه في يثرب، وكانت نتيجة هذا السعي والإعداد أنه لم تمض على إقامتهم في منفاهم الجديد (خيبر) أربعة أشهر حتى خرجوا
بمخطط حربي شامل رهيب علقوا أملهم في العودة إلى يثرب ومحو الوجود الإسلامي على نجاحه.
فقد أعدوا للتخلص من الإسلام والمسلمين (نهائيا) مشروع غزو شامل كبير يتلخص فيا يلي:
1 -
السعي لدى القبائل العربية المعادية للإسلام في نجد والحجاز لإثارة كوامن الحقد والبغض في نفوسها ضد المسلمين، وإغرائها بغزو المدينة للسلب والنهب والتخلص من المسلمين.
2 -
الاتصال بزعماء وقادة هذه القبائل القوية ودعوتهم وإغرائهم بالرشوة والوعود لإنشاء قوة عربية وثنية ضاربة من جميع هذه القبائل المختلفة تتحد في جيش واحد كبير تحت قيادة واحدة.
3 -
على أن يكون الهدف الرئيسى لهذه القوة الضاربة هو غزو المدينة واجتثاث جذور الإسلام ومحو كيان المسلمين فيها محوًا تامًّا.
4 -
الاتصال بزعماء يهود بني قريظة الباقين في يثرب (وعدد المقاتلين فيهم حوالي الألف) لإقناعهم بالموافقة على مشروع غزو المسلمين والانضمام إلى الجيوش الغازية إبان وصولها ضواحي المدينة، والتأكيد لزعماء القبائل العربية المعادية الغازية بأن بنى قريظة سيكون لهم عونًا على المسلمين ساعة شروعهم في غزوهم.
وعلى أساس هذا المخطط خرج من خيبر وفد يضم زعماء اليهود وعلى رأسهم قادة بنى النضير المنفيين من يثرب، يقدمهم رأس الفتنة والشر (حُيَي بن أخطب)، خرج هذا الوفد اليهودي من خيبر في شهر شعبان من السنة الرابعة للهجرة، بقصد الدعاية لهذا المشروع وتحقيقة بين العرب الوثنيين في نجد والحجاز.
وكانت الوجهة الأولى لهذا الوفد مكة المكرمة، حيث وصل إليها وأجرى محادثات مع زعمائها المشركين حول مشروع الغزو المخطط له في خيبر، وقد لقى هذا المشروع كل الترحيب والتأييد من زعماء قريش، ولم يخرج الوفد اليهودي من مكة حتى ضمن تأييد قريش لذلك المشروع العدواني بعد أن اتفق معهم على الميعاد المحدد لهذا الغزو.
وبعد أن نال المشروع اليهودي الموافقة التامة من قِبَل زعماء مكة، اتجه الوفد اليهودى ناحية قبائل نجد من غطفان وفَزارة وأشجع ومُرةً ولدى وصول الوفد إلى ديار هذه القبائل عرض على زعمائها مشروع الغزو الخطير، وبعد محادثات غير قصيرة وافقت هذه القبائل على الاشتراك في تنفيذ مشروع الغزو العدواني الخطير، ولم يعد الوفد اليهودي من رحلته إلى مكة ونجد إلا بعد أن حشد عشرة آلاف مقاتل من قريش وقبائل نجد تحركت كل هذه الآلاف نحو المدينة لغزوها وسحق المسلمين (1) فكانت غزوة الأحزاب الشهيرة التي كانت موضوع كتابنا الثالث من سلسلة (معارك الإسلام الفاصلة) والسابق لهذا الكتاب، الذي هو الكتاب الرابع من هذه السلسلة التاريخية.
وهكذا فغزوة الأحزاب الرهيبة المخيفة تلك، ليست في حد ذاتها إلا غزوة يهودية صرفة خطط لها التفكير الإسرائيلي في خيبر، وقام بتموينها المال اليهودي الذي لا يُنفق (إن أنفق) إلا على إثارة الحروب وشراء الذمم لبسط النفوذ اليهودي.
(1) انظر التفاصيل الكاملة لهذا المخطط اليهودي الخطير وتفاصيل تنقلات هذا الوفد ومحادثاته مع القبائل النجدية والقرشية في كتابنا (غزوة الأحزاب) الفصل الثاني.
ولقد كاد اليهود ينجحون في تنفيذ مشروعهم العدواني الخبيث، إلا أن الله سبحانه وتعالى حال دون تنفيذ هذا المشروع في اللحظات الأخيرة، إذ رد كيد المعتدين إلى نحورهم وحفظ الله نبيه وصحبه فعاد الغزاة يجرون أذيال الخيبة والانحدار لم ينالوا خيرًا، ونجت المدينة من خطر الاحتلال، حيث انسحبت جيوش الأحزاب الغازية بعد حصار دام حوالي شهرين من الزمن دون تحقق أي هدف من أهدافها العدوانية، كما هو مفصل في كتابنا (غزوة الأحزاب)، كما نال الخونة الغادرون من يهود المدينة جزاءهم العادل الصارم، كما سيأتي تفصيله في هذا الكتاب
…
كما مكن الله المسلمين من القضاء على قواعد العدوان اليهودي في خيبر باستيلاء المسلمين على هذه المنطقة وإبادة رؤوس الغدر والتآمر فيها الذين وضعوا مخطط مشروع غزوة الأحزاب الرهيبة كما سيأتي تفصيله إن شاء الله في كتابنا (غزوة خيبر)(1) وهو الكتاب الخامس من سلسلة (معارك الإسلام الفاصلة) الذي سيتلو هذا الكتاب مباشرة إن شاء الله.
(1) لم نتوسع في تاريخ يهود خيبر لأننا سنتعرض لذلك بالتفصيل في كتابنا (غزوة خيبر) كما سنفرد كتابًا خاصًّا عن تاريخ اليهود في جزيرة العرب إن شاء الله.