الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
89 - " بَابُ الاستِنجَاءِ بالْحجَارَةِ
"
109 -
عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
اتبَّعْتُ النَّبِيَّ وَخَرَجَ لِحَاجَتِهِ، فكانَ لَا يَلْتَفِتُ، فَدَنَوْتُ (1)
ــ
الاستنجاء باليد باليمنى، فقال:" وإذا أتى الخلاء فلا يمس ذكره بيمينه " أى بيده باليمنى " ولا يتمسح بيمينه " أي ولا يستنج بيده اليمنى أيضاً تكريماً لها عن مس الأذى. الحديث: أخرجه الخمسة، ولم يخرجه النسائي.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: كراهية الاستنجاء باليد اليمنى في قبل أو دبر وهو مذهب الجمهورَ، حيث حملوا النهي في قوله صلى الله عليه وسلم:" ولا يتمسّح بيمينه " على كراهة التنزيه. ثانياً: يكره مس الذكر باليمين. ثالثاً: النهي عن التنفس داخل الإناء أثناء الشرب خشية الإضرار بالآخرين، واختلفوا في حكمه فذهبت الظاهرية إلى أنه حرام، حيث حملوا النهي على التحريم، وذهب الجمهور إلى أنّه مكروه لأن النهي في الحديث نهي إرشاد، فيحمل على الكراهة.
والمطابقة: في قوله " ولا يتمسّح بيمينه ".
89 -
" باب الاستنجاء بالحجارة "
أي هذا باب يذكر فيه مشروعية الاستنجاء بالحجارة بدلاً عن الاستنجاء بالماء، وهو ما يسمى عند الفقهاء بالاستجمار، فالاستنجاء بالحجارة والاستجمار اسمان لمعنى واحد.
109 -
معنى الحديث: يقول أبو هريرة رضي الله عنه: " اتبعْتُ " بتشديد التاء " اتبعت النبي صلى الله عليه وسلم " أي سرت وراءه " وخرج لحاجته " أى وكان قد خرج لقضاء حاجته " فكان لا يلتفت " أي فكان من عادته وحسن
(1) دنوت منه أي اقتربت منه لأكون على استعداد لخدمته فيما يحتاج إليه واحضار طلباته.
مِنْهُ، فَقَالَ: ابغِني أحْجاراً أسْتَنْفِضْ. بِهَا أو نَحْوَهُ، ولا تأتِني بعَظْمٍ ولا رَوْثٍ، فَأتَيْتُهُ بأحْجَارٍ بِطرَفِ ثِيابِي فَوَضَعْتُهَا إلَى جَنْبِهِ، وأعْرَضْتُ عنه، فلَمَّا قَضَى أتْبعَهُ بِهِنَّ".
ــ
سلوكه أنه لا يلتفت أثناء سيره إلاّ لضرورة وحاجة لأن كثرة الالتفات دون سبب أو عذر يقتضيه لون من ألوان العبث، وأفعال العُقلاء تصان عن العبث، ثم هو يدل على الحماقة والطيش والرعونة، وحاشاه صلى الله عليه وسلم من ذلك " فقال ابغني أحجاراً أستنفض بها " بالجزم على أنه جواب الأمر، وبالرفع على الاستئناف، والاستنفاض الاستخراج قال في القاموس: استنفضه استخرجه، وبالحجر استنجي. فالاستنفاض هنا كناية عن الاستنجاء بالحجارة، أي اطلب لي ثلاثة أحجار وأحضرها لكي أستنجي بها " ولا تأتي بعظم ولا روث " أي وأنهاك عن أن تحضر لي شيئاً من العظم أو الروث (1) لأنه لا يجوز الاستنجاء بهما لنجاسة الروث، وعدم صلاحية العظم للانقاء وإزالة النجاسة وتنظيف المحل، قد يكون هذا هو سبب النهي عنهما - أو لأنهما طعام المؤمنين من الجن كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة، فقد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أن وفد الجن قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد إنه أمتك عن الاستنجاء بالعظم والروث، لأن الله تعالى جعل لنا فيه رزقاً، فنهاهم عن ذلك، وقال:" إنّه زاد إخوانكم من الجن " رواه أبو داود (2). قال: " فأتيتهُ بأحجار طرف ثيابي " أي فأتيته ببعض الأحجار أحملها في طرف ثوبي " وأعرضت عنه " أي ابتعدت عنه " فلما قضى " أي فلما انتهي من قضاء حاجته " أتبعه بهن " وهو كناية عن الاستجمار أي فلما
(1) وهو رجيع ذوات الحافر.
(2)
شرح صحيح البخاري للشيخ قاسم الشماعي الرفاعي.