الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - " بَابُ الإيمَانِ، وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خمْس
"
7 -
عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِىَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "بُنِي الإسْلَامُ عَلَى خَمس، شَهَادَةِ أنْ لَا
ــ
2 -
باب الإِيمان، وقول النبي صلى الله عليه وسلم " بني الِاسلام على خمس "
7 -
الحديث: أخرجه الشيخان.
ترجمة راوي الحديث: هو عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل العدوي القرشي، أسلم قديماً قبل البلوغ، وهاجر مع النبي صلى الله عليه وسلم وعرض عليه ببدر وأحد فاستصغره، ولم يأذن له، وأجازه في الخندق، وهو أحد الستة المكثرين في الحديث، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ألفاً وستمائة وثلاثين حديثاً، اتفقا على سبعين ومائة، وانفرد البخاري بواحد وثمانين حديثاً، وكان كثير الاتباع لآثار النبي صلى الله عليه وسلم شديد الاحتياط والتوقي لدينه، توفى رضي الله عنه سنة 73 هـ، وهو آخر صحابي توفي بمكة.
معنى الحديث: يقول النبي صلى الله عليه وسلم " بني الإِسلام على خمس " أي أن الإِسلام لا يقوم ولا يتحقق كاملاً إلاّ بهذه الأعمال الخمسة، كما لا يقوم البيت من الشعر إلاّ على خمس دعائم، الدَّعامة الوسطى، وبقية الدعائم الأربعة في أطرافه " شهادة أن لا إله إلاّ الله، وأن محمداً رسول الله " روي بالجر والرفع، ومعناه أن أحدها شهادة أن لا إله إلاّ الله، وأن محمداً رسول الله، أي أن العمل الأول من أعمال الإِسلام الشهادتان، وهما العنصر الأساسي الذي لا يتحقق إسلام العبد إلاّ بوجوده، فمن لم يأت بالشهادتين لا يكون مسلماً أصلاً، فكما يَسْقُطُ البيت إذا سقطت دعامته الوسطى، كذلك يبطل إسلام المرء إذا لم يأت بالشهادتين. أما إذا أَتى بهما، وقصَّرَ في بقية الأعمال الأربعة، فإنه لا يبطل إيمانه، ولا يكفر وإنما يكون مؤمناً فاسقاً. ومعنى
إِلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ مُحَمَّداً رَسولُ الله، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الَزّكَاةِ، والْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ".
ــ
الشهادتين: أن ينطق العبد بشهادة أن لا إله إلاّ الله، وأن محمداً رسول الله، معترفاً بوحدانية الله، ورسالة محمد بن عبد الله، مصدقاً بقلبه بهما، معتقداً لمعناهما، عاملاً بمقتضاهما، هذه هي الشهادة التي تنفع صاحبها في الدار الآخرة، فيفوز بالجنة، وينجو من النار. أما مجرد النطق بالشهادتين، والانقياد لشرائع الإِسلام ظاهراً مع عدم اعتقادها باطناً، فإن ذلك لا ينفع صاحبه في الدار الآخرة، ولا ينجيه من النار (1). لأنَّ الشهادة التي نطق بها لسانه دون موافقة القلب عليها لا ينطبق عليها معنى الشهادة الذي هو الإِخبار عن أمر متيقن قطعاً، ولا تتوفر فيها شروط الشهادة التي هي العلم واليقين والاعتقاد والصدق والإخلاص، فلا بد في الشهادة من اعتقاد القلب بها، وإيمانه بمعناها، ويؤكد ذلك ما جاء في رواية أخرى للبخاري " بني الإِسلام على خمس، إيمان بالله ورسوله " وفي رواية مسلم " على أن يعبد الله ويكفر بما دونه ".
" وإقام الصلاة " أي والثاني من أركان الإِسلام " إقام الصلاة " يعني المحافظة على أداء الصلوات الخمس في أوقاتها بشروطها وأركانها الخ، " وإيتاء الزكاة " أي وثالث أركانه إيتاء الزكاة أي إخراج الزكاة المفروضة، وصرفها لمستحقيها، " والحج " أي ورابع أركان الإِسلام الحج إلى بيت الله الحرام مرة واحدة في العمر على من استطاع إليه سبيلاً " وخامسها " وهو آخر الأركان " صوم رمضان " وسيأتي مفصلاً شرح هذه الأركان.
(1) قال في " فتح المجيد ": فلا بد في الشهادتيْن من العلم واليقين، والعمل بمدلولهما، كما قال تعالى:(فاعلم أنه لا إله إلا الله) أما النطق بها من غير معرفة لمعناها، ولا يقين ولا عمل بما تقتضيه من البراءة من الشرك وإخلاص القول والعمل وقول القلب واللسان وعمل القلب واللسان فغير نافع بالإجماع. فإنَّ الشهادة لا تصح إلا إذا كانت عن علم ويقين وصدق وإخلاص.
ويستفاد من الحديث ما يأتي: أولاً: أن أركان الإِسلام تنقسم إلى أربعة أقسام " منها " ما هو عمل لساني قلبي، وهو الشهادتان، إذ لا بد فيهما من نطق اللسان وتصديق الجنان. " ومنها " ما هو عمل بدني، وهو الصلاة والصوم " ومنها " ما هو مالي محض، وهو الزكاة. " ومنها " ما هو عمل بدني مالي، وهو الحج. ثانياً: قال العيني: يدل ظاهر الحديث على أن الشخص لا يكون مسلماً عند ترك شيء من هذه الأركان، لكن الإجماع منعقد على أن العبد لا يكفر بترك شيء غير الشهادتين اتفاقاً، وغير الصلاة عند أحمد، وبعض المالكية اللهم إلاّ إذا تركه جاحداً. والأدلة على كفر تارك الصلاة كثيرة، منها قوله صلى الله عليه وسلم " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " أو قال، وهي عامة في كل من ترك الصلاة ولو كسلاً، ومما يؤكد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:" رأس الأمر الإِسلام، وعموده الصلاة " فإنه يدل على عظم شأن الصلاة، وأن مكانها من الدين مكان العمود من الفسطاط - أي الخيمة - فكما أن عمود الفسطاط إذا سقط سقط الفسطاط، فكذلك إذا فقدت. الصلاة سقط دين تاركها (1)، فلم يبق له دين، لأن مجرد ترك الصلاة كفر، يخرج من الملة (2). وهذا دليل على ما ذهب إليه الإِمام أحمد وغيره من أنه إذا تركها كسلاً فهو كافر، فإن قوله عمودها الصلاة يدل على أن المراد فعل الصلاة، وليس المراد الإِقرار بها، فإن المبتدأ والخبر معرفتان يقتضيان الحصر وأنها وحدها عمود الدين. وأما من جحد وجوبها فقد كفر إجماعاً وإن فعلها، أن جحد شيء مجمع عليه ومعلوم من الدين بالضرورة كفر عند أئمة الإِسلام. والمطابقة: في كون الترجمة جزءاً من الحديث.
(1)" حاشية الثلاثة الأصول " للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن قاسم النجدي الحنبلي.
(2)
وهناك نصوص أخرى تدل على أن مجرد ترك الصلاة ليس بكفر مخرج عن الملة. (ع).