الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
176 - " بَابٌ إن صَلَّى في ثَوْبٍ مُصَلَّبٍ أو تصَاوِيرُ هَلْ تفْسُدُ صَلَاتُهُ وَمَا يُنْهي عَن ذَلك
"
215 -
عن أنسٍ رضي الله عنه قَالَ:
كَانَ قِرَامٌ لعَائِشَةَ سَتَرَتْ بِهِ جَانِبَ بَيْتهَا، فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" أمِيطِي عَنَّا قرامَكِ هَذَا، فَإِنَّهُ لا تَزَال تَصَاوِيرُهُ تعرِضُ لي ".
ــ
أي فإنما كرهتها لأنها كادت أن تشغلني عن الصلاة لا أنهَا شغلته بالفعل، لأنه صلى الله عليه وسلم معصوم من ذلك. أو أن معناه: فإني خفت أن تشغلني بها أثناء صلاتي. الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أنه يكره كل ما يشغل، عن الصلاة من الألوان الجميلة والنقوش المزخرفة في الثوب أو البساط أو الجدار لأنّها تحول دون الخشوع في الصلاة. ثانياً: مشروعية التهادي بين الاخوان. ثالثاً: صحة الصلاة في ثوب، أو على بساط مزخرف بنقوش جميلة مع الكراهية لأنه صلى الله عليه وسلم أتم صلاته في الخميصة، ولم يقَطعها. والمطابقة: في قولها: " صلى في خميصة لها أعلام ".
176 -
" باب إذا صلى ثوب مصلّب أو تصاوير هل تفسد صلاته؟ وما ينهي عن ذلك "
آي باب يذكر فيه حكم الصلاة في الثوب المصور بصلبان أو صور أخرى، هل يجوز ذلك أم لا؟ والحديث لم يذكر فيه الصلبان، وإنما ألحقها بالصور، لأن كلّاً منها عُبد من دون الله.
215 -
معنى الحديث: يقول أنس رضي الله عنه: " كان قرام لعائشة " أي ستار رقيق منقوشة عليه بعض الصور " سترت به جانب بيتها "
أي خزانة صغيرة لها " فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أميطي عنا قرامك " أي فأمرها صلى الله عليه وسلم بإزالته وعلل ذلك بقوله: " فإنها لا تزال تصاويره تعرض لي " أي تظهر أمام عيني في الصلاة فأخاف أن تلهيني.
ويستفاد من الحديث ما يأتي: أولاً: النهي عن الصلاة في الغرفة التي فيها تصاوير سواء كانت في ستار أو بساط أو تحف زخرفية لقوله صلى الله عليه وسلم: أميطي عنا قرامك هذا " لأنها تحول دون حضور القلب، وتشغل عن الخشوع في الصلاة قال شيخ الإِسلام ابن تيميّة في " اختياراته الفقهية ": " والمنصوص عن أحمد والمذهب الذي عليه عامة الأصحاب كراهة دخول الكنيسة المصورة، والصلاة فيها، وفي كل مكان فيه تصاوير، أشد كراهة.
هذا هو الصواب الذي لا ريب فيه. اهـ (1). وأما حكم الصلاة فيها، فإنّها تصح مع الكراهة، لكونه صلى الله عليه وسلم لم يعد صلاته. قال ابن بطال في قوله صلى الله عليه وسلم " أميطي عنا قرامك هذا ": وهذا كله على الكراهة فإن من صلى فيه فصلاته مجزئة، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يعد الصلاة، ولأنه صلى الله عليه وسلم ذكر أنها عرضت له، ولم يقل إنها قطعتها، ومن صلى بذلك أو نظر إليه فصلاته مجزئة عند العلماء. اهـ.
كما نقله عنه العيني في شرح البخاري ج 4. ثانياً: النهي عن تصوير الصور الحيوانية، واتخاذها وتزيين البيوت بها، قال الإِمام النووي في شرح مسلم: " قال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وغيرهم: تصوير صورة الحيوان حرام شديد التحريم وهو من الكبائر، لأنّه متوعَّدٌ عليه بالوعيد الشديد سواء صنعه بما يمتهن أو بغيره، وسواء كان في ثوب أو بساط أو درهم أو دينار أو فلس أو إناء أو حائط أو غيرها، وأما تصوير صورة الشجر ورحال الإِبل وغير ذلك مما ليس صورة حيوان فليس بحرام. هذا حكم نفس التصوير، وأما اتخاذ الرجل صورة حيوان فإن كان معلقاً في حائط أو ملبوساً أو عمامة أو نحو ذلك مما لا يعد ممتهناً
(1)" كتاب الاختيارات الفقهية ".
فهو حرام، وإن كان في بساط يداس ومخدة ووسعادة ونحوها مما يمتهن فليس بحرام. اهـ. وأما الشافعية فقد حرموا الصور مطلقاً كما نقله عنهم العيني حيث قال:" وأما الشافعيّة فإنهم كرهوا الصور مطلقاً سواء كانت على الثياب أو على الفرش والبسط ونحوها، واحتجوا بعموم الأحاديث الواردة في النهي عن ذلك، ولم يفرقوا في ذلك والله تعالى أعلم. وأما حديث بسر (1) بن سعيد، عن زيد بن خالد، عن أبي طلحة أنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة " ثم قال بسر: ثم اشتكى زيد فعدناه، فإذا على بابه ستر فيه صورة، فقلت لعبيد الله الخولاني، ربيب ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: ألم يخبرنا زيد عن الصور يَوْمَ الأوَّل فقال عبيد الله: ألم تسمعه حين قال إلاّ رقماً في ثوب. الذي أخرجه البخاري وأبو داود واستدل به بعض أهل العلم على جواز الصور غير المجسمة فقد فسره الإِمام النووي بالصور الطبيعية والنباتية. حيث قال: " يجمع بين الأحاديث بأن المراد باستثناء الرقم في الثوب ما كانت الصور فيه من غير ذوات الأرواح، كصورة الشجرة، وقال: ويحتمل أن يكون ذلك قبل النهي كما يدل عليه حديث أبي هريرة قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتاني جبريل فقال لي: أتيتك البارحة، فلم يمنعني أن أكونَ دخلت إلاّ أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب، فَمُرْ برأس التمثال الذي في البيت يقطع فيصير كهذه الشجرة، ومر بالستر فليقطع، فليجعل منه وسادتين منبوذتين توطآن، وتخرج الكلب " ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي، فإن الله قد أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بقطع الستار الذي فيه الصور الحيوانية المنقوشة وجعله وسادتين. الحديث: أخرجه أيضاً النسائي. مطابقة الحديث: في كونه بمنزلة الجواب للترجمة.
(1) بضم الباء الموحدة وسكون السين.