الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
140 - " بَابُ مَنِ اغْتَسَلَ عُرْيَاناً وَحْدَهُ في الْخلْوَةِ وَمَنْ تسَتر فالتَّسَتُّرُ أفضل
"
169 -
عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً، ينْظرٌ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْض، وكان مُوسَى يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ، فقالُوا: وَاللهِ مَا يَمْنَعُ موسَى أنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إِلَّا أنه آدَرُ، فذَهَبَ مَرَّة يَغْتَسِلُ، فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ، فَفَرَّ الْحَجَرُ بِثَوْبِهِ فخرَجَ مُوسَى في إِثْرِهِ يَقُولُ: ثَوْبِي يَا حَجَرُ ثَوْبِى يَا حَجَرُ، حَتَّى نَظرتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إلى مُوسَى، فَقَالُوا: وَاللهِ
ــ
فكبر" تكبيرة الإحرام ولم يعد الإقامة " وصلينا معه " صلاة الفجر.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: أن من تذكر الجنابة في المسجد فإن عليه أن يخرج منه، ولا يجب عليه التيمم قبل الخروج، وهو مذهب الجمهور كما ترجم له البخاري ودل عليه الحديث خلافاً للثوري وأبي حنيفة حيث قالوا: يجب عليه التيمم قبل الخروج. ثانياً: جواز الفصل بين الإِقامة والصلاة بفعل أو قول يتعلق بمصلحة الصلاة، ولا تجب إعادة الإقامة، وهو مذهب الجمهور. الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي. والمطابقة: في كونه صلى الله عليه وسلم ذكر الجنابة فخرج من المسجد دون أن يتيمم.
140 -
" باب من اغتسل عرياناً وحده في الخلوة
…
إلخ "
169 -
معنى الحديث: يقول النبي صلى الله عليه وسلم كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة " أي يغتسل بعضهم مع بعض عراة فيرى كل واحد منهم عورة الآخر، ولا يرون في ذلك بأساً " وكان موسى يغتسل وحده " أي يختلي وينفرد وحده عند الاغتسال يستر عورته عن الناس حياءً واحتشاماً وامتثالاً
مَا بِمُوسَى من بَأْسٍ، وأخَذَ ثَوْبَهُ فَطفِقَ بالْحَجَرِ ضَرْباً". فَقَالَ أبو هُرَيرَةُ: واللهِ إنَّهُ لنَدَبٌ بالْحَجَرِ سِتَّة أوْ سَبْعَة ضَرْباً بالحْجَرِ".
ــ
لأمر الله لأن شريعته كانت تأمر بذلك " فقالوا: والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلاّ أنه آدر " أي فقالوا بناءً على ظنهم الكاذب: والله لم يعتزل موسى عنا عند اغتساله إلاّ لأنه آدر - أي منتفخ الخصيتين، فهو يستتر ليخفي عن الناس هذه العاهة الجسمية الموجودة خشية الفضيحة، " فذهب مرة يغتسل فوضع ثوبه على حجر " أي فأراد الله تعالى أن يبرأ موسى عليه السلام مما قالوا، ويكشف لهم عن سلامة جسمه من جميع العيوب البدنية، فذهب موسى كعادته ليغتسل وحده، فخلع ثوبه ووضعه على حجر، فهرب الحجر بثوبه، ليتم ما أراده الله " فخرج موسى في إثره " بكسر الهمزة وسكون الثاء، وحكى فتحمها، أي فخرج موسى من المكان الذي كان يغتسل فيه يسير وراء الحجر، وهو " يقول ثوبي يا حجر " أي أعطني ثوبى يا حجر، ورأى اليهود موسى وهو عار من ثيابه، وظهرت لهم براءته وسلامته من العيوب الجسمية، والأمراض البدنية " فقالوا: والله ما بموسى من بأس " أي فتبين لهم كذب ظنهم في موسى فأقسموا على خلوه من كل عيب وعاهة. " فطفق بالحجر ضرباً " أي فأخذ موسى بضرب ذلك الحجر ضرباً شديداً لأنه كان سبباً في ظهور عورته " والله إنه لَنَدَبٌ " (1) أي والله إن آثار الضرب ظاهرة على الحجر " ستة أو سبعة " أي بحيث يتبين للناظر عددها ستة آثار أو سبعة آثار. الحديث: أخرجه الشيخان. والمطابقة: في كونه اغتسل وحده عرياناً.
(1) بفتح النون والدال.
170 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه:
عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قالَ: " بَيْنَا أيوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانَاً فخرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ من ذَهَب فجَعَلَ أيُّوبُ يَحْتَثِي في ثَوْبِهِ فَنَادَاهُ رَُّبهُ يا أيوبُ ألمْ أكُنْ أغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى، قَالَ: بَلَى وعِزَّتِكَ، ولكِنْ لَا غِنَى لِي عَنْ بَرَكَتِكَ ".
ــ
170 -
معنى الحديث: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " بينا أيوب يغتسل عرياناً " أي بينما كان يغتسل وحده عرياناً " فخر عليه جراد من ذهب " أي فسقط عليه جراد من الذهب اختباراً له، ومعجزة من معجزاته عليه السلام، " فجعل أيوب يحتثي (1) في ثوبه " أي يجمع تلك القطع الذهبية التي تساقطت عليه في ثوبه " فناداه ربه " معاتباً له " ألم أكن أغنيتك عمَّا ترى؟ قال: بلى وعزتك! ولكن لا غنى لي عن بركتك " أي فأجاب أيوب بذلك الجواب السديد. -ونعم الناصر الجواب الحاضر- فقال: بلى أغنيتني بفضلك الواسع فأنعمت على بالصحة بعد المرض، وبالغنى بعد الفقر، وبالسلامة من العاهات البدنية التي كنت أعانيها مدة من الزمان، فطهّرت جسمي منها ولكن هذا الذهب نعمة من نعمك، وخيرٌ من عندك، فكيف أستغني عن خيرك ونعمتك، وأنا لما أنزلت إلي من خير فقير. الحديث: أخرجه البخاري والنسائي. والمطابقة: في قوله: " بينا أيوب يغتسل عرياناً ".
ويستفاد من الحديثين: جواز التعرّي عند الخلوة، لأنَّ شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يدل الدليل على نسخه، وقد قال عز وجل:(أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده).
(1) بالحاء الساكنة.