الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
172 - " بَابُ مَا يَسْتُر مِنَ الْعَوْرَةِ
"
209 -
عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه:
أَنَّهُ قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عنِ اشْتِمَالِ الصَّمَاءِ وأن يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ في ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ علَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيءٌ ".
ــ
مغشياً عليه" أي فسقط الإِزار، وظهر شيء من عورته صلى الله عليه وسلم دون قصد منه، فاشتد عليه الأمر حتى أغمي عليه من شدة خجله وحيائه وخر مغشياً عليه، وعند ذلك نزل الملك فشدّه عليه كما في رواية أخرى في غير الصحيحين.
الحديث: أخرجه الشيخان.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: وجوب ستر العورة، وتحريم التعرّي مطلقاً في الصلاة أو في غير الصلاة، كما ترجم له البخاري، وذلك لأن ستر العورة كما في " فيض الباري ":" أول فرائض الإيمان، وهو شرط لصحة الصلاة، وفرض عين في خارجها ". ثانياًً: عصمته صلى الله عليه وسلم عن القبائح قبل البعثة وبعدها، وأنه كان محمياً عن مساوىء الجاهلية قبلِ النبوة. والمطابقة: في قوله: فسقط مغشياً عليه فما رؤي بعد ذلك عرياناً.
172 -
" باب ما يستر العورة "
209 -
معنى الحديث: يقول أبو سعيد رضي الله عنه: " نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اشتمال الصماء " وهو كما يقول أهل اللغة أن يلف بالثوب جسده كله ويسد المنافذ جميعها فلا يبقى ما يخرج منه يده حتى يصير كالصخرة الصماء، أما الفقهاء فيقولون اشتمال الصماء هو أن يلتحف المرء بالثوب الضيق ثم يضع طرفيه على منكبيه فتنكشف عورته أثناء الصلاة، وهذا الفعل هو المنهي عنه في الحديث. أي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن الالتحاف بالثوب الضيق
210 -
عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
" نَهَى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عَن بَيْعَتَيْنِ عَنِ اللِّمَاس والنِّبَاذِ، وأنْ يَشْتَمِلَ الصَّمَّاءَ، وَأن يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ في ثَوْبٍ وَاحِدٍ ".
211 -
عَن أبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
بَعَثَنِي أبو بَكْرٍ رضي الله عنه في تِلْكَ الْحَجَّةِ في مُؤَذِّنين يَوْمَ النَّحْرِ
ــ
في الصلاة، لما يؤدي إليه من انكشاف العورة أثناءها سيما في الركوع " وأن يَحْتَبي الرجل في ثوب واحد ليس على فَرجِهِ منه شيء " وكذلك نهي النبي صلى الله عليه وسلم على أن يجلس الرجل على إليتيه وينصب ساقيه ملتحفاً بثوب واحد ضيق فتظهر عورته، أما إذا كان الثوب واسعاً فلا مانع من ذلك. الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي وابن ماجة. والمطابقة: في قوله: " نهي عن اشتمال الصماء " حيث إنه إنما نهى عن ذلك لئلا تنكشف العورة، فدل ذلك على وجوب ما يسترها من الثياب.
210 -
معنى الحديث: يقول أبو هريرة: " نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيعتين عن اللماس " بكسر اللام، وهو بيع الثوب بمجرد لمسه دون النظر إليه، " والنباذ " أو المنابذة وهو بأن يقول: بعتك من هذه الثياب ما وقعت عليه الحصاة التي أرميها، أمّا اشتمال الصماء والاحتباء، فقد تقدم شرحهما في الحديث السابق. الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي وابن ماجة. والمطابقة: في كونه صلى الله عليه وسلم إنما نهي عن اشتمال الصماء والحبوة لما فيهما من كشف العورة.
211 -
معنى الحديث: يقول أبو هريرة رضي الله عنه: " بعثني أبو بكر رضي الله عنه في تلك الحجة " التي كانت في السنة التاسعة من الهجرة، والتي أناب النبي صلى الله عليه وسلم فيها أبا بكر ليحج بالناس وعينه أميراً عليهم " في مؤذنين "
نُؤَذِّنُ بِمِنىً: ألا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْركٌ، ولا يَطُوفُ بالْبَيْتِ عُرْيَان، ثمَّ أرْدَفَ رَسُولُ اللهَ صلى الله عليه وسلم عَلياً رضي الله عنه، فأمرَهُ أنْ يؤَذِّنَ بِـ (بَرَاءَةٌ)، قال أبو هُرَيرَةَ: فأذَّن مَعَنَا في أهْلِ مِنىً يَوْمَ النَّحْرِ لَا يَحُجُّ بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ، ولا يطُوفُ بالْبَيْتِ عُرْيَانٌ.
ــ
أي أرسلني في مجموعة من الرجال نُنادي في الناس، ونعلن لهم الأحكام الجديدة التي شرعها الله لهم وهي " ألا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عُريان، ثم أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً "، أي ثم أرسل النبي صلى الله عليه وسلم علياً وألحقه بنا " فأمره أن يؤذن في الناس ببراءة " أي فأمره أن ينادي في الناس بالآيات المذكورة في أول سورة التوبة والتي تبدأ بقوله تعالى:(بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) وتتضمن إلغاء المعاهدات المطلقة مع الكفار، وعدم تجديد المعاهدات المؤقتة، وأن لا يحج بعد العام مشرك إلى غير ذلك من الأحكام " فأذن معنا عليّ في أهل مني يوم النحر ألا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان " كما كانت قريش تفرض على غيرها من القبائل. الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي.
والمطابقة: في قوله: " ولا يطوف بالبيت عُرْيان ".
ويستفاد من أحاديث الباب ما يأتي: أولاً: أن ستر العورة فرض مطلقاً وشرط لصحة الصلاة والطواف، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن اشتمال الصماء لما فيه من كشف العورة، وكذلك نهي عن الحبوة للسبب نفسه، والنهي عن الشيء أمرٌ بضده، ولأنه نهى عن التعري في الطواف، وهذا يدل على أن ستر العورة شرط لصحة الطواف. ثانياً: تحريم الحبوة واشتمال الصماء في الثوب الضيق إذا أدّى ذلك إلى كشف العورة سواء كان داخل الصلاة أو خارجها كما أفاده العيني. ثالثاً: النهي عن كل عمل يؤدّي إلى كشف العورة قياساً على اشتمال الصماء والحبوة.