الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
122 - " بَابُ أبوَالَ الإِبلَ والدَّوَابِ وَالْغنَمَ وَمَرَابِضِهَا
"
146 -
عن أنس رضي الله عنه قَالَ:
قَدِمَ نَاسٌ مِنْ عُكْل أوْ عُرَيْنَةَ فاجْتَوَوُا الْمَدِينة فأمَرَهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِلِقَاحٍ، وأنْ يَشْرَبُوا مِنْ أبوَالِهَا وألبَانِهَا، فانْطَلَقُوا، فَلَمَّا صَحُّوا قَتَلُوا الرَّاعِي واستَاقُوا النَّعَمَ، فَجَاءَ الْخَبرُ فِي أوَّلِ النَّهَارِ، فَبَعَثَ في آثارِهِمْ، فلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهَارُ جيءَ بِهِمْ، فأمَرَ بِقَطعِْ أيدِيهِم وأرجُلِهِم، وسُمِّرَتْ أعيُنُهُمْ، وألقُوا في الحَرَّةِ يَستَسقُونَ فلا يُسْقَونَ.
ــ
لما جاء في الرواية الأخرى عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تفركه من ثوب النبي صلى الله عليه وسلم. الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود والترمذي.
والمطابقة: في قول عائشة رضي الله عنها " كنت أغسل الجنابة من ثوب النبي صلى الله عليه وسلم ".
122 -
" باب أبوال الإِبل والدواب والغنم ومرابضها "
146 -
معنى الحديث: يقول أنس رضي الله عنه: " قدم ناس من عكل " وهي قبيلة من تيم " أو عرينة " وهي حيٌّ من قضاعة، أي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من هاتين القبيلتين متظاهرين بالإِسلام " فاجتووا المدينة " أي فأقاموا مدة مع النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة ثم شكوا المرض وأنّ جو المدينة لا يلائمهم صحياً " فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بلقاح " بكسر اللام جمع لقوح، وهي الناقة الحلوب من الإِبل، أي فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يلحقوا بنياق حلوب له خارج المدينة، وأن يذهبوا إليها، ويقيموا عندها " وأن يشربوا من أبوالها وألبانها " لأنّها علاج وشفاء " فلما صحّوا " أي فلما شفوا من مرضهم " قتلوا الراعي، واستاقوا النعم " بفتح النون والعين أي ساقوا الإِبل، وهربوا بها،
فقابلوا الإحسان بالإساءة، والمعروف بالنكران " فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع أيديهم وأرجلهم، وسمرت أعينهم " أي كحلت بالمسامير. الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي. والمطابقة: في كونه صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يشربوا من أبوالها، - وهذا دليل طهارتها.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: قال العيني: استدل مالك بهذا الحديث على طهارة بول ما يؤكل لحمه، سواء كان من الإبل أو الغنم أو غيرها من الدواب، وبه قال أحمد ومحمد بن الحسن والاصطخري والروياني الشافعيان، وهو قول الشعبي وعطاء والنخعي والزهري وابن سيرين والثوري، وقال أبو حنيفة والشافعي وأبو يوسف وآخرون كثيرون: الأبوال كلها نجسة إلاّ ما عفي عنه، وأجابوا عنه بأن ما في حديث العُرَنيين قد كان للضرورة، فليس فيه دليل على أنه يباح في غير حال الضرورة، لأنّ ثمة أشياء أبيحت في الضرورات ولم تبح في غيرها كما في لبس الحرير، فإنه حرام على الرجال، وقد أبيح لبسه في الحرب أو للحكة أو لشدة البرد إذا لم يجد غيره، وله أمثال كثيرة في الشرع. وقال ابن حزم صح يقيناً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أمرهم بذلك على سبيل التداوي (1) من السقم الذي كان أصابهم، وأنهم صحت أجسامهم بذلك، والتداوي منزلة ضرورة، وقد قال عز وجل:(إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) فما اضطر المرء إليه فهو غير محرم عليه من المآكل والمشارب.
ثانياً: مشروعية معاقبة المحاربين، وهو موافق لقوله تعالى:(إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتّلوا أو يصلّبوا)
…
إلخ.
…
(1) شرح العيني ج 3.
147 -
عَنْ أنس رضي الله عنه قَالَ:
كَانَ النبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي قَبْلَ أنْ يُبْنَى الْمَسْجِدُ في مَرَابِضِ الْغَنَمِ.
ــ
147 -
معنى الحديث: يقول أنس رضي الله عنه: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قل أن يبني المسجد " أي قبل أن يتم بناء مسجده الشريف " في مرابض الغنم " أي في مواضع نومها ليلاً، أو في أماكن شربها، يعني أنه كان صلى الله عليه وسلم لا يرى مانعاً من الصلاة في مباركها عند نومها، أو في المواضع التي تشرب فيها، علماً بأنها لا تخلو من بعرها وبولها. الحديث: أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي. والمطابقة: في قوله: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في مرابض الغنم " لأنّه يدل على جواز الصلاة في مرابضها، وطهارة أبوالها كما ترجم له البخاري.
ويستفاد من الحديث ما يأتي: أولاً: جواز الصلاة في مرابض الغنم مطلقاً، وهو مذهب الجمهور. قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه العلم على إباحة الصلاة في مرابض الغنم إلاّ الشافعي فإنه قال: لا أكره الصلاة في مرابض الغنم إذا كان سليماً من أبعارها وأبوالها، وقال ابن بطال: حديث الباب حجة على الشافعي رضي الله عنه (1)، لأن الحديث ليس فيه تخصيص موضع من آخر، ومعلوم أن مرابضها لا تسلم من البعر والبول، فدل على الإباحة. ثانياً: طهارة أبوال الغنم - لأن النبي صلى الله عليه وسلم أباح الصلاة في مرابضها وهي كما قال ابن بطال " لا تسلم من البعر والبول " فدل على الإباحة، وعلى طهارة البول والبعر. وقال ابن حزم: هذا الحديث منسوخ، لأنّ فيه أن ذلك كان قبل أن يبني المسجد، فاقتضى أنه في أوّل الهجرة، ولكن يرد عليه ما جاء في حديث أبي زرعة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه: قال " الغنم من دواب الجنة، فامسحوا رغامها، وصلوا في مرابضها " أخرجه البيهقي.
(1) شرح العيني ج 3.