الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
61 -
عنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيع رضي الله عنه قَالَ:
عَقَلْتُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَجَّةً مَجَّهَا في وَجْهِي وأنا ابْنُ خَمْسِ سِنين مِنْ دَلْوٍ".
49 - " بَابُ فضْلِ مَنْ عَلِمَ وَعَلَّمَ
"
62 -
عَنْ أبِي مُوسَى رضي الله عنه:
عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَثَلُ ما بَعَثَنِي اللهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ،
ــ
61 -
معنى الحديث: يقول محمود بن الربيع رضي الله عنه:
" عقلت من النبي صلى الله عليه وسلم مجة مجها في وجهي " أي حفظت في ذاكرتي رشة من الماء رشها رسول الله صلى الله عليه وسلم من فمه في وجهي "وأنا ابن خمس سنين " أي وأنا حينئذ صبي صغير لم أتجاوز الخامسة من عمري. الحديث: أخرجه أيضاً النسائي وابن ماجة.
ويستفاد من الحديثين ما يأتي: أولاً: جواز سماع الصغير وتحمله الحديث إذا كان متمكناً من ضبطه، ولا يشترط البلوغ، لأن السلف قبلوا رواية ابن عباس وابن الربيع مع صغر سنهما. ثانياًً: أن مرور الحمار بين يدي المصلي لا يقطع الصلاة، لأن ابن عباس مر أمام بعض الصف بحماره، والنبي صلى الله عليه وسلم بغير سترة، ولم يأمرهم صلى الله عليه وسلم بالإِعادة. مطابقة الحديثين للترجمة: في قبول أهل العلم لحديث ابن عباس وابن الربيع وهما صغيران.
49 -
" باب فضل من عَلِم وعَلّم "
62 -
معنى الحديث: شبه النبي صلى الله عليه وسلم هذا العلم الشرعي المستمد من كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بغيْث عميم، ومطر غزير، نزل على أنواع مختلفة من الأرض في جدبها وخصبها، " فكان منها نقية " أي فكان البعض
كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أصَابَ أرْضاً، فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّة قَبِلَتِ الْمَاءَ، فأنبهتَتِ الْكَلأ وَالْعُشْبَ الكَثِير، وكانَتْ مِنْهَا أجَادِبُ، أمْسَكَتْ الْمَاءَ، فَنَفعَ اللهُ بهَا النَّاسَ، فَشرَبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا، وَأصَابَ مِنْهَا طَائِفَةً أخْرَى، إنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لَاتُمْسِكُ مَاءً، وَلَا تُنْبِتُ كَلأ، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ في دِين اللهِ وَنَفَعَهُ ما بَعَثَنِي بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بذَلِكَ رَأسَاً ولَمْ يَقْبَل هُدَى اللهِ الذي أرْسِلْتُ بِه".
ــ
منها أرضاً خصبة نقيّة من الحشرات والديدان، التي تفتك بالزرع. " قبلت الماءَ فأنبتت الكلأ والعشب الكثير " أي شربت مياه الأمطار، فأنبتت النبات رطباً ويابساً، فاستفادت في نفسها نضرةً وجمالاً، وأفادت الإِنسان والحيوان غذاءً وكساءً. " وكانت منها أجادب " أي وكان بعضها أرضاً صلبة مجدبة، لا تنبت زرعاً، ولكن فيها غدْرَانٌ " أمسكت الماء " فكانت بمثابة خزانات ضخمة، حفظت الماء، وأمدت به غيرها " فنفع الله بها الناس، فسقوا " مواشيهم " وشربوا "" منها ما يرويهم " وزرعوا " أي وحولوا الماء إلى أرض خصبة فزرعوها، فهي وإن لم تنتفع بالغيث في نفسها، إلاّ أنها نفعت غيرها من الإنسان والحيوان. " وأصاب منها طائفة أخرى " أي وأصاب ذلك الغيث نوعاً آخر من الأرض " إنما هي قيعان " أي أرض مجدبة مستوية لا غدران فيها " لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأ " أي فهي لا تحفظ الماء لاستواء سطحها، ولا تنبت العشب لجدبها وصلابتها فلم تنتفع بذلك الغيظ في نفسها، ولم تنفع غيرها فهي شر أقسام الأرض وأخبثها. ثم بيّن النبي صلى الله عليه وسلم لنا في بقية الحديث هذه الأمثلة ووضّحها لنا بقوله: " فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم " أي فتلك (1) الأرض الخصبة النقية هي
(1) وذلك لأن اسم الإشارة يعود إِلى صنفين من الأرض هما: النقية، والأجادب.
مثل العالم المتفقه في دين الله العامل بعلمه المعلم لغيره، وتلك الأجادبُ التي تحفظ الماء لغيرها هي مثل العالم الذي يعلم غيره، ولا يعمل بعلمه، فهو كالشمعة تضيء لغيرها. وتحرق نفسها " ومثل من لم يرفع بذلك رأساً، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به " أي وأمّا القيعان التي لا تمسك ماء، ولا تنبت كلأ، فإنها مثل لصنفين من الناس: أولهما: المسلم الجاهل، أو المسلم العالم الذي لم يعمل بعلمه، ولم يعلمه غيره، وهو المقصود بقوله:" من لم يرفع بذلك رأساً ". وثانيهما: الكافر الذي لم يدخل في الدين أصلاً وهو المعني بقوله: " ولم يقبل هدى الله ". الحديث: أخرجه الشيخان.
ويستفاد ما يأتي: أولاً: أن الناس ازاء هذا العلم الشرعي والاستفادة منه على أربعة أقسام: عالم عامل معلّم لغيره، وهو أشرف الأقسام، ومن ورثة الأنبياء، وعالم يعلّم غيره ولا يعمل بعلمه، فهذا ينفع الناس ولا ينفع نفسه، ويكون علمه حجة عليه، ومسلم جاهل أو عالم لا يعلم غيره، ولا يعمل بعلمه، هذا شرٌ ممن سبق، وكافرٌ لم يدخل في هذا الدين أصلاً فهذا هو أخبث الأقسام وشرها وأشقاها. ثانياً: فضل من علم وعمل وعلّم لأن النبي صلى الله عليه وسلم شبهه بخير أجزاء الأرض وأشرفها وأزكاها وهي " الأرض النقية ".
والمطابقة: في قوله صلى الله عليه وسلم: " فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلّم ".
***