الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
55 - " بَابُ التَّنَاوُبِ في طَلَبِ الْعِلْمِ
"
70 -
عنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ أنا وَجَارٌ لي من الأنْصَارِ في بَنِي أمَيَّة بْن زَيْدٍ، وهيَ مِنْ عَوالِي الْمدِينَةِ، وكُنَّا نتَنَاوبُ النُّزولَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَنْزِلُ يَوْمَاً وَأنْزِلُ يَوْماً، فإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ بِخَبَرِ ذَلِكَ اليَوْمِ مِنَ الْوَحْيِ وَغَيْرِهِ، وإذا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَنَزَلَ صَاحِبي الْأَنْصَارِيُّ يَوْمَ نَوْبَتِهِ، فَضَربَ بَابِي ضَرْباً شَدِيداً، "فَقَالَ: أثَمَّ هُوَ؟ ففَزِعْتُ، فخَرَجْتُ إِليْهِ، فقَالَ: قَدْ حَدَثَ أمْرٌ عَظِيْم، قَالَ: فدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فإِذَا هِيَ تَبْكِي، فَقُلْتُ: طَلَّقَكُنَ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟
ــ
للترجمة: في قوله: فركب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة.
55 -
" باب التناوب في طلب العلم "
70 -
معنى الحديث: يقول عمر رضي الله عنه: " كنت أنا وجار لي من الأنصار " وهو عتبان بن مالك رضي الله عنه " في بني أمية بن زيد " أي نسكن في هذه القبيلة التي تقع منازلها بالعالية " وكنا نتناوب النزول على رسول الله " أي ينزل مرة وأنزل مرة، لأنّ ظروف العمل لا تمكن كل واحد منا من الذهاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ العلم منه يومياً " فنزل صاحبي الأنصاري يوم نوبته فضرب بابي ضرباً شديداً " أي فلما رجع من المدينة دق الباب بشدة على خلاف عادته، " ففزعت " أي فخشيت أن يكون قد وقع مكروه، لأنهم كانوا يتوقعون هجوماً مفاجئاً من ملك غسان " فقال حدث أمر عظيم " فسأله عمر: هل جاءت غسان، فقال عتبان: أعظم من ذلك، طلّق رسول الله نساءه، " فدخلت على حفصهٌ فإذا هي تبكي " أي فنزلت المدينة فوجدت حفصة تبكي " ثم دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم " وكان معتزلاً في مشربة بفتح
قَالَتْ: لَا أدرِي، ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقلْتُ وأنا قَاِئمٌ: أطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟ قَالَ: لا. فَقُلْتُ اللهُ أكبَرُ.
ــ
الميم وسكون الشين وضم الراء، أي في غرفة صغيرة، وقال عمر في رواية فانطلقت، فأتيت غلاماً أسود فقلت: استأذن لعمر قال: فدخل، ثم خرج فقال: قد ذكرتك فلم يقل شيئاً، فانطلقت إلى المسجد، فإذا حول المسجد نفر يبكون، فجلست إليهم، ثم غلبني ما أجد، فأتيت الغلام واسمه رباح، فقلت: استأذن لعمر، فدخل، ثم خرج إليَّ قال: قد ذكرتك له فلم يقل شيئاً، فانطلقت إلى المسجد فجلست ثم غلبني ما أجد، فأتيت الغلام، فقلت: استأذن لعمر، فدخل ثم خرج إلي فقال: ذكرتك له فلم يقل شيئاً، قال: فوَلَّيت منطلقاً، فإذا الغلام يدعوني، فقال: ادخل فقد أذن لك، قال: فدخلت فإذا النبي صلى الله عليه وسلم متكىء على حصيره، فرأيت أثره في جنبه " فقلت وأنا قائم: أطلقت نساءك؟ قال: لا فقلت: الله أكبر " أي فاطمأنت نفسه، وجاشت مشاعره بهجة وسروراً، فكبر من شدة الفرح.
ويستفاد من الحديث ما يأتي: أولاً: عناية الصحابة رضي الله عنهم بأخبار النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، وأخبار المسلمين عامة، سيما أخبار الوحي الإِلهي، وما ينزل به من الشرائع والأحكام، بدليل قول عمر رضي الله عنه " فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره ". ثانياً: الترغيب في طلب العلم، والحرص على حضور مجالسه مهما كانت الظروف، فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تكن تمنعهم أعمالهم عن حضور هذه المجالس، حتى أن عمر كان يتناوب مع جاره الأنصاري الحضور إلى النبي صلى الله عليه وسلم لسماع حديثه، وأخذ العلم عنه، فهذا يدل على مشروعية التناوب في العلم لأصحاب الأعمال كما ترجم له البخاري. الحديث: أخرجه الشيخان والنسائي والترمذي.
والمطابقة: في قوله " كنا نتناوب النزول
…
إلخ ".