الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
170 - " بَابُ الصَّلَاَةِ في الجُبَّةِ الشامِيَّةِ
"
207 -
عنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه قَالَ:
كُنْتُ مَعَ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ، فقالَ: يَا مغُيرَةُ! خُذِ الإدَاوَةَ،
ــ
شاملا يستر جسمهم. " كهيئة الصبيان " أي كما كان يفعل الصبيان الصغار في ذلك الزمن " ويقال للنساء لا ترفعن رؤوسكن حى يستوي الرجال جلوساً " أي ويؤمر النساء أن لا يرفعْن رؤوسهن من السجود حتى ينهض الرجال من السجود، ويعتدلوا في جلوسهم، لئلا يرين عورات الرجال إذا رفعن رؤسهن من السجود قبلهم، كما جاء مصرحاً به في رواية أحمد حيث قال:" كراهية أن يرين عورات الرجال ". الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي. والمطابقة: في قوله: " عاقدي أزرهم ".
ويستفاد من الحديثين ما يأتي: أولاً: جواز الصلاة في الثوب الواحد، فإنْ كان واسعاً اشتمل به، أي لفَّ جسمه به، وخالف بين طرفيه، فوضع طرفه الأيمن على عاتقه الأيسر، وطرفه الأيسر على عاتقه الأيمن، ثم عقد طرفي الثوب على صدره. وإن كان ضيقاً اتزر به، ولا يلتحف به، لئلا تظهر عورته عند الركوع أو السجود كما قال صلى الله عليه وسلم " وإن كان ضيقاً اتزر به ".
ثانياً: ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفقر والفاقة، وخشونة العِيش حتى أنهم لا يجدون إلاّ ثوباً واحداً لا يكاد يستر عوراتهم.
170 -
" باب الصلاة في الجبة الشامية "
207 -
معنى الحديث: يقول المغيرة رضي الله عنه " كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر " أي كنت مسافراً مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة من غزواته، وهي غزوة تبوك، وكانت في السنة التاسعة من الهجرة " قال: يا مغيرة خذ الإداوة " بكسر الهمزة، وفتح الدال، وهي وعاء صغير يوضع فيه الماء للوضوء
فأخَذْتهَا، فانْطَلَقَ رَسول اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تَوَارَى عَنِّي فَقَضَى حَاجَتَه، وَعَلَيْهِ جبَّة شَامِيَّة، فَذَهَبَ لِيُخْرِجَ يَدَة مِنْ كُمِّهَا فضَاقَتْ، فأخْرَجَ يَدَة مِنْ أسْفَلِهَا فَصَبَبْت عَلَيْهِ، فَتَوَضَّأ وضوءَة لِلصَّلَاةِ، وَمَسَحَ عَلَى خفَّيْهِ (1) ثمَّ صَلَّى.
ــ
ونحوه " فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توارى عنِّي " أي فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم سيراً طويلاً وقطع مسافة كبيرة، حتى ابتعد عني واختفى عن عيني، فأصبحتُ لا أراه، " فقضى حاجته " هناك بعيداً عني، " وعليه جبة شامية " أي وكانت عليه جبة منسوجة في بلاد الشام، وهي من تلك الثياب التي يلبسها النصارى، لأنّ بلاد الشام حينذاك كانت تحت حكم الروم، وأهلها من النصارى " فذهب ليخرج يده من كمِّها فضاقت " أي فحاول النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج يده من كُمِّها فلم يستطع ذلك لشدة ضيقه " فصببت عليه فتوضأ وضوءه للصلاة " أي فتوضأ وضوءه الشرعي الذي يفعله للصلاة.
الحديث: أخرجه الشيخان وابن ماجة.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: جواز الصلاة في ملابس الكفار سواء كانت جبة أو ثوباً أو عباءة أو سروالاً أو سواه ما لم يتحقق من نجاستها، لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم صلّى في الجبة الشامية التي كانت في ذلك العصر من لباس النصارى، فدل ذلك على جواز الصلاة في ملابسهم، والمسألة خلافية بين الفقهاء، فروي عن مالك أنه لا يصلى في ثيابهم، وأنه إن صلى فيها أعاد في الوقت، وروي عن أبي حنيفة كراهية الصلاة فيها ما لم تغسل وأجاز غيرهم الصلاة فيها كما أفاده الحافظ. ثانياً: مشروعية التستر عند قضاء الحاجة، والابتعاد عن الناس، وفي الحديث عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم
(1) أي اكتفى بمسح خفيه عن غسل رجليه.