الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
14 - " بَابُ تفَاضُلِ أهْلِ الإيمَانِ
"
20 -
عَنْ أبي سَعِيد الْخُدْرِي:
عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " يَدْخُلُ أهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وأهْلُ النَّارِ النَّارَ، ثُمَّ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى أخرِجُوا مَنْ كَانَ في قَلْبِهِ مِثْقَالَ حَبَّةِ خَرْدَل مِنْ إيمَان،
ــ
العبد أكثر علماً كان أكثر طاعة وعبادة وتقوى.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: أن أعلم الناس بالله تعالى هو نبينا صلى الله عليه وسلم وبقية الأنبياء. ثانياًً: أن من السنة الاقتصاد في النوافل على قدر الطاقة لأن إرهاق النفس بالعبادة يؤدي إلى كرهها والانقطاع عنها. والمطابقة: في قوله: " إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا ".
14 -
باب تفاضل أهل الإِيمان
20 -
الحديث: أخرجه الشيخان.
معنى الحديث: يقول النبي صلى الله عليه وسلم " يدخل أهل الجنة الجنة " أي. يدخل المؤمنون من أهل الجنة الجنة، بفضل الله ورحمته ثم بسبب أعمالهم الصالحة، " وأهل النار النار " أي ويدخل المؤمنون من أهل النار النار لمجازاتهم على سيئاتهم " ثم يقول " الله عز وجل:" أخرجوا " من النار " من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان " أي أخرجوا من النار كل من عمل مقدار حبة خردل من أعمال الإيمان بعد التوحيد والتصديق بما جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم أمَّا من نقص شيئاً من التوحيد، أو أنكر شيئاً مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه لا يدخل في ذلك، ولا يخرج من النار، بل يخلد فيها، لأن التوحيد والتصديق القلبي لا يقبل التجزئة، فمن نقض منه شيئاً فهو كافر مخلد في النار، وقد نبه على ذلك العيني حيث قال:" واعلم أن المراد بالخردلة ما زاد عن أصل التوحيد، وقد جاء في الصحيح بيان ذلك، ففي رواية البخاري "أخرجوا
فَيَخْرُجُون منها قدِ اسْوَدَّوا، فيُلْقَوْنَ في نهر الحَيَاةِ فينبتون كما تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِى جَانِبْ السَّيْلِ، ألمْ تَرَ أنَهَا تَخْرُجُ صَفْرَاءَ مُلْتَوِيَةً".
ــ
من قال لا إله إلاّ الله وعمل من الخير" ثم بعد هذا يخرج منها من لم يعمل خيراً " فيخرجون منها قد اسودوا فيلقون في نهر الحياة " الذي من غمس فيه حَيي إلى الأبد " فينبتون كما تنبت الحبة " بكسر الحاء، أي كما تنبت البذرة المزروعة " ألم تر أنها تخرج صفراء ملتوية " أي ألا ترى كيف تخرج من الأرض عند بدايتها صفراء اللون جميلة المنظر منعطفة الأوراق، ثم تتمدد وتتفتح أوراقها بعد ذلك، وهذا مما يزيد الرياحين حسناً " كما أفاده القسطلاني.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: تفاضل أهل الإيمان في درجات إيمانهم، وذلك بسبب تفاضل أعمالهم، كما ترجم له البخاري، وأن الإيمان يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، وهو مذهب أهل السنة والحديث، حجة ظاهرة لهم لأنه دل على أن من المؤمنين من يقل عمله حتى يكون كالخردلة، فينقص إيمانه تبعاً لذلك، وكل شيء قابل للنقص قابل للزيادة. ثانياً: أن مرتكب الكبيرة لا يخلد في النار، ولا بخرج من الملة خلافاً للخوارج، لقوله صلى الله عليه وسلم " أخرجوا من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان ". ثالثاً: أن مرتكب المعاصي معرض للعقوبة في الدار الآخرة، ودخول النار، إلاّ أن يعفو الله عنه، لقوله صلى الله عليه وسلم " فيخرجون منها وقد اسودوا " خلافاً للمرجئة الذين يقولون لا يضر مع الإِيمان ذنب، حيث صرح في هذا الحديث أنّ العصاة يدخلون النار حتى تسوّد وجوههم. المطابقة: في كونه يدل على أنّ الإِيمان يتفاوت في القلة والكثرة وهو عين التفاضل كما أفاده العيني.
***
21 -
عَنْ أبي سَعِيْدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " بَينَا أنا نَائِمٌ رَأيت النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَليَّ وَعَلَيْهِمْ خُمُصٌ، مِنْها ما يَبْلُغُ الثَّدْيَ، ومنها مَا دُونَ ذَلِكَ، وَعُرِضَ عَليَّ عُمَرُ ابْنُ الخَطَّابِ وعليْهِ قَمِيص يَجُرُّهُ " قَالُوا: فَما أوَّلْتَ ذلِكَ؟ قَالَ: " الدِّينَ ".
ــ
21 -
الحديث: أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي.
معنى الحديث: يقول النبي صلى الله عليه وسلم " بينا أنا نائم رأيت الناس يعرضون علي وعليهم قمص "، أي بينما كنت نائماً رأيت الناس أثناء نومي وهم يمرون من أمامي وعليهم أقمصة مختلفة الأطوال " منها ما يبلغ الثدي " بضم الثاء وكسر الدال وتشديد الياء أي من الناس من تصل قمصهم إلى ثُدِيّهم " ومنها ما دون ذلك " أي ومن هذه القمص ما هو أقصر من ذلك " وعرض علي عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره " أي وعليه قميص طويل يسحبه " قالوا فما أوّلت ذلك " أي بماذا فسّرت ذلك " قال الدين " بالنصب على المفعولية أى فسّرت القميص بالدين، لأنه يستر المؤمن، ويصونه من النار كما يستر القميص البدن. والمطابقة: في قوله " فما أولت ذلك قال الدين ".
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: تفاضل أهل الإيمان في إيمانهم كتفاضل أصحاب القمص (1) في قمصهم فكما أن تلك القمص التي رآها صلى الله عليه وسلم في منامه تزيد وتنقص، ومنها الأطول والأقصر، فكذلك الإيمان يزيد وينقص. ثانياًً: أن رؤيا الأنبياء كلها حق، ولذلك استدل النبي صلى الله عليه وسلم برؤياه على زيادة إيمان عمر رضي الله عنه.
(1) لأن النبي صلى الله عليه وسلم فسر القمص المختلفة الأطوال التي يزيد بعضها وينقص بعضها بالدين - أي الإيمان. وفسر طول قميص عمر بزيادة إيمانه فدل على أن الإيمان يزيد وينقص.