الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
18 - " بَاب إذا لَمْ يَكُن الإِسْلَامُ علَى الْحَقِيقَةِ، وكَانَ عَلى الإسْتِسْلَامِ أو الْخوفِ مِنَ القَتْلِ
"
25 -
عَنْ سَعْدِ بْنِ أبي وَقَّاص رضي الله عنه:
أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أعطى رَهْطَاً وَسَعْدٌ جَالِسٌ، فَتَرَكَ رَسُولُ اللهِ
ــ
لحاجتهم إليه، ثم قدم الحج بعد ذلك لأنه فرض عين، والجهاد فرض كفاية.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: استدل به البخاري على أن العمل ركن من أركان الإِيمان، كما أن القول باللسان والتصديق بالقلب ركنان منه لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل في هذا الحديث عن أفضل الأعمال، أجاب بأن أفضل الأعمال، إيِمان بالله ورسوله، فدلّ ذلك على أن الإِيمان عمل، كما أنه تصديق وقول. " قال القسطلاني: وغرض البخاريِ وغيره من هذا الباب إثبات أن العمل من أجزاء الإِيمان رداً على من يقول إن العمل لا دخل له في ماهية الإيمان " اهـ والقول بأن العمل جزء من الإِيمان هو قول أكثر أهل العلم خلافاً لأَبي حنيفة ومن وافقه. ثانياًً: أهمية الجهاد، ومكانته في الإِسلام، حتى أنه يقدم أحياناً على الحج الذي هو أحد أركان الإِسلام الخمسة، وذلك عند الحاجة إليه كما تقدم في هذا الحديث؟ والمطابقة: في اطلاق العمل على الإيمان كما أفاده العيني.
18 -
باب إذا لم يكن الإِسلام على الحقيقة وكان على الاستسلام أو الخوف من القتل
25 -
الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود.
ترجمة راوي الحديث: هو سعد بن أبي وقّاص بن وهيب بن عبد مناف ابن زهرة بن كلاب القرشي، أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الستة أصحاب الشورى، يلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في كلاب، الأب الخامس له، أسلم
- صلى الله عليه وسلم رَجُلاً هُوَ أعْجَبُهْم إليَّ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا لَكَ عَنْ فُلَان؟ فَوَاللهِ إنِّى لأرَاهُ مُؤْمِنَاً، فَقَالَ:" أوْ مُسْلِمَاً " فَسَكَتُّ قَلِيلاً، ثُمَّ غَلَبَنِي
ــ
قديماً وهو ابن أربع عشرة سنة، وقال رضي الله عنه: إني لثالث الإِسلام، هاجر إلى المدينة قبله صلى الله عليه وسلم وشهد المشاهد كلها، وكان مجاب الدعوة لقوله صلى الله عليه وسلم اللهم استجب لسعد إذا دعاك، فكان لا يدعو إلاّ استجيب له كما في حديث الترمذي، وهو فارس الإِسلام وأوّل من رمى بسهم في سبيل الله، وكان رئيس القادة في فتح العراق، فتح المدائن وبني مدينة الكوفة، وصار والياً عليها في عهد عمر وعثمان وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم (270) حديثاً اتفقا منها على خمسة عشر وانفرد البخاري بخمسة، ومسلم بثمانية عشر. مات بقصره في العقيق سنة سبع وخمسين هـ وهو يومئذ والي المدينة ودفن (1) بالبقيع.
معنى الحديث: يحدثنا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى رهطاً " أي الجماعة من المؤلفة قلوبهم، والرهط من ثلاثة إلى عشرة " وسعد جالس فترك رجلاً هو أعجبهم إليّ " أي أفضلهم عندي إيماناً وصلاحاً، " فقلت: يا رسول الله: ما لك عن فلان "؟ أي أي شيء منعك عن إعطائه " فوالله إني لأراه مؤمناً " أي فإني أعتقد إيمانه، وأقطع به، وأقسم عليه " فقال: أوْ مسلماً " بسكون الواو، أي لا تسرع بالحكم عليه بالإِيمان، ولا تقطع له أو لغيره به، لأن الإِيمان أمر غيبي قلبي، ولا يلزم من إسلامه في الظاهر إيمانه في الباطن فقد يكون مسلماً على غير الحقيقة، ناطقاً بالشهادتين، منقاداً لشعائر الإِسلام خوفاً من سلطة المسلمين، وهو في الباطن كافر منكر لعقائد الإِسلام، فلا يكون مؤمناً، ولكنا نسميه مسلماً، ونحكم بإسلامه باعتبار ظاهره، وقد أُمِرْنا أن نحكم بالظاهر. فحسبك يا
(1) شرح العيني على البخاري، ج 1.
ما أعْلَمُ مِنْهُ، فعُدْتُ لِمَقَالَتِي، فَقُلْتُ: مَا لَك عَنْ فُلَان، فواللهِ إنِّي لأرَاهُ مُؤمِنَاً، فقالَ:" أوْ مُسْلِماً " فَسَكَتُّ قَلِيلاً، ثُمَّ غَلَبَنِي ما أعْلَمُ مِنْهُ، فَعُدْتُ لِمَقَالَتِي، وَعَادَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ:" يَا سَعْدُ إنِّي لأعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُه أحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ خَشْيَةَ أنْ يَكُبَّهُ اللهُ في النَّارِ ".
ــ
سعد أن تصفه بالإِسلام، لتكون صادقاً بارَّاً بقسمك في جميع الأحوال، فإن كان مؤمناً حقاً صدق عليه اسم الإِسلام، لأن كل مؤمن مسلم، وإن كان غير مؤمن حقاً صدق عليه اسم الإسلام، باعتبار أن الحكم على ظاهره، والله يتولى السرائر أما إذا وصفته بالإِيمان، وكان إسلامه على غير الحقيقة، أي بلسانه فقط فقد كذبت في وصفك، وحنثت في يمينك " فسكت قليلاً ثم غلبني ما أعلم منه " من الإِيمان والصلاح " فعدت لمقالتي، فقلت: مالك عن فلان، فوالله إني لأراه مؤمناً فقال: أو مسلماً. فسكت قليلاً ثم غلبني ما أعلم منه فعدت لمقالتي، وعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم " ومعناه أن سعداً أعاد سؤاله ثلاث مرات وكان صلى الله عليه وسلم يجيبه في كل مرة بقوله: " أوْ مسلماً " أي لو قلت إني لأراه مسلماً لكان أفضل " ثم قال: يا سعد إني لأعطي الرجل، وغيره أحب إلي منه خشية أن يكبه الله في النار " أي ثم خاف النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون سعد قد أساء الظن بهذا الرجل، وشك في إيمانه بسبب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُعْطِهِ، فقال له: لا تظن أنني لم أعطه لضعف إيمانه، لأنني قد أدع الرجل القوي الإِيمان، فلا أعطيه شيئاً ثقة بإيمانه ويقينه، وأعطي الرجل الضعيف الإِيمان تأليفاً له، لئلا يرتد فيقع في النار. والمطابقة: في قوله " أوْ مسلماً " حيث نهاه عن القطع بإيمانه، لأنه قد يكون إسلامه على غير الحقيقة.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: أن الإِسلام قد يكون على الحقيقة وذلك إذا كان باللسان والقلب معاً، والظاهر والباطن جميعاً فيكون إسلاماً وإيماناً.