الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
165 - " بَابٌ إِذَا خاف الْجُنُبُ علَى نفْسِهِ الْمَرضَ أو الْمَوْت، أو خاف الْعَطَشَ تيَمَّمَ
"
197 -
قَالَ الْبُخَارِي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:
ــ
فرق بين تراب وغيره، خلافاً للشافعي فالصعيد يشملها جميعاً كما ترجح عند أهل اللغة حتى قال الزجاج: لا أعلم فيه خلافاً عند أهل اللغة، ويؤكد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر رضي الله عنه " وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً " قال النووي: احتج به مالك وأبو حنيفة في جواز التيمم بجميع أجزاء الأرض. وقال ابن عبد البر: أجمع العلماء على أن التيمم بالتراب ذي الغبار جائز، وعند مالك يجوز بالتراب والرمل والحشيش والشجر والثلج، والمطبوخ كالجص والآجر. وقال الثوري والأوزاعي: يجوز بكل ما كان على الأرض حتى الشجر والثلج، ونُقِل عن ابن علية جوازه بالمسك والزعفران.
ويجوز التيمم عند الحنفية بالتراب والرمل والحجر الأملس المغسول والجص والنورة، والزرنيخ، والكحل والكبريت والتوتياء والحائط المطيّن والمجصص والياقوت والزمرد، والفيروزج والمرجان والملح الجبلي، ولا يجوز بالزجاج ولا بالذهب والفضة .. إلخ، كما أفاده العيني. ثانياً: معجزة النبي صلى الله عليه وسلم الظاهرة التي تجلّت في تكاثر الماء، حتى شرب منه الجيش كله. ثالثاً: تقدير الصحبة وحفظ الجميل الذي يتضح لنا من فعل هؤلاء الصحابة الأوفياء حيث كانوا يغيرون على من حولها ولا يغيرون على قومها. الحديث: أخرجه الشيخان والدارقطني. والمطابقة: في قوله: " عليك بالصعيد الطيب ".
165 -
" باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت أو خاف العطش تيمم "
أي هذا باب يذكر فيه أن الجنب يجوز له أن يتيمم عند وجود الماء إذا
ويُذْكَرُ أن عَمْرو بْنَ الْعَاصِ أجنَبَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ، فَتَيَمَّمَ وَتَلَا (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) فَذَكَرَ ذلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُعَنِّف.
ــ
خاف أن يحدث له من الماء ضرر في نفسه إما بحدوث مرض متلف، أو موت محقق أو عطش بأن لا يكون لديه إلاّ قليل من الماء، فإذا اغتسل به عطش ولم يجد غيره، فإنه يجوز له التيمم في هذه الحالات، ولو مع وجود الماء لفقده القدرة على استعماله.
197 -
معنى الحديث: أن البخاري رحمه الله يروي هذا الحديث عن عمرو بن العاص معلقاً بدون سند (1) فيقول: " ويذكر أن عمرو بن العاص أجنب في ليلة باردة " أي أصابته الجنابة في غزوة ذات السلاسل بسبب الاحتلام وكان ذلك في ليلة باردة شديدة البرد، فخاف على نفسه إن هو اغتسل بالماء البارد في هذا البرد القارس أن يصيبه المرض لا محالة، أو يهلك برودة الماء " فتيمم " بدل أن يغتسل خوفاً على نفسه من المرض أو الموت، وصلّى بالصحابة صلاة الصبح " وتلا (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) أي وقرأ قوله تعالى:(وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) بارتكاب ما يؤدي إلى هلاكها (إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) ولذلك فإنه لم يكلفهم ما لا يطيقون، واستدل عمرو بهذه الآية على أنه يجوز له في هذه الحالة التيمم بدلاً عن الغسل وقاية لنفسه من الهلاك، لأن الله تعالى يقول:(وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)" فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم " أي فذكر عمرو ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بما حدث له، ورُوي بضم الذال، أي فذكر ذلك الصحابة للنبي
(1) وقد رواه موصولاً أبو داود في سننه، كما أخرجه الحاكم وابن حبان والبيهقي، وحسنه المنذري كما في المنهل العذب ج 3.
- صلى الله عليه وسلم عند رجوعهم، وأخبروه بما وقع من عمرو بن العاص " فلم يُعنف " أي فلم يَلُمْهُ بعد أن سأله وعرف حقيقة أمره ووجهة نظره وصحة فعله، كما جاء في رواية أخرى أنه قال: احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت إن اغتسلتُ أن أهلك، فتيمَّمْتُ ثم صليت بأصحابي الصبح، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا عمرو أصليت بأصحابك وأنت جنب؟ "، فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال، وقلت: إني سمعت الله يقول: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئاً " أخرجه أبو داود والحاكم والبيهقي.
ويستفاد من الحديث ما يأتي: أولاً: أنه يجوز للجنب التيمم مع وجود الماء عند الخوف من حدوث المرض أو زيادته (1) لأن عمراً تيمم بدلاً عن الغسل بسبب شدة البرد، خوفاً على نفسه من الهلاك، وأقره النبي صلى الله عليه وسلم على فعله هذا، ولم يعنفه. ثانياًً: جواز الاجتهاد في زمنه صلى الله عليه وسلم. الحديث: أخرجه موصولاً أبو داود وابن حبان والحاكم والبيهقي. والمطابقة: في قوله: " فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنفه ".
…
(1) أو خشي على نفسه الخطر والهلاك والموت كما ترجم له البخاري.