الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
72 - " بَابُ مَن سأل وهو قائم عالماً جالساً
"
92 -
عَنْ أبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ:
ــ
يتيمين تحته كنز لهما، وكان أبوهما صالحاً فأراد الله أن يحفظه لهما، فأقمت ذلك الجدار امتثالاً لأمر ربي " قال النبي صلى الله عليه وسلم يَرْحَمُ الله موسى لوددنا لو صبر " أي أحببت وتمنيت لو صبر مع العبد الصالح، ولزمه مدة أكثر " حتى يقص علينا من أمرهما " أي حتى يقص علينا أشياء كثيرة مما وقع لهما.
الحديث: أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي.
ويستفاد منه: فوائد كثيرة: منها. فضيلة العلم، والرحلة في طلبه، فإن موسى صلى الله عليه وسلم رحل مسافات طويلة ولقي النصب في طلبه. ومنها: التأدب مع المعلم، والتلطف في مخاطبته لقول موسى (هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشداً) حيث أخرج الكلام بصورة الملاطفة والمشاورة فاستأذن منه في مصاحبته وأقر أنه يتعلم منه علماً هو في حاجة إليه يستفيد منه ويسترشد به. ومنها: تواضع الفاضل للتعلم ممن دونه، وذلك ليأخذ منه العلم الذي مهر فيه، وان كان دونه في العلم والفضل بدرجات كثيرة، فلا شك أن موسى أفضل من الخضر، ولكن لما كان عند الخضر من هذا العلم الخاص ما ليس عند موسى حرص على التعلم منه (1). ومنها: أنه ينبغي للعالم مهما بلغ من العلم إذا سئل أي الناس أعلم أن يكل العلم إلى الله تواضعاً وتأدباً فيقول: الله أعلم. والمطابقة: في قوله: " فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه تعالى ".
72 -
" باب من سأل وهو قائم عالماً جالساً "
92 -
معنى الحديث: يقول أبو موسى رضي الله عنه: "جاء رجل
(1) تفسير للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي القصيمي.
جَاءَ رَجُل إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ ما القِتالُ في سَبيلِ اللهِ؟ فَإِنَّ أحَدَنَا يُقَاتِلُ غَضباً، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً، فَرَفَعَ إلَيْهِ رَأسَهُ، قَالَ: وما رَفَعَ إليه رأسَهُ إلَّا أنه كَانَ قائِمَاً فَقَالَ: مَنْ قَاتَل لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ في سَبِيل واللهِ".
ــ
إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما القتال في سبيل الله" أي ما هو الجهاد الصحيح الذي تُنَالُ به الشهادة والفوز بدار الكرامة " فإن أحدنا يقاتل غضباً ويقاتل حمية " أي فإن البعض يقاتل مدفوعاً بدافع الغضب والرغبة في الانتقام، ويريد أن يثأر من عدوه، والبعض يقاتل أنفةً وغيرة ودفاعاً عن قومه " فرفع إليه رأسه، قال: وما رفع إليه رأسه إلا أنه كان قائماً " أي فرفع النبي صلى الله عليه وسلم إلى السائل رأسه متهيئاً لإجابته، لأن السائل كان قائماً " فقال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا " أي من كان غايته ونيته من قتاله أن تصبح كلمة التوحيد هي الكلمة النافذة في هذه الأرض التي لها سلطانها الذي لا يرد، وسيطرتها التي لا تحد " فهو في سبيل الله " أي فهو المجاهد الحقيقي الذي إن قتل نال الشهادة، وإن رجع رجع بأجر وغنيمة. الحديث: أخرجه الخمسة. والمطابقة: في قوله: إلا أنه كان قائماً.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: أن النية الصالحة شرط لقبول العمل عند الله، فالمقاتل لا ينال الشهادة، ولا يقبل قتاله إلاّ إذا قصد به نصرة الدين، والدفاع عن كلمة التوحيد. ثانياً: أنه يجوز أن يسأل السائل وهو قائم عالماً جالساً لقوله " فرفع إليه رأسه وما رفع إليه رأسه إلا أنه كان قائماً " وهو ما ترجم له البخاري.
***