الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
28 - " بَابٌ أحَبُّ الدِّينِ إلى اللهِ أَدْوَمُهُ
"
35 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:
أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا وعِنْدَهَا امْرَأة فَقَالَ: " مَنْ هَذِه؟ " قَالَتْ: فُلَانَةُ تَذْكُرُ مِنْ صَلَاتِهَا، قَالَ: "مَهْ عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقونَ، فَوَاللهِ لا يَمَلُّ
ــ
للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: " الإِسلام يَهْدِم ما كان قبله ". ثانياً: أن كل كبيرة عدا الشرك قابلةٌ للعفو والغفران، لقوله صلى الله عليه وسلم "والسيئة بمثلها إلاّ أن يتجاوز الله عنها" أي إلا أن يعفو الله عنها فلا يعاقب عليها. وهو مصداق قوله تعالى (إن الله لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) فما من كبيرة بعد الشرك بالله مهما عظمت إلاّ وعفو الله أعظم منها وقد جاء في الحكم " لا صغيرة إذا قابلك عدله، ولا كبيرة إذا واجهك فضله "، وذلك لقوله تعالى:(قل يا عباديَ الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إنّ الله يغفر الذنوب جميعاً، إنّه هو الغفور الرحيم) لكن العبد يجب أن يكون بين الخوف والرجاء، لأنهما جناحا المؤمن. والمطابقة: في كون الترجمة جزءاً من الحديث.
28 -
" باب أحبُّ الدين إلى الله أدومه "
35 -
الحديث: أخرجه الشيخان والنسائي ومالك.
معنى الحديث: تحدثنا عائشة رضي الله عنها " أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، دخل عليها وعندها امرأة " أي وعندها امرأة من بني أسد اسمها الحولاء بنت تويت بضم التاء وفتح الواو وبالتاء في آخره، " قال: من هذه؟ قالت: فلانة تذكر من صلاتها " أي فقالت هذه فلانة وسمتها باسمها حال كونها مادحة
اللهُ حَتَّى تَمَلُّوا" وَكَانَ أحَبَّ الدِّينِ إليهِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ".
ــ
لها، ذاكرة كثرة صلاتها وعبادتها، وأطنبت في مدحها، وبالغت في الثناء عليها، حتى قالت في رواية:" هذه فلانة أعبد أهل المدينة " وقالت في رواية أخرى: " هذه الحولاء لا تنام الليل فكره ذلك النبي صلى الله عليه وسلم حتى عرفت الكراهية في وجهه " أخرجه مالك في الموطأ، فلما قالت عائشة فيها ما قالت، ووصفتها بما لا تستحقه، " قال النبي صلى الله عليه وسلم: مه " (1) أي كفِّي عن إطرائك لهذه المرأة، ومبالغتك في مدحها والثناء عليْها، بما لا تستحقه من الثناء، لمخالفتها السنة الصحيحة، فإن الدين في متابعة النبي صلى الله عليه وسلم، والعمل بسننه، وليس من السنة إحياء الليل كله، ولا من الإِسلام التشديد على النفس وإرهاقها بالعبادة، ولكن " عليكم بما تطيقون " أَي افعلوا ما تقدرون عليه من الصيام والقيام، ولا تشقوا على أنفسكم فإنّ الدين يسر، ولن يشادّ هذا الدين أحدٌ إلَّا غَلَبهُ " فوالله لا يمل الله حتى تملوا " أي لا يقطع الله عنكم الثواب حتى تسأموا من العمل، فإذا فتر النشاط قلَّ الثواب، ومتى انقطع انقطع الثواب أيضاً. قالت عائشة رضي الله عنها " وكان أحب الدين إليه ما داوم عليه صاحبه " أي وكان أحب العبادة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأفضلها لديه العبادة المستمرة الدائمة، ولو كانت قليلة، لأن العبادة رياضة روحية، فكلما كانت أدوم كانت أجدى نفعاً وتهذيباً لنفس صاحبها، ومثل العبادة كما يقول الإِمام الغزالي مثل الماء إذا قطر على الحجارة قطرة قطرة ولم يزل كذلك فإنه يثقبها " أي يخرقها " بخلاف ما إذا صب صباً، فإنه لا يؤثر فيها، وهو مصداق قول الشاعر:
(1)" مه " اسم فعل أمر، إن دخله التنوين كان نكرة معناه كف عن الحديث أي حديث كان، وإن لم يدخله التنوين كان معرفة، ومعناه كف عن حديثك هذا، وحيث لم يدخله هنا التنوين فهو اسم معرفة معناه كفي عن حديثك هذا الذي بالغت فيه في مدح هذه المرأة.