الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
19 - " بَابُ كُفْرَانِ العَشِير وَكُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ
"
26 -
عنِ ابْنِ عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ:
قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: " أرِيتُ النَّارَ، فإِذَا أكثَرُ أهلِهَا النِّسَاءُ يَكْفُرْنَ "
ــ
وقد يكون الإِسلام على غير الحقيقة، وذلك إذا كان ظاهرياً باللسان فقط، مع إنكار القلب. فلا يكون إيماناً، وإن كان يسمى إسلاماً، باعتبار الظاهر وهو ما ترجم له البخاري بقوله " باب إذا لم يكن الإِسلام على الحقيقة ".
ثانياً: أن من أدب الإِسلام أن لا نقطع لأحد بالإِيمان، أو نقسم على ذلك اعتماداً على ما يظهر لنا من إسلامه وانقياده الظاهري لأن الإِيمان أمر قلبي غيبي (1)، وإنما إذا أردنا أن نثني على أحدٍ بالدين، فإننا نصفه بما يظهر لنا من حاله. وهو الإِسلام، لأن هذا هو الذي نعلمه عنه، فنحكم له بأنه رجل مسلم، ولا نقطع بإيمانه، لأنه قد يكون مسلماً في الظاهر كافراً في الباطن. ثالثاً: قال عياض: هذا الحديث أصح دليل على الفرق بين الإِسلام والإِيمان، وأن الإِيمان باطن من عمل القلب، والإِسلام ظاهر من عمل الجوارح لكن لا يكون مؤمن إلاّ مسلماً وقد يكون مسلم غير مؤمن. رابعاً: مشروعية الشفاعة إلى ولاة الأمور وغيرهم كما شفع سعد لهذا الرجل. والمطابقة: في قوله " أوْ مسلماً " حيث نهاه عن القطع بإيمانه، لأنه قد يكون إسلامه على غير الحقيقة.
19 -
باب كفران العشير وكفر دون كفر
26 -
الحديث: أخرجه الشيخان.
معنى الحديث: مر النبي صلى الله عليه وسلم على النساء يوم العيد فأراد أن ينتهز فرصة
(1) أي ولا يلزم أن يكون كل من أقر بأركان الإِسلام ظاهراً أن يكون مصدقاً بقلبه، فإنه قد يكون مصدقاً بلسانه كافراً بقلبه، فلا يكون مؤمناً.
قيلَ أيَكْفُرْنَ باللهِ؟ قَالَ: " يَكْفُرْنَ الْعَشيْرَ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ لَوْ أحْسَنْتَ إلى إحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأتْ مِنْكَ شَيْئاً قالَتْ: مَا رَأيْتُ مِنْك خَيْراً قَط ".
ــ
وجوده بينهن في نُصْحِهنَّ ووعظهن وتحذيرهن عن بعض المساوىء التي يغلب صدورها منهن، فكان أوّل ما بدأ حديثه أن " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أريت النار " أي أطلعني الله تعالى على النار وكشف لي عنها، فرأيتها ببصري رأي العين " فإذا أكثر أهلها النساء " أي فلما نظرت إليها، وشاهدت من فيها من البشر، فوجئت بأن أكثر أهلها النساء، " يكفرن " أي فلما ذكر صلى الله عليه وسلم أن أكثر أهل النار من النساء، قالت إحداهن: ولم يا رسول الله؟ فأجابها صلى الله عليه وسلم بقوله " يكفرن " أي إنما كن أكثر أهل النار لأنّهن يكفرن، ولم يبين صلى الله عليه وسلم يكفرن بماذا لتذهب أفكارهن كل مذهب، ويشتد خوفهن، وتتطلع نفوسهن لمعرفة هذا الكفر الذي وصفهن به النبي صلى الله عليه وسلم وقد تم للنبي صلى الله عليه وسلم ما أراد، فلم يكد ينطق بهذه الكلمة حتى " قيل أيكفرن بالله " أي قالت إحداهن أيكفرن بالله؟ " قال: يكفرن العشير " أي ينكرن نعمة الزوج وإحسانه إليهن " لو أحسنت إلى إحداهن الدهر " أي العمر كله " ثم رأت منك شيئاً " واحداً مما تكره " قالت: ما رأيت منك خيراً قط " أي ما وجدت منك شيئاً ينفعني أو يسرني طيلة حياتي كلها.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: أن نكران الجميل من الكبائر كما أفاده النووي، ولولا ذلك لما ترتب عليه هذا الوعيد الشديد، وقد جاء في الحديث " إذا قالت المرأة لزوجها ما رأيت منك خيراً قط فقد حبط عملها " أخرجه ابن عدي وابن عساكر ولكنه حديث ضعيف كما رمز له السيوطي، وذلك لأن في سنده يوسف التميمي، ولا يحل الاحتجاج به كما أفاده المناوي. ثانياً: أن هناك كفراً دون كفر، ومعناه أن الكفر نوعان، كفر يخرج عن الملة، وهو الكفر الاعتقادي، وكفر لا يخرج وهو العملي كجحود نعمة الزوج مثلاً.