الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
" أليْسَ شَهَادَةُ الْمَرأةِ مِثْلُ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ! " قُلْنَ: بَلَى، قَالَ:"فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أليْسَ إذَا حَاضَتِ الْمَرْأةُ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟ " قُلْنَ: بَلَى، قَالَ:"فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ دِينهَا".
151 - " بَابُ الْاستحَاضَةِ
"
182 -
عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أبي حُبَيْش لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَا رَسُولَ اللهِ إنِّي لا أطْهُرُ أفَأدَعُ الصَّلَاةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ
ــ
المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان عقلها " أي فإن اعتبار شهادتها بنصف شهادة الرجل من أجل نقصان عقلها " قال: أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم قلن: بلى قال: فذلك من نقصان دينها " لأنه يفوتها ثواب الصلاة التي تركتها أثناء حيضها. الحديث: أخرجه الشيخان والنسائي وابن ماجة.
ويستفاد منه: من الفوائد أنه يجب على المرأة ترك الصوم أثناء حيضها.
فلا يجب عليها ولا يصح منها لأن من شروط وجوب الصوم وصحته الطهارة من الحيض والنفاس. والمطابقة: في قوله: " أليس إذا حاضت لم تصل ".
151 -
" باب الاستحاضة "
182 -
معنى الحديث: تحدثنا عائشة رضي الله عنها في حديثها هذا عن حكم دم الاستحاضة فتقول " قالت فاطمة بنت أبي حبيش لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إني لا أطهر " وفي رواية " إني امرأة أُستحاض فلا أطهر "
وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ، فَإِذَا أقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فاتْرُكِى الصَّلَاةَ فإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فاغْسِلِى عَنْكِ الدَّمَ وَصَلي".
ــ
أي لا ينقطع عني الدم، كَنَّتْ بعدم الطهر (1) عن استمرار جريان الدم، لأنّها ظنت أنّ الحائض لا تطهر إلاّ إذا انقطع دمها فشكّت في أنه يمنع الصلاة، ولذلك قالت:" أفأدعُ الصلاة " وهو عطف على مقدّر أي هل يكون ذلك الدم في حكم الحيض فأتْرك الصلاة إلى انقطاعه " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما ذلك عرق " أي إنما ذلك الدم دم استحاضة، وهو دم مرضي ينشأ عن انقطاع عرق في الرحم يسمى العاذل كما في حديث الدارقطني حيث قال:" إنما ذلك عرق انقطع وانفجر (2) " وليس بالحيضة " أي وليس ذلك الدم الذي تسألين عنه حيضاً شرعياً، ولا تجري عليه أحكام الحيض الشرعية، وإنما هو دم مرض حكمه حكم الحدث الدائم (3) من سلس البول والغائط وغيره، لا يمنع شيئاً مما يمنعه الحيض والنفاس من صلاة وصوم ولو نفلاً ونحو ذلك " فإذا أقبلت الحيضة " بفتح الحاء وكسرها كما أفاده النووي، أي فإذا جاء وقت عادتك الشهرية، وهو الوقت الذي كنت تحيضين فيه عادة قبل أن تصابي بالاستحاضة " فاتركي الصلاة " عند حلول ذلك الوقت من أوّل الشهر أو وسطه أو آخره " فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي " أي وامكثي تاركة للصلاة والصوم وغيرها من ممنوعات الحيض مدة عادتك الشهرية التي كنت تحيضين فيها قبل إصابتك بالاستحاضة، فإذا انتهي مقدار تلك المدة، وانقضت عدة أيامها فإنك قد طهرت من الحيض، فاغسلي موضع الدم تنطيفاً له واغتسلي وإن لم يذكر الاغتسال إلاّ أنه مراد كما أفاده ابن دقيق العيد،
(1)" أوجز المسالك شرح موطأ مالك " ج 1.
(2)
أيضاً أوجز المسالك ج 1.
(3)
" الفقه الإسلامي وأدلته " للدكتور وهبة الزحيلي.
وقد جاء الأمر به في رواية أبي أسامة عن هشام حيث قال صلى الله عليه وسلم: " ثم اغتسلي وصلّي (1) " وهكذا اختلفت الروايات عن تلامذة هشام (2) ففي بعضها ذكر الاغتسال، وفي بعضها غسل الدم، وكلهم ثقات فتحمل الروايات بعضها على بعض، ويجمع بينها كلها فيقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالاغتسال وغسل الدم معاً.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: أن دم الاستحاضة ليس حيضاً شرعياً وإنما هو كالحدث الدائم لا يمنع شيئاً من ممنوعات الحيض والنفاس، فالمستحاضة تصلي وتصوم فرضاً أو نفلاً، ولا يمنعها ذلك عن شيء، ويجوز لها كل ما يجوز لغير الحائض من طواف وقراءة قرآن ومس مصحف ودخول مسجد.
والمستحاضة يجوز وطؤها عند الجمهور وهو قول أحمد في رواية، وقال في رواية أخرى يظهر أنها الراجحة عند الحنابلة: لا توطأ المستحاضة إلاّ أن يخاف على نفسه الوقوع في محظور لما روى الخلال في إسناده عن عائشة أنّها قالت: المستحاضة لا يغشاها زوجها - ولأن بها أذى، فيحرم وطؤها كالحائض (3).
ثانياًً: أنّ المستحاضة -إذا كانت معتادة- ترد لعادتها ميزت أم لا وافق تمييزها عادتها أو خالفها عملاً بحديث الباب لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر فاطمة بنت أبي حبيش أن تعمل بعادتها وأن تعتمد عليها عند الدخول في الحيض والخروج منه، فإذا جاء وقت عادتها الشهرية تنقطع عن الصلاة وتدخل في الحيض وتجري أحكامه عليها وإذا انتهت مدة عادتها تغتسل وتصلّي، وتدخل في الطهر وتجري أحكامه عليها، فإن قوله صلى الله عليه وسلم " فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم " صريح في أنه صلى الله عليه وسلم أمرها أن تعمل بعادتها ومما يؤكد ذلك، ويدل دلالة صريحة على أنّ المعتادة ترد إلى عادتها حديث أم سلمة رضي الله عنها أن امرأة كانت
(1)" أوجز المسالك: شرح موطأ مالك " ج 1.
(2)
أيضاً " أوجز المسالك " ج 1.
(3)
" الفقه الإسلامي وأدلته " للدكتور وهبة الزحيلي ج 1.
نهراق الدماء -بضم التاء وفتح الهاء وتسكينها- أي يتصبب منها الدم دون انقطاع في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتت لها أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لتنظر إلى عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها، فلتترك الصلاة قدر ذلك، فإذا خلّفت ذلك فلتغتسل، ثم لتستثفِرْ بثوب " أي تشد خرقة عريضة على فرجها " ثم لتصلِّ " أخرجه أبو داود والنسائي فإنّ الحديث صريح في أن المعتادة تعمل بعادتها، فتمكث ممتنعة عن الصلاة وغيرها مدة عادتها، فإذا انتهت تلك الأيام التي كانت تعهدها، وجاوزت مدة الحيض التي كانت معتادة عليها قبلِ إصابتها بالاستحاضة، فإنها تطهر وتغتسل وتصلّي. ومما يدل على ذلك أيضاً حديث أسماء عند أبي داود وغيره ولفظه: " فأمرها أن تقعد الأيام التي كانت تقعد، ثم تغتسل " وحديث أم حبيبة أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الدم فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:" امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك، ثم اغتسلي " أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي. فإن هذه الأحاديث ليس فيها إلاّ الرد إلى العادة لا سيما حديث أم سلمة. قال ابن قدامة: وحديث أم سلمة رضي الله عنها إنما يدل على العادة بلا نزاع فيه .. اهـ. ولهذا قال أكثر أهل العلم " المستحاضة ترد إلى عادتها ولو كانت مميزة " فلا اعتبار للتمييز، وإنما تعتبر العادة. قال الزرقاني:" وهو مذهب أبي حنيفة وأحد قولي الشافعي وأشهر الروايتين عن أحمد "(1) اهـ. قال ابن قدامة: وظاهر كلام أحمد اعتبار العادة وهو قول أكثر الأصحاب (2) لأن النبي صلى الله عليه وسلم رَدَّ أم حبيبة والمرأة التي استفتت لها أم سلمة إلى العادة ولم يستفصل بين كونها مميزة أو غيرها. وذهب الشافعي على الأصح إلى أنّ المميزة تعمل بالتمييز ولا تعمل بالعادة، إلاّ إذا كانت غير مميزة. وأما المالكية: فقد نسب الزرقاني إليهم أن المستحاضة تعمل بتمييزها
(1) شرح الزرقاني على الموطأ ج 1.
(2)
المغني، لابن قدامة ج 1.