الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
173 - " بَابُ مَا يُذْكَرُ في الْفَخِذِ
"
212 -
عنْ أنَس رضي الله عنه:
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَزَا خَيْبَرَ، فَصَلَّيْنَا عِنْدَهَا صَلَاةَ الغداة بغلسٍ، فركِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَكِبَ أبو طَلْحَةَ وأنا رَدِيفُ أبي طلحة، فأجرى نَبيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم في زُقَاق خَيْبَرَ، وِإنَّ ركْبَتَي لَتَمَسُّ فَخِذَ نبِّي الله صلى الله عليه وسلم ثم حَسَر الإِزارَ عَنْ فَخِذِهِ حَتَّى إنِّي أنظرٌ إلَى بَيَاضِ فَخِذِ نبيِّ صلى الله عليه وسلم فلما دَخَلَ الْقَرْيَةَ قَالَ: "اللهُ أكبَرُ، خَرُبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إذا نزلنا بساحة
ــ
173 -
" باب ما يذكر في الفخذ "
212 -
معنى الحديث: يحدثنا أنس رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا خيبر " أي غزا يهود خيبر في بلادهم، وهي على بعد ستة مراحل شمالي المدينة " فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس " أي فصلينا صلاة الصبح في ضواحيها عند أول طلوع الفجر، ولا زالت ظلمة آخر الليل موجودة (1)" فأجرى نبي الله في زقاق خيبر " أي فأسرع النبي صلى الله عليه وسلم بدابته في شوارع خيبر " ثم حسر الإِزار عن فخذه " أي رفع الإِزار عن فخذه، ليتمكن من الإِسراع بدابته، فانكشف فخذه " فلما دخل القرية قال: الله أكبر، خربت خيبر " أي فلما دخل مدينة خيبر، أخبر عن خرابها، ولم يرد بذلك خراب عمرانها. فإن الإِسلام ما زاد خيبر إلاّ عمراناً وازدهاراً، ولكن المراد بخرابها القضاء على الكيان اليهودي، وسقوط دولة اليهود، وتقويض نفوذهم فيها " إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين " أي إنّا إذا أغرنا على قوم من أعدائنا ونزلنا بساحتهم صباحاً فما أسوأ صباحهم، وما أشد هزيمتهم
(1) قال الأزهري: الغلس بقايا ظلمة آخر الليل.
قَوْم فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرين" قالَهَا ثَلاثاً، قَالَ: وَخَرَجَ الْقَوْمُ إلى أعْمَالِهِمْ، فَقَالُوا: مُحَمَّدٌ والْخَمِيسُ، يَعْنِي الْجِيْشَ قَالَ: فأصَبْنَاها عَنْوَةً فَجُمِعَ السَّبْيُ فجاء دِحْيَةُ، فَقَالَ: يَا نَبيَّ اللهِ أعْطِنِي جَارِيةً مِنَ السَّبْي، قَالَ: اذْهَبْ فَخُذْ جَارِيَةً، فأَخذ صفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ، فجَاءَ رَجُلٌ إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يا نَبيَّ اللهِ أعْطَيْتَ دِحْيَةَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ سَيِّدَةَ قُرَيْظَةَ والنَّضيرِ، ْلَا تَصْلُحْ إلَّا لَكَ، قَالَ: ادْعُوهُ فجاءَ بِهَا، فَلَمَّا نَظرَ إليها النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: خُذْ جَارِيَةً من السبي غيْرَهَا، قَالَ: فَأَعْتَقَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَتَزَوَّجَهَا، فَقَالَ لَهُ ثَابِت: يا أَبا حَمْزَة، ما أصْدَقهَا؟ قَالَ: نَفْسها، أعتقها وتَزَوَجَها، حَتَّى إذَا كَانَ بِالطرَّيقِ جَهَّزَتْهَا لَهُ أمُّ سُلَيْمٍ، فأهْدَتْهَا لَهُ مِنَ اللَّيْلِ، فأصْبَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَرُوساً، فَقَالَ: مَنْ كَان عِنْدَهُ شَيْءٌ فَلْيَجِيءْ بِهِ، وَبَسطَ نِطْعاً، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالتَّمْرِ وجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بالسَّمْنِ، قَالَ: وَأَحْسِبُهُ قَدْ ذَكَرَ السَّويقَ، قَالَ: فَحَاسُوا حَيْساً، فَكَانَتْ وَليمةَ رَسُولَ اللهَ صلى الله عليه وسلم.
ــ
" فقالوا: هذا محمد والخميس " أي قال اليهود: هذا محمد، وهذا جيشه العظيم " فأصبناها عنوة "(1) أي فاستولينا على بلادهم بالقوة والحرب " فجمع السبي " أي فجمع الجواري السبايا، وكان من بينهم صفية بنت حيي " فجاء دحية فقال: أعطني جارية: فقال: اذهب فخذ جارية، فأخذ صفية بنت حيي " عظيم اليهود من بني النضير " قال: ادعوه، فجاء بها، فلما نظر إليها " وعرف أنَّها سيدة قومها شرفاً وحسباً ونسباً " قال: خذ جارية من السبي غيرها " لأنه إنَّما أذن له في جارية من حشو السبي،
(1) بفتح العين وسكون النون.
فلما أخذ أفضلهن استرجعها منه، لئلا يتميز بها عن غيره مع أن فيهم من هو أفضل منه " فأعتقها النبي صلى الله عليه وسلم وتزوجها " بدون مهر " وجعل صداقها عتقها " أي وجعل العتق صداقاً لها " فأصبح النبي عروساً " أي فأعرس عليها في الطريق، فلما كانت صبيحة ليلة العرس " قال: من كان عنده شيء " من الطعام " فليجىء به، وبسط نطعاً " أي بساطاً من الجلد يوضع عليه الطعام يشبه السفرة، يجوز فيه فتح النون وكسرها " قال: فحاسوا حيساً " أي فصنعوا من التمر والسمن والسويق طعاماً وضعوه على السفرة، وأكلوه " فكانت وليمة رسول الله صلى الله عليه وسلم " أي فكان الحيس هو طعام عرسه صلى الله عليه وسلم.
ويستفاد من الحديث: أولاً: استدل به بعض أهل العلم على أن الفخذ ليس بعورة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث الباب قد حسر عن فخذه يوم خيبر، ورآه أنس، ولو كان عورة لما فعل ذلك، وبهذا قال داود الظاهري وابن أبي ذؤيب وأحمد في رواية وابن حزم، واختلفت الرواية عن مالك، وذهب جمهور الفقهاء إلى أن الفخذ عورة، لما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم قال:" الفخذ عورة " قالوا: وما وقع لى صلى الله عليه وسلم يوم خيبر كان اضطراراً بسبب السرعة وشدة الزحام، ولم يكن مقصوداً بدليل ما جاء في رواية مسلم حيث قال:" فانحسر الإزار عن فخذه " أي أن الإِزار هو الذي انكشف بنفسه، ولم يكشفه صلى الله عليه وسلم، قالوا: وهو اللائق بحاله صلوات الله وسلامه عليه. ثانياً: مشروعية الذكر والتكبير عند لقاء العدو، وإلقاء كلمات أو اقتباس آيات تنزل الرعب في قلب العدو، كما قال صلى الله عليه وسلم "الله أكبر، خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذَرين ". ثالثاً: استحباب ْعتق الرجل أمته، وتزوجه بها، وهو من الثلاثة الذين لهم أجران، وأن له أن يجعل عتقها صداقها، وبه قال قتادة وأحمد وابن المسيب، وقال الجمهور: ما جاء في الحديث خصوصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وليس لغيره أن يفعله.
الحديث: أخرجه مسلم، وأبو داود والنسائي أيضاً. ومطابقته للترجمة