الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
156 - " بَابُ نقْض الْمَرأةِ شَعْرَهَا عِنْدَ غُسْلِ الْمحِيض
"
187 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
خَرَجْنَا مُوَافِينَ لِهِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ أحَبَّ أنْ يُهِلَّ بِعُمرةٍ فَلْيُهْلِلْ، فإِنِّي لَوْلا أني أهدَيت لأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ "،
ــ
ولم يشرحها، لأنه أراد أن يسلك مسلك الإِيجاز في الأمور التي يستحيا منها، ولا يحسن التفصيل عنها إلَّا عند الضرورة، ولعله ترك ذلك لعائشة، فأدركت عائشة ما أراد، فاستجابت لرغبة النبي صلى الله عليه وسلم، فشرحت لتلك السائلة ما خفي عليها كما قالت رضي الله عنها " فأجتذبتُها إليَّ " أي جذبتها إلي " فقلت لها: تتبعي بها أثر الدم " أي امسحي بتلك القطنة المغموسة في المسك موضع الدم من الرحم لِإزالة الرائحة منه. الحديث: أخرجه الشيخان والنسائي.
ويستفاد منه: أنه يستحب للمرأة عند غسلها من الحيض، وفراغها منه أن تأخذ قطنة فِتغمسها في المسك (1) ثم تمسح بها موضع الدم لتطييب المكان وإزالة الرائحة القبيحة منه. والمطابقة: في قوله صلى الله عليه وسلم: " خذي فرصة من مسك فتطهري بها ".
156 -
" باب نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض "
187 -
معنى الحديث: تحدثنا عائشة رضي الله عنها في حديثها هذا عن حجة الوداع، فتقول:" خرجا موافين لهلال ذي الحجة " أي خرجنا في آخر ذي القعدة مستقبلين لهلال ذي الحجة وذلك لخمس بقين من ذي القعدة " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحب أن يهل بعمرة فليهلل " أي فقال النبي صلى الله عليه وسلم حين اقتربوا من مكة: من أحب أن يهل بعمرة فليهلل، وأمر من
(1) أو غيره من الطيب.
فأهَلَّ بَعْضُهُمْ بِعُمْرَةٍ، وأهلَّ بَعْضُهُمْ بِحَجٍ، وكنُتُ أنا مِمَّنْ أهلَّ بِعُمْرَةٍ، فَأدرَكَنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأنا حَائِضٌ، فَشَكَوْتُ إلى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" دَعِي عُمْرَتَكِ وانْقُضِي رَأسَكِ، واْمْتَشِطي وَأهلِّي بِحَجِّ "، فَفَعْلتُ حتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ أرْسَلَ مَعِي أَخِي عْبدَ الرَّحْمَنِ بن أبي بَكْرٍ إلى الْتَنْعِيمِ، فأهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ مَكَان عُمْرَتِي.
ــ
لم يسق الهدي بفسخ الحج إلى العمرة. وأكد ذلك بقوله: " فإِني لولا أني أهديت لأهللت بعمرة " أي لولا أني سقت الهدي لفسخت الحج وأهللت بالعمرة " فأهل بعضهم بعمرة وأهل بعضهم بحج " أي فأما الذين لم يسوقوا الهدي فإنهم فسخوا الحج، وأهلوا بالعمرة، وأما الذين ساقوا الهدي فإنهم استمروا على إحرامهم بالحج، لأنّه لا يجوز لمن ساق الهدي أن يتحلل حتى ينحر هديه " وكنت أنا ممن أهل بعمرة " أي وكنت أنا من الذين لم يسوقوا الهدي ففسخت الحج، وأهللت بالعمرة " فأدركني يوم عرفة وأنا حائض " أي فجاء يوم عرفة وأنا لا زلت حائضاً، وذلك لأن الحيض جاءها عند دخول مكة بعد إهلالها بالعمرة، واستمر معها إلى يوم عرفة ومنعها من أداء مناسك العمرة، لأن الحائض لا تطوف، قالت " فشكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم " ما حل بي، وكيف أن الحيض استمر معي إلى يوم عرفة، ومنعني من المناسك، وأفسد عليَّ عمرتي " فقال: دعي عمرتك " ومعناه كما يدل عليه ظاهر الحديث أنه صلى الله عليه وسلم أمرها بإلغاء عمرتها ورَفْضِها، لعدم تمكنها من أداء مناسكها، فألغتها كما أمرها النبي صلى الله عليه وسلم، ومما يؤكد ذلك أنها أتت بعمرة منفردة بعد حجها، ولو كانت عمرتها هذه باقية لم تبطل، لما احتاجت إلى عمرة أخرى بعد الحج والله أعلم، " وانقضي رأسك " أي واغتسلي للحج، وحُلِّي شعرك عند الغسل، " وأهلِّي بحج " أي وأحرمي بالحج، وارفعي صوتك ملبية به
" ففعلت حتى إذا كان ليلة الحصبة " بفتح الحاء وسكون الصاد، ويجوز في ليلة الرفع على أن كان تامة، أي حتى إذا جاءت ليلة الحصبة، وهي ليلة النزول من منى كما يجوز فيها النصب على أن كان ناقصة، والمعنى حتى إذا كان الوقت ليلة الحصبة " أرسل معي أخي عبد الرحمن بن أبي بكر، فخرجت إلى التنعيم " وهو موضع على طريق المدينة، على بعد فرسخ من مكة " فأهللت بعمرة مكان عمرتي " أي فأحرمت من التنعيم بعمرة بدلاً عن العمرة التي أفسدها الحيض، وإنما أحرمت من التنعيم لأنه أول الحل، ولا يتعين، وإنما يجب الإحرام من الحل من أي جهة أو موضع كان. الحديث: أخرجه الخمسة بألفاظ متعددة.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: مشروعية نقض المرأة شعرها عند الغسل أي حل شعرها، واختلف في ذلك الفقهاء، فذهبت الحنابلة إلى أنّه يجب نقضه في الحيض والنفاس دون الجنابة، وهو قول الحسن وطاووس لقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة عند غسلها:" وانقضي رأسك " أمّا الجمهور فقالوا يستحب للمرأة نقض شعرها، ولا يجب، سواء كان الغسل من الحيض والنفاس أو من الجنابة، لحديث أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: إني امرأة أشد ضفر (1) رأسي أوَ أنقضه للجنابة؟ قال: " لا " أخرجه مسلم ولا فرق بين الجنابة والحيض، فلا يجب عليها حله إِلَّا إذا كان عليه طيب يمنع من وصول الماء. ثانياًً: استدل به الحنابلة على أفضلية التمتع لقوله صلى الله عليه وسلم: " لولا أني أهديت لأهللت بعمرة " ثالثاً: استدل به الكوفيون على رفض العمرة أي إلغائها قبل تمامها، والخروج منها إلى الحج، وجواز ذلك للمرأة إذا حاضت قبل الطواف لقوله صلى الله عليه وسلم:" دعي عمرتك " وقال الجمهور: لا يجوز لها ذلك وإنما تردف عليها الحج فتكون قارنة (2)، وحملوا الحديث عليه. والمطابقة: في قوله صلى الله عليه وسلم:
(1) شرح القسطلاني ج 1.
(2)
شرح العيني ج 3.