الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأنْصَارِ".
11 - " بَابٌ
"
17 -
عَن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه:
ــ
معنى الحديث: يقول النبي صلى الله عليه وسلم " آية الِايمان حب الأنصار " أي علامته الظاهرة الواضحة محبة الأنصار من أجل محبتهم للرسول صلى الله عليه وسلم ومناصرتهم وتأييدهم له صلى الله عليه وسلم، فمن أحبهم لهذا الغرض كان ذلك علامة واضحة، ودليلاً قاطعاً على كمال إيمانه، لأنه قد أحبهم في الله، ومن أحب في الله وأبغض في الله فقد استكمل الإيمان. " وآية النفاق بغض الأنصار " أي وعلامة النفاق بغض الأنصار من أجَل مناصرتهم للنبي صلى الله عليه وسلم، فمن أبغضهم لهذا السبب فهو منافق ولا شك، قال الأبي: فمن أبغضهم من هذه الحيثية فهو منافق، فلا يتناول الحديث من أبغضهم لذواتهم، أو لأسباب أخرى (فإنه لا يكون منافقاً) نعم هو في بغضهم عاصٍ فليجتهد في رد ذلك.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: الترغيب في حب أولياء الرحمن، والاعتراف بفضلهم، والتحذير من بغضهم ومعاداتهم، وقد جاء ما يؤكد ذلك في الأحاديث الصحيحة، حيث قال صلى الله عليه وسلم:" من عادى لي وليّاً فقد آذنته بالحرب ". ثانياً: أن عواطف الحب والبغض لها أهميتها في نظر الإِسلام، وأنه يحاسب على البغض كما يثاب على الحب، لكنه لا يحاسب على البغض أو يكون مسيئاً إلاّ إذا استجاب لتلك العاطفة أما إذا قاومها واستعاذ بالله منها، وقصد بمقاومتها وجه الله، فإنه يكون محسناً ويثاب على ذلك.
والمطابقة: في كون الترجمة جزءاً من الحديث.
11 -
" باب "
17 -
الحديث: أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي.
أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ وَحَوْلَهُ عِصَابَة مِنْ أصْحَابِهِ: " بَايِعُوني على أنْ لَا تُشْرِكُوا باللهِ شَيْئاً ولَا تَسرِقُوا، وَلا تَزْنُوا، ولَا تَقْتُلُوا أوْلَادَكُمْ وَلا تَأتُوا بِبُهْتَان تَفْتَرُونَهُ بين أيدِيكُمْ وأرْجُلِكُمْ، ولا تَعْصَوا في مَعْرُوفٍ،
ــ
ترجمة الراوي: هو عبادة بن الصامت بن قيس الخزرجي الأنصاري، شهد العقبتين كما شهد بدراً والمشاهد كلها، وكان طويلاً جسيماً جميلاً، وجهه عمر رضي الله عنه إلى الشام قاضياً ومعلماً، فأقام بحمص، ثم انتقل إلى فلسطين، ومات بها سنة (34) هـ روى (181) حديثاً، اتفقا منها على ستة، وانفرد البخاري بحديثين، ومسلم بحديثين، رضي الله عنه وأرضاه.
معنى الحديث: يحدثنا عبادة رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وحوله عصابة من أصحابه " أي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في بيعة العقبة الأولى التي تمت بينه وبين نقباء الأنصار وفي السنة الثانية عشرة من البعثة وحوله " عصابة من أصحابه " أي جماعة من الأنصار (1)، وكانوا اثني عشر رجلاً "بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً" أي عاهدوني على التوحيد والخلوص من الشرك، وإفراد الله بالعبادة، مقابل أن تكون لكم الجنة. وأصل المبايعة: المعاهدة بين طرفين على الالتزام بشروط معينة. أما المبايعة على الإِسلام فهي عقد إلهي له طرفان وسلعة وثمن، فالطرفان هما: الله تعالى من جهة، والمؤمنون من جهة أخرى، والثمن هو الأعمال الشرعية المطلوبة، والسلعة هي الجنة.
" ولا تسرقوا " أي ولا ترتكبوا جريمة السرقة، لأن الإِسلام جاء لحماية الأموال " ولا تزنوا " لأن الإِسلام يحمي أعراض الناس وأنسابهم. " ولا تقتلوا أولادكم " وإنما خص الأولاد لأنهم كانوا في الغالب يقتلون أولادهم خشية الإملاق. " ولا تأتوا يهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم " أي ولا
(1) وهم نقباء الأنصار الذين ابتعثوا من المدينة لمفاوضة النبي صلى الله عليه وسلم ومبايعته، ومنهم " عبادة " رضي الله عنه، قال العيني: وهم اثنا عشر رجلاً، وهم العصابة المذكورة.
فمنْ وفَّى مِنْكُمْ فأجْرُهُ على اللهِ، ومَنْ أصابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً فَعُوقِبَ بِهِ في الدُّنيا فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ، ومَنْ أصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً ثُمَّ سَتَرَهُ اللهُ، فَهُوَ إلَى اللهِ، إن شَاءَ عَفَا عَنْهُ وإن شَاءَ عَاقَبَهُ"، فَبَايَعْنَاهُ علَى ذَلِكَ.
ــ
تختلقوا الإشاعات الكاذبة، والتهم الباطلة، التي لا أساس لها من الصحة، مثل القذف بالزنا كذباً وزوراً، أو ترويج بعض الإشاعات التي تمس الناس في أعراضهم، من الخيانة، والرشوة، والظلم، فإنّ الأولى أن يحمل هذا النهي على عموم الكذب على الناس، وعلى كل تهمة تنقص من قدرهم، وتخدش من كرامتهم. " ولا تعصوا في معروف " أي ولا تخالفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أي عمل يأمركم به أو ينهاكم عنه. أو لا تعصوا ولاة الأمور في أوامرهم ونواهيهم، ما دامت لا تتعارض مع الشريعة الغراء، فإنْ أمروا بمنكر، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. " فمن وفّى منكم فأجره على الله " أي فمن وفّى منكم بهذه المعاهدة، وحافظ عليها، ولم يرتكب معصية، من هذه المعاصي التي نهيتكم عنها، فثوابه محقق وسيجده يوم القيامة عند ربه لا محالة، لأنه لا يخلف الميعاد. " ومن أصاب من ذلك شيئاً " أي ومن ارتكب معصية من المعاصي التي تستوجب الحد الشرعي كالزنا والسرقة " فعوقب وبه في الدنيا " أي فنال جزاءه في هذه الحياة، وأقيم عليه الحد في الدنيا " فهو كفارة له " أي فإنّ ذلك الحد يمحو عنه " تلك المعصية " ويسقط عنه عقوبتها في الآخرة، لأن الله أكرم وأرحم من أن يجمع على عبده عقوبتين. " وَمَنْ أصَابَ مِنْ ذلِك شيئاً، ثم ستره الله، فهو إلى الله، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه " أي من ستره الله في الدنيا، ولم يعاقَبْ على تلك الجريمة، فهو تحت مشيئة الله، وأمره مفوّض إليه، إن شاء غفر له، فأدخله الجنة مع الأولين، وإن شاء عاقبه بالنار على قدر جنايته ثم أدخله الجنة.