الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
54 - " بَابُ الرِّحْلَةِ في الْمَسألَةِ النَّازِلَةِ
"
69 -
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ رضي الله عنه:
ــ
الصحيح رغم هول الموقف، ووحشة القبر، وإبهام السؤال، فيعرف من هو المشار إليه، ويجيب عنه، وإن لم يصرَّحْ باسمه، فيقول: هو محمد رسول الله وذلك هو مصداق قوله تعالى: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) قال البَرَاءُ المراد بالحياة الدنيا المساءلة في القبر، وبالآخرة المساءلة في القيامة. وقال القفال وجماعة:" في الحياة الدنيا " أي في القبر لأن الموتى في الدنيا إلى أن يبعثوا، وفي الآخرة، أي عند الحساب اهـ.
فإذا سئل المؤمن في القبر، وقيل له: ما علمك بهذا الرجل؟ قال: هو محمد رسول الله " جاءنا بالبينات " أي بالآيات القرآنية الواضحة " والهدي " أي وأرشدنا إلى الدين القويم " وأمّا المنافق والمرتاب " أي المتردد " فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته " أي لم أكن على يقين من نبوته وإنما وافقت الناس على قولهم ظاهراً. الحديث: أخرجه الشيخان. والمطابقة: في قول الراوي " فأشارت برأسها أي نعم ".
ويستفاد من الحديثين ما يأتي: أولاً: إخباره صلى الله عليه وسلم عن انتشار الفتن في آخر الزمان والحروب بين المسلمين، وأن ذلك نتيجة حتمية لارتفاع العلم، وظهور الجهل. ثانياًً: إثبات سؤال القبر للمؤمن والمنافق والكافر (1). ثالثاً: الإِجابة عن الفتيا بإشارة اليد والرأس كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الأول، وكما فعلت عائشة في الثاني.
54 -
" باب الرحلة في المسألة النازلة "
69 -
ترجمة الراوي وهو عقبة بن الحارث القرشي أسلم رضي الله عنه
(1) ودليله قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح " وأما المنافق والكافر فيقال له ما كنت تقول في هذا الرجل "
أنَّه تَزَوَّجَ ابْنَةً لَأبِي إهَابِ بْنِ عَزيزٍ، فأتَتْهُ امْرأة فقَالَتْ: إِنِّي قَدْ أرْضَعْتُ عُقْبَةَ والتي تَزَوَّجَ بِهَا، فَقَالَ لَهَا عُقْبَةُ، ما أعْلَمُ أَنكِ أرْضَعْتِنِي، ولا أخْبَرْتِنِي، فَرَكِبَ إلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِيْنَةِ، فَسَألهُ فقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: كَيْفَ وقَدْ قِيْلَ، ففارقَهَا عُقْبَةُ، ونَكَحَتْ زَوْجَاً غَيرهُ.
ــ
يوم الفتح، وسكن مكة، أخرج له البخاري، ولم يخرج له مسلم.
معنى الحديث: يحدثنا عقبة رضي الله عنه عن نفسه " أنه تزوج ابنةً لأبي إهاب بن عزيز " أي أنه تزوج بنت هذا الرجل، واسمها غَنِية. بفتح الغين العجمة وكسر النون، " فأتته امرأة " أي فأتته امرأة مُرْضعة " فقالت: إني قد أرضعت عقبة والتي تزوج بها " أي فأخبرته بأن المرأة التي تزوجها هي أخته من الرضاعة، لأنّها أرضعتهما معاً " فقال: ما أعلم أنك أرضعتني " أى فاعتذر بأنه لا علم له بذلك " فركب إلى رسول الله بالمدينة فسأله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فكيف وقد قيل " أي كيف تباشرها، وقد قيل بأنها أختك من الرضاعة " ففارقها " اتقاءً للشبهات، أو لفساد النكاح.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: استحباب اتقاء الشبهات لأن عقبة إنما فارق هذه المرأة ورعاً واتقاءً للشبهات، وإلّا فشهادة المرأة الواحدة لا تكفي عند الجمهور، خلافاً لأحمد، فإنه قال: تكفي شهادة المرضعة ولو كانت وحدها.
ثانياً: مشروعية الرحلة في طلب العلم، كما فعل عقبة رضي الله عنه، وقد قال الشعبي: لو أن رجلاً سافر من أقصى الشام إلى أقصى اليمن لحفْظِ كلمة تنفعه فيما بقي من عمره لم أر سفره يضيع، ويحكى عن ابن الأعرابي اللغوي المشهور أنه رأى في مجلسه رجلين أحدهما من سنجاب على حدود الصين والثاني من الأندلس، وكان يحيى بن سعيد يسير الليالي والأيام في طلب الحديث الواحد. الحديث: أخرجه أيضاً أبو داود والترمذي والنسائي. مطابقته