الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
20 - " بَابُ الْمعَاصِي مِنْ أمرِ الْجَاهِلِيَّةِ، ولا يكْفُرُ صَاحِبُها بارْتِكَابِهَا
"
27 -
عَنْ أبي ذَرٍ رضي الله عنه قَالَ:
ــ
ثالثاً: ما جبل عليه أغلب النساء من كفران العشير وجحود نعمة الزوج، ومن أغرب ما روي في ذلك قصة المعتمد بن عباد مع زوجته (1) فقد روي أنّه لما تزوج اليرمكية قضى معها حيناً من الدهر في سرور وغبطة، وحدث أن رأت بعض النساء يمشين في الطين فاشتهت ذلك، فأمر المعتمد فسحقت الطيوب. أي فطحنت أنواع الطيب من العود ونحوه، وذرت في ساحة القصر وصب عليها ماء الورد حتى صارت كالطين، فخاضته معِ جواريها. ومرت الأيام فغاضبها المعتمد يوماً، فأقسمت أنّها لم تر منه خيراً قط، فقال لها: ولا يوم الطين فاستحيت واعتذرت (1). والمطابقة: في كون الحديث يدل على أن الكفر أنواع منها الكفر بالله ومنها كفر العشير كما صرح بذلك الحديث.
20 -
باب المعاصي من أمر الجاهلية ولا يكفر (2) صاحبها بارتكابها
27 -
الحديث: أخرجه الشيخان، والترمذي.
ترجمة راوي الحديث: هو أبو ذر جندب " بضم الجيم والدال " ابن جنادة " بضم الجيم " الغفاري: " نسبة إلى غفار بكسر الغين قبيلة من كنانة أسلم قديماً وكان من رابع أربعة، وعاد إلى قبيلته، ثم هاجر إلى المدينة بعد الخندق، واشتهر بالزهد، حتى أنه كان يرى أنه يحرم على المسلم أن يدخر ما زاد عن
(1) طرائف ونوادر من التراث العربي للدكتور نايف معروف نقلاً عن كتاب دولة النساء للبرقوقي.
(2)
بفتح الياء وضم الفاء كما أفاده القسطلاني، ويجوز ضم الياء وفتح الياء والفاء المشددة المفتوحة، كما ذكره الحافظ في الفتح.
سَابَبْتُ رَجُلاً فَعَيَّرْتُهُ بأمِّهِ، فَقَالَ لي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" يَا أَبَا ذَرٍ أعَيَّرْتَهُ بأمِّهِ!! إِنَّكَ امْرؤ فِيْكَ جَاهِلِيَّةٌ، إِخْوانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللهُ تَحْتَ أْيدِيْكُمْ، فَمَنْ كَانَ أخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأكلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، ولا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبْهُم فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأعينُوهُمْ ".
ــ
حاجته، وخالفه في ذلك جمهور الصحابة. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم (281) حديثاً اتفقا منها على اثني عشر وانفرد البخاري بحديثين، ومسلم بسبعة عشر، توفي بالربذة سنة (31) هـ.
معنى الحديث: يقول أبو ذر رضي الله عنه " ساببت رجلاً " أي تخاصمت مع رجل " وهو بلال رضي الله عنه، وشتمته " فعيرته بأمه " أي فعبت أمه ووصفتها بالسواد، حيث قلت له: يا ابن السوداء، وخالفت بذلك شريعة الإسلام، التي لا تفرق بين لون ولون، ولا تفضل إنساناً على آخر إلّا بالتقوى كما قال تعالى: (إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم) وكما قال صلى الله عليه وسلم " لا فضل لعربي على عجمي إلاّ بالتقوى " " فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: أعيرته بأمه " وهذا استفهام إنكاري (1) تعجبي، أي كيف تعيبه بسواد أمّه، وتستنقصه بذلك، وأنت تعلم أن الإِسلام لا يميز بين الناس بالألوان، وإنما يفاضل بينهم بالتقوى والعمل الصالح " إنك امرؤ فيك جاهلية " أي إن ما فعلته معه من تعيير بسواد أمّه نعرة جاهلية، وأثر من آثار التمييز العنصري الذي كان موجوداً قبل الإِسلام. " إخوانكم خولكم " (2) أي إن هؤلاء الخدم ليسوا في الحقيقة سوى إخوانكم في الدين أو الإِنسانية سخرهم الله لكم
(1) والمقصود من هذا الاستفهام الإنكاري تقبيح تَعْيير المسلم بأمه أو أخته أو أحد أقاربه، سيما النساء، فالتعيير من حيث هو قبيح، فإذا كان بالنساء، كان أقبح اهـ.
(2)
وهي جملة اسمية مكوّنة من خبر مقدم - وهو إخوانكم - ومبتدأ مؤخر - وهو خولكم - وأصل الجملة خولكم إخوانكم فقدم الخبر لإفادة الحصر.