الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
43 - " بَابُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَخوَّلُهُمْ بالموْعِظَةِ وَالعِلْم كَي لا يَنْفِرُوا
"
54 -
عنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ:
كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَخَوَّلُنَا بالْمَوْعِظَةِ في الأيامِ، كَرَاهَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا ".
ــ
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: مشروعية التبليغ ورواية الحديث، وشرف هذا العلم، وأهله، ورحم الله السيوطي إذ يقول:
مَنْ كَانَ مِنْ أهلِ الحَدِيْثِ فَإنهُ
…
ذُوْ نَضْرَةٍ في وَجْهِهِ نُورٌ سَطَعْ
إِنَّ النبيَّ دَعَا بِنَضْرِةِ وَجْهِ مَنْ
…
أدَّى الحَدِيْثَ كَمَا تَحَمَّل وَاتَّبّعْ
يشير رحمه الله إلى قوله صلى الله عليه وسلم "نضر الله امرءاً سمع منا حديثاً فحفظه حتى يبلغه غيرهُ ". ثانياً: تقرير حقوق الإِنسان وأنَّها محرمة على أخيه الإِنسان مطلَقاً بصرف النظر عن دينه ومذهبه وعنصره وجنسيته، فلا يجوز الاعتداء عليها بحال من الأحوال، ولم تشرع الحدود الشرعيّة إلَّا لصيانة الدين والنفس والمال والعرض والنسب والعقل، وحماية هذه الحقوق الانسانية كلها، كما هو مقرر في أصُول التشريع الإِسلامي. ثالثاً: أن العلم بالحديث شيء والفقه فيه شيءٌ آخر، فقد يروي المحدث، إلى من هو أفقه منه، وقد يكون المحدث غير فقيه. والمطابقة: في قوله " فإن الشاهد عسى أن يُبلِّغ من هو أوعى منه ".
43 -
باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا
54 -
الحديث: أخرجه الشيخان والترمذي أيضاً.
معنى الحديث: يقول ابن مسعود رضي الله عنه: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في الأيام " أي كان صلى الله عليه وسلم من شدة حرصه على انتفاع أصحابه
55 -
عن أنسٍ رضي الله عنه:
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " يَسِّروا ولَا تعَسِّروا وبَشِّروا ولَا تُنَفِّرُوا ".
ــ
واستفادتهم من وعظه وإرشاده لا يكثر عليهم من ذلك، وإنّما يتعهدهم بالموعظة في بعض الأيام دون بعض، ويتحرى الأوقات المناسبة التي هي مظنة استعدادهم النفسي لها، وإنما كان يقتصر على الوقت المناسب " كراهة السآمة علينا " أي خوفاً على نفوسنا من الضجر والملل، الذي يؤدي إلى استثقال الموعظة وكراهتها ونفورها، فلا تحصل الفائدة المرجوة، وقد قال الشاعر:
إِنّما تَنْفَعُ المَقَالَةُ في المَرْءِ
…
إِذا صَادَفت هُوىً في الفُؤَادِ
والمطابقة: في قوله: يتخولهم بالموعظة.
55 -
الحديث: أخرجه الشيخان والنسائي.
معنى الحديث: أمر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بأمرين، يتوقف على الأول منهما استقامة الإِنسان في ذات نفسه، وعلى الثاني نفعه لغيره، ونهى عن ضدهما، لما يؤدي إليه من نتائج عكسية.
أمّا الأمر الأول الذي يرتبط به صلاح الإِنسان واستقامته فهو التيسير، وضده التعسير، وفي هذا يقول صلى الله عليه وسلم " يسروا " أي خففوا على أنفسكم بممارسة الأعمال التي تطيقونها، والاقتصاد والتوسط في نوافل العبادات والطاعات من صيام وقيام ونحوه، فأتوا منها ما استطتعم، مع المحافظة على الحقوق البدنية والنفسية والاجتماعية من طعام وشراب ولباس ونوم وراحة وزوجة وولد وغيرها، كما قال صلى الله عليه وسلم:" إن لبدنك عليك حقاً، وإنّ لنفسك عليك حقاً، وإن لزوجك عليك حقاً، وإن لزورك -أي ضيفك- عليك حقاً "" ولا تعسروا " أي لا تشددوا على أنفسكم بتكليفها ما لا تطيق من العبادات والطاعات، وإهمال حقوق الجسد والروح وحقوق الأهل والولد