الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
66 - " بَابُ كتَابَةِ الْعِلْمِ
"
83 -
عَنْ هَمَّام بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أخيهِ قَالَ:
سَمِعْتُ أبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: يَقُولُ: " مَا مِنْ أصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أحَدٌ أكْثَرَ حَدِيثاً عَنْهُ مِنِّي إِلَا مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرو، فإِنَّهُ كَانَ يَكْتُب وَلَا أكتُبُ ".
ــ
أبو القاسم. " ومن رآني في المنام فقد رآني " وفي رواية فقد رأى الحق - أي فإن رؤيته هذه رؤية صادقة صحيحة " فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي " أي لا يقدر على التشكل بصورة النبي صلى الله عليه وسلم لأنّه قد حيل بينه وبين ذلك. وبقية الحديث تقدم شرحه.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: تحريم الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تقدم. ثانياًً: النهي عن التكني بكنية النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا قال الشافعى: ليس لأحد أن يتكنّى بأبي القاسم سواء اسمه محمد أم لا، وقيل: لا يجمع بينهما، والجمهور على أنّ النهي منسوخ، وأنه كان في وقت حياته صلى الله عليه وسلم. ثالثاً: أن رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام حق، لأن الشيطان لا قدرة له على التشكل بصورته صلى الله عليه وسلم وكذلك الملائكة والأنبياء، ولكن متى يقال رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام؟ ومتى يعتبر أن الذي رآه هو النبي صلى الله عليه وسلم هناك علامة واضحة تدل على ذلك، قال العيني وضعوا لرؤيته صلى الله عليه وسلم ميزاناً، وقالوا رؤيته صلى الله عليه وسلم هي أن يراه الرائي بصورة شبيهة بصورته الثابتة بالنقل الصحيح، فلو رآه في صورة مخالفة لصورته التي كان عليها في الحس لم يكن رآه صلى الله عليه وسلم. مثل أن يراه طويلاً أو قصيراً جداً أو شديد السُّمرة ونحو ذلك. الحديث: أخرجه الشيخان. والمطابقة: في قوله " فليتبوأ مقعده من النار ".
66 -
" باب كتابة العلم "
83 -
معنى الحديث: يقول أبو هريرة رضي الله عنه: "ما من
84 -
عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:
لَمَّا اشْتَدَّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَجَعُهُ، قَالَ: ائتونِي بِكِتَابٍ أكتُبْ لَكُمْ كِتَابَاً
ــ
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثاً عنه منّي" أي لا يوجد أحد من الصحابة روى من الأحاديث أكثر مني " إلاّ ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب " وهو استثناء منقطع، تقديره لكن الذي كان من عبد الله بن عمرو، وهو الكتابة، لم يكن مني فالخبر محذوف بقرينة السياق، سواء لزم منه كونه أكثر حديثاً لما تقتضيه عادة الملازمة مع الكتابة أمْ لا، والمعنى، لكن عبد الله بن عمرو بن العاص كان يمتاز عنّي وينفرد دوني بالكتابة فيكتب ما يسمعه، ولا أكتب شيئاً. وقال القسطلاني: ويجوز أن يكون الاستثناء متصلاً فكأنه قال: ما أحدٌ حديثه أكثر مني إلّا أحاديث حصلت من عبد الله. والمطابقة: في قوله: " فإنه كان يكتب ولا اكتب ". الحديث: أخرجه البخاري والترمذي.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: مشروعية كتابة الحديث وتدوينه، لأن عبد الله بن عمرو بن العاص كان يكتبه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيقره صلى الله عليه وسلم على كتابته، وإقراره صلى الله عليه وسلم حجة شرعية على مشروعية ما يقر. ثانياًً: يقول أبو هريرة: إن عبد الله بن عمرو بن العاص كان أكثر منه حديثاً مع أن الموجود من أحاديثه أقل، وذلك لأنه سكن مصر والواردون عليها قليل بالنسبة إلى المدينة التي سكنها أبو هريرة.
84 -
معنى الحديث: يقول ابن عباس رضي الله عنهما: " اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم وجعه " أي اشتدت عليه آلام الحمى في مرضه الأخير الذي توفي فيه، " فقال: اتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً " هكذ الرواية بجزم " أكتب " لوقوعه في جواب الطلب. أي أحضروا لدي أدوات الكتابة من قلم وقرطاس
لا تَضِلوا بَعْدَهُ، قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: إِنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم غَلَبَهُ الْوَجَعُ، وعِنْدَنَا كِتَابُ اللهِ حَسْبُنَا، فاخْتَلَفُوا وَكَثُرَ اللَّغْطُ، قَالَ: قُومُوا عَنِّي وَلَا يَنْبَغِي عِنْدِي التَنّاَزُعُ".
ــ
ونحوه لكي آمر بعض أصحابي بتحرير كتاب هام " لن تضلوا بعده " يعني لكي يكون هذا الكتاب هادياً لكم إلى الطريق القويم والصراط المستقيم، فلا تميلوا بعده عن جادة الحق ولا تنحرفوا عن منهج الصواب، والظاهر أنّ هذا الكتاب كان يتعلق بأمر الخلافة ومن يليها بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه صلى الله عليه وسلم أراد أن يعهد فيه لمن يكون بعده خليفة للمسلمين " قال عمر: إن النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع " قال ابن الجوزي: إنما خاف عمر أن يكون ما يكتبه النبي صلى الله عليه وسلم في حالة غلبة المرض عليه فيجد المنافقون سبباً إلى الطعن في ذلك المكتوب " وعندنا كتاب الله حسبنا " أي يكفينا كتاب الله، وإنما لم يتمم عمر هذا الكتاب لأمرين: أولهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد غلبه الوجع. وثانيهما: أنه رأى أن أمره صلى الله عليه وسلم هذا إنما كان توجيهاً وإرشاداً وليس على سبيل الوجوب.
قال ابن عباس رضي الله عنهما " فاختفوا وكثر اللغط " أي كثر الكلام وارتفعت الأصوات " قال قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع " لأن حالته المرضية لم تعد تسمح له بسماع الكلام الكثير والضجيج والأصوات العالية.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: مشروعية كتابة العلم، لأن ما أراده النبيُّ صلى الله عليه وسلم داخل في ذلك مهما كان مضمونه، سواء كان الكتاب في بيان بعض الأحكام الشرعية، أو في بيان أسماء الخلفاء من بعده. ثانياً: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوصِ لأحد بالخلافة من بعده، ولم يوجد هناك أي نص أو وثيقة شرعية عهد فيها النبي صلى الله عليه وسلم لأحد أن يكون خليفة عنه بعد وفاته، وإنما تمت الخلافة لأبي بكر عن طريق الانتخاب والشورى وإجماع الصحابة على مبايعته بالخلافة،