الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
39 - " بَابُ القِرَاءَةِ والعَرْض على المحدِّثِ
"
49 -
عنْ أنس رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في المَسْجِدِ دَخَلَ رَجُلٌ على جَمَلٍ فأنَاخَهُ في الْمَسْجِدِ، ثُمَّ عَقَلَهُ، ثمَّ قَالَ: أيكُمْ مُحَمَّدٌ، والنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُتَّكِىء بينَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَقُلْنَا: هذا الرَّجُلُ الأبيَضُ الْمُتَّكِىءُ، فَقَالَ لَهُ الرجلُ: ابْنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ؟ فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: قد أجبتُكَ، فقالَ الرَّجُلُ للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِني سَائِلُكَ فَمُشَدِّد
ــ
الأشياء بنظائرها تحريكاً لعقول الطلبة. ثانياًً فضل النخلة، وكثرة منافعها.
ثالثاً: مشروعية قول المحدث حدثنا، وأنه لا فرق بين حدثنا وأخبرنا وأنبأنا، وسمعت فلاناً وهو مذهب البخاري وذهب آخرون إلى أنه يقول لما سمعه من لفظ الشيخ سمعت أو حدثنا ولما قرأه عليه أخبرنا والأحوط الإِفصاح بالواقع كما أفاده القسطلاني. والمطابقة: في قوله: " حدثنا ما هي ".
39 -
باب القراءة والعرض على المحدث
قال في المصباح: عرضت الشيء عرضاً، من باب ضرب، والمراد بالعرض هنا قراءة الحديث على الشيخ وهو يسمع.
49 -
الحديث: أخرجه الستة.
معنى الحديث: يقول أنس رضي الله عنه: " بينما نحن جلوس مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد دخل رجل على جمل فأناخه في المسجد " أي بينما كنا جالسين مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده فوجئنا برجل يدخل راكباً على بعيره، فسار به حتى أناخه داخل المسجد، " ثم عقله " بفتح العين والقاف، أي ثنى ساقه وذراعه وربطهما، وفي رواية ابن عباس رضي الله عنهما: فأناخ بعيره على باب المسجد فعقله ثم دخل، " ثم قال: أيكم محمد؟ والنبي صلى الله عليه وسلم متكىء
عَلَيْكَ، فلا تجِدْ عليَّ في نَفْسِكَ، فَقَالَ: سَل عَمّا بَدَا لَكَ، فَقَالَ: أسْألكَ بِرَبِّكَ وَرَبِّ مَنْ قَبْلَكَ آللهُ أرْسَلَكَ إِلى النَّاس كُلِّهِمْ؟ فَقَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: أنشُدُكَ باللهِ، آللهُ أمَرَكَ أنْ نُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ في الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: أنشُدُكَ باللهِ آللهُ أمَرَكَ أنْ تَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ مِنَ السَنّةَ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: أنْشُدُكَ باللهِ آللهُ أمَرَكَ أنْ تَأخُذَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ مِنْ أغْنِيَائِنَا فَتَقْسِمَهَا عَلَى فُقَرَائِنَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:
ــ
بين ظهرانيهم" أي جالس بين أصحابه مستند إلى وسادة في وسطهم " فقلنا: هذا الرجل الأبيض " أي هو هذا الرجل الأبيض المشرب بحمرة " فقال له الرجل: ابن عبد المطلب " أي فناداه بقوله: يا ابن عبد المطلب " فقال له النبي صلى الله عليه وسلم قد أجبتك " أي سمعتك وتهيأت لِإجابتك " فقال: إني سائلك فمشدد عليك " أي سائلك في لهجة شديدة " فلا تجِدْ عليَّ " أي فلا تغضب علي في نفسك فإني لم أقصد الإِساءة إليك " قال سل عما بدا لك " أي اسأل عن كل ما تحتاج إلى معرفته من أحكام الإِسلام وأركانه فسأجيبك عنه.
" فقال أسألك بربك ورب من قبلك " أي أسألك وأستحلفك بربك الذي خلقك وخلق من قبلك من هذا العالم أن تصدُقني الحديث فيما أسألك عنه " آلله أرسلك إلى الناس كلهم؟ " أي هل الله أرسلك إلى الناس جميعاً أو إلى قريش خاصة " فقال: اللهم نعم " أي أقسم بالله واستشهد به علي أن الله أرسلني إلى الناس كافة. " قال: أنشدك " بضم الشين " بالله " أي أسألك بالله ومن سئل بالله فليجب " آلله أمرك أن نصلي الصلوات الخمس " بضم النون وفتح الصاد أي هل الله أمرك أن تكلفنا بهذه الصلوات الخمس في كل يوم وليلة " قال: اللهم نعم " أي أقسم على أنّ الله أمرني بذلك. " قال: أنشدك بالله آلله أمرك أن تصوم هذا الشهر قال: اللهم نعم ". قال: أنشدك
اللَّهُمَّ نَعَمْ، فَقَالَ الرَّجُلُ: آمَنْتُ بِما جئْتَ بِهِ، وأنا رَسُولُ مَنْ وَرَائي مِنْ قَوْمِي، وَأنا ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ أخُو بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ".
ــ
بالله آلله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة " أي الزكاة " فقال: اللهم نعم " أى أقسم على ذلك " فقال الرجل: آمنت بما جئت به " أي فإني منذ الآن أعلن إيماني بما جئت به " وأنا رسول من ورائي من قومي " أي وأنا رسول قومي الموفد إليك من قبلهم لأتلقى منك أركان هذا الدين، وأبلغها لهم " وأنا ضِمام " بكسر الضاد " ابن ثعلبه أخو بني سعد بن بكر " أي من قبيلة بني سعد التي استرضع فيها النبي صلى الله عليه وسلم، والتي منها حليمة السعدية مرضعته صلى الله عليه وسلم، وكان قدوم ضمام سنة تسع من الهجرة الذي هو عام الوفود.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: أن لآخذ الحديث عن المحدث طرقه المتعددة، منها العرض عليه كما في هذا الحديث، فإن ضمام كان يعرض (1) على النبي صلى الله عليه وسلم أركان الإِسلام - أي يذكرها واحداً واحداً: والنبي صلى الله عليه وسلم يسمعها منه، ويصادق عليها، وهذا هو ما يسمى عند المحدثين بالعرض، قال الحافظ: وهو عبارة عما يعارض به الطالب أصل شيخه معه أو مع غيره بحضرته، وقد كان بعض السلف لا يعتدون إلَّا بما سمعوه من ألفاظ المشايخ، دون ما يقرأ عليهم، ولهذا بوَّب البخاري على جوازه، وأورد فيه قول الحسن البصري: لا بأس بالقراءة على العالم، وكذا ذكر عن سفيان الثوري ومالك موصولاً أنهما سوَّيا بين السماع من العالم والقراءة عليه. ثانياًً: اشتمل الحديث على بيان بعض أركان الإِسلام. ثالثاً: أنه يجوز الاستحلاف على الخبر للتأكد منه. رابعاً: استدل به ابن بطال على طهارة أبوال الإِبل وأرواثها، لأن ضمام أدخل بعيره المسجد، ولا يؤمن أن يبول فيه، فلو كان نجساً لمنعه النبي صلى الله عليه وسلم
(1) بكسر الراء يقال عرضَ يعرض، على وزن ضرَب يَضْرِبُ.