الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
99 - " بَاب إذَا شَرِبَ الْكَلْبُ في إِناءِ أحَدِكُمْ فَلْيَغسِلْهُ سَبْعَاً
"
119 -
عن أبي هريْرَة رضي الله عنه:
أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْه وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا شَرِبَ الْكَلْبُ في إِنَاءِ أحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَاً ".
ــ
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: أنه لا يجب طلب الماء للوضوء، إلاّ بعد دخول الوقت لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على أصحابه التأخير في طلب الماء إلى ما بعد دخول الوقت، وقد فرّع الفقهاء على ذلك عدم جواز التيمم قبل دخول الوقت، وهو مذهب مالك والشافعي، وأجازه الحنفية. ثانياًً: وجوب المواساة عند الضرورة. ثالثاً: إثبات " المعجزات لنبينا صلى الله عليه وسلم ". والمطابقة: في كونهم لم يطلبوا الماء إلاّ لما حان وقت العصر، وإقرار النبي لهم على ذلك.
99 -
" باب إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً "
119 -
معنى الحديث: يقول النبي صلى الله عليه وسلم " إذا شرب الكلب في إناء أحدكم " أي إذا شرب الكلب من أي إناء فيه سائل، ماء أو غيره، مملوكاً له أو لسواه، كما في رواية أخرى:" إذا ولغ الكلب في الإِناء " أي شرب منه بطرف لسانه، أو أدخل لسانه فيه وحركه، وهذا شامل لجميع الكلاب، سواء كان كلب صيد أو غيره " فليغسله سبعاً " أي فإنه مأمور أن يغسله سبع مرات قبل أن يستعمله في وضوء أو غسل أو غيره. وهذا الحديث وإن اقتصر على الأمر بغسله إلاّ أنه جاء الأمر في حديث آخر بتتريبه كما في رواية أبي داود حيث قال: فاغسلوه سبع مرات السابعة بالتراب " وفي رواية عند أحمد ومسلم وأبي داود " وعفروه الثامنة بالتراب ". الحديث: أخرجه الستة.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: وجوب غسل الإناء من ولوغ الكلب سبع مرات، وان التسبيع أمر لا بد منه، وهو مذهب الجمهور، خلافاً لأبي حنيفة حيث قال: لا يجب التسبيع وإنما يجب غسله فقط، والحديث في دلالة ظاهرة على وجوب غسل الإناء سبعاً كما ذهب إليه الجمهور (1) من الصحابة والتابعين وسائر فقهاء الإسلام، إلاّ أن الحنفية حملوا السبع على الندب (2) واختلفوا في التتريب، فذهب الجمهور إلى وجوبه لقوله صلى الله عليه وسلم:" إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات السابعة بالتراب " خلافاً لأبي حنيفة. والحكمة في تتريبه أن ريق الكلب فيه لزوجة فأمر صلى الله عليه وسلم بغسله بالتراب لأن فيه طهورية وإزالة لها ويجزىء عن التراب الاشنان والصابون ونحوهما والصابون ونحوه أبلغ (3) وأقوى في الإزالة والإنقاء. ثانياً: نجاسة الكلب ونجاسة سؤره وكل ما خرج منه، وبهذا قال الجمهور، لأن العلة عندهم في غسل الإناء تنجسه بسؤر الكلب الذي وقع فيه، ومما يؤكد أن النجاسة هي العلة الشرعية في الأمر بغسله ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب "(4) فإن قوله صلى الله عليه وسلم " طهور إناء أحدكم " يدل على نجاسة الإناء الذي ولغ فيه الكلب -لأن الطهور والطهارة معناهما إزالة النجاسة، فيكون معنى الحديث أن تطهير الإناء الذي ولغ فيه الكلب، وإزالة النجاسة منه لا تكون إلّا بغسله سبعاً، ومعنى ذلك أن الإناء قد تنجس، وأنه لا يطهر إلاّ بغسله سبعاً، فالعلة إذن هي النجاسة. وذهب مالك إلى طهارة الكلب وسؤره، وقال: العلة في الأمر بغسل- الإناء من شربه فيه شيء آخر غير النجاسة، وأن
(1) الإحكام شرح أصول الأحكام ج 1 للشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم الحنبلي النجدي المتوفى سنة 1392.
(2)
ويكفى غسله ثلاثاً كما في عون المعبود ج 1.
(3)
الإحكام شرح أصول الأحكام للشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم النجدي الحنبلي.
(4)
أخرجه مسلم وأبو داود.
120 -
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:
كَانَتِ الكِلَابُ تُقْبِلُ وَتُدْبِرُ في الْمَسْجِدِ في زمَانِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئَاً مِنْ ذَلِكَ.
ــ
هذا الأمر بغسله سبعاً إنما هو أمر تعبدي لم نَطّلِع على حكمته، وسر مشروعيته، ولم تظهر لنا العلة فيه، هذا هو قول مالك وقد كشف الطب عن وجود جرثومة مرضية في الكلب هي جرثومة الكلب التي تنتقل عن طريق العدوى من الكلب المصاب بهذا المرض إلى الإِنسان فيصاب بهذا المرض الخبيث، وبذلك فقد أصبحت العلة في غسل الإناء إنما هي أمر صحي وهو الوقاية من العدوى ولا علاقة لذلك بالنجاسة. والمطابقة: في كون الترجمة من لفظ الحديث.
120 -
معنى الحديث: يقول ابن عمر رضي الله عنهما: " كانت الكلاب تقبل وتدبر في المسجد " أي تمر في المسجد وتسير فيه وتقطعه ذهاباً وإياباً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم بل كانت تبول فيه كما في رواية أبي نعيم والبيهقي " فلم يكونوا يرشون شيئاً من ذلك " أي فما كانوا يرشون شيئاً من مواضع بولها. الحديث: أخرجه أيضاً أبو داود.
ويستفاد منه: كما قال مالك: أن الكلب طاهر، وكذلك سؤره، وكل
ما خرج منه، قال مالك: ولولا طهارة الكلاب لما تركها الصحابة تسير
في المسجد وتبول فيه على مرأى من النبي صلى الله عليه وسلم، ولما أقرهم صلى الله عليه وسلم على ذلك
دون أن يأمرهم بإخراجها من المسجد وتطهير مواضع بولها فيه: وقالت الحنفية: إن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يتركوا الكلاب في المسجد لطهارتها وطهارة أبوالها، ولكن لأن أرض المسجد كانت معرّضةً للشمس والريح، فهما تطهرانها كما عليه أكثر أهل العلم. قال (1) شيخ الإِسلام وغيره: إذا أصابت الأرض
(1) الإحكام شرح أصول الأحكام للشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم الحنبلي النجدي.