الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
69 - " بَابُ حِفْظِ الْعِلْمِ
"
87 -
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
إِنَّ الناسَ يَقولُونَ أكْثَرَ أبو هُرَيْرَةَ، وَلَوْلا آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللهِ مَا حَدَّثْتُ حَدِيثَاً، ثُمَّ يَتْلُو (إنَّ الَّذِيْن يَكْتُمُونَ ما أنزلْنَا من البَيناتِ والْهُدَى -
ــ
ولا يبقى منه أحد بعد انتهاء المائة الأولى من هجرته صلى الله عليه وسلم وليس المراد منه فناء العالم البشري كله. الحديث: أخرجه الشيخان.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: جواز السمر في العلم بعد العشاء تعليماً وتعلماً ووعظاً وتأليفاً لأنه صلى الله عليه وسلم وعظ أصحابه بعد العشاء بقصر أعمارهم ليجتهدوا في العبادة. ثانياً: مشروعية قيام الواعظ بعد الصلاة مباشرة.
والمطابقة: في كونه صلى الله عليه وسلم وعظ أصحابه بعد العشاء.
69 -
" باب حفظ العلم "
87 -
معنى الحديث: يقول أبو هريرة: " إن الناس يقولون: أكثر أبو هريرة ولولا آيتان في كتاب الله ما حدَّثت حديثاً، ثم يتلو (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) أي أن أبا هريرة كان أكثر الصحابة حديثاً ورواية حتى بلغت أحاديثه (5374) فقال الصحابة: أكثر أبو هريرة، فخشي رضي الله عنه أن يداخلهم الشك في صحة أحاديثه، فقال رضي الله عنه: لولا وجود هاتين الآيتين اللتين توعد الله تعالى بهما كاتم العلم باللعنة لما رويت لكم حديثاً واحداً، ولكني أخشى أن تصيبني هذه اللعنة إن أنا كتمت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إلى قَوْلِهِ- الرَّحِيمِ) وَإنَّ إخْوانَنَا مِنَ الْمُهَاجِرينَ كَانَ يَشْغَلُهُمْ الصَّفْقُ بِالأسْوَاقِ، وإنَّ إخْوَانَنَا مِنَ الأنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ الْعَمَلُ في أمْوالِهِمْ، وإنَّ أبا هُرَيْرَةَ كَانَ يَلْزَمُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِشِبَعِ بَطْنِهِ، فَيحْضُرُ مَا لا يَحْضُرُونَ، وَيَحْفَظُ مَا لا يَحْفَظُونَ.
88 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ:
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أسْمَعُ مِنكَ حَدِيثَاً كَثِيرَاً أنسَاهُ، قَالَ: ابْسُطْ رِدَاءَكَ، فَبَسَطتهُ، قَالَ: فَغَرَفَ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: ضُمَّهُ، فَضَمَمْتُهُ، فَما نَسِيتُ شَيْئَاً بَعدَهُ".
ــ
ثم بين رضي الله عنه السبب الذي ساعده على حفظ هذا العدد الكثير من الأحاديث التي لم يحفظها غيره، وهو ملازمته للنبي أكثر من سواه، فقال:" إن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم (1) الصفق في الأسواق " أي كان يشغلهم عن ملازمة النبي صلى الله عليه وسلم والمواظبة على حضور مجالسه ممارستهم للبيع والشراء في أسواقهم التجارية " وإن إخواننا من الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم " أي في بساتينهم وحقولهم " وإنّ أبا هريرة كان يلزم رسول الله صلى الله عليه وسلم لشبع بطنه " أي مكتفياً بقوت يومه " ويحفظ ما لا يحفظون " لدوام ملازمته. الحديث: أخرجه الشيخان والنسائي وابن ماجة. والمطابقة: في قوله " يحفظ ما لا يحفظون ".
88 -
معنى الحديث: يقول أبو هريرة رضي الله عنه: " قلت: يا رسول الله إني أسمع منك حديثاً كثيراً أنساه " لكثرته. " قال ابسط رداءك فبسطته فغرف بيديه " أي فضم كفيه وغرف بهما من الفيض الإِلهي
(1) بفتح أوّله وثالثه، وحكي ضم أوله من الرباعي وهو شاذ كما أفاده القسطلاني.
89 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ:
حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وِعَاءَيْن، فَأمَّا أحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ، وأمَّا الآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا البُلْعُومُ"
ــ
" ثم قال: ضمه " إلى صدرك ليحل فيه من ذلك الفيْض الإِلهي المبارك ما يملأه نوراً وقوةً وملكة في حفظ الحديث تحصيله " فضممته فما نسيت شيئاً بعده " وفي رواية فما نسيتُ شيئاً سمعته منه صلى الله عليه وسلم. الحديث: أخرجه أيضاً الترمذي. والمطابقة: في قوله " فغرف بيده ثم قال: ضمه فضممته، فما نسيت شيئاً بعده ".
89 -
معنى الحديث: يقول أبو هريرة رضي الله عنه: " حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين "(1) أي صنفين مختلفين من العلم " فأما أحدهما " وهو علم الشريعة المتعلق بالعقائد والأحكام " فبثثته " أي نشرته فيكم وبلغته لكم. " وأما الآخر " أي وأما الصنف الآخر " فلو بثثته فيكم قطع هذا البلعوم "(2) أي فلو بلغته وتحدثت به إلى الناس لذبحت ذبح الشاة، والراجح أنّ هذا العلم هو ما يتعلق بأخبار ولاة السوء كيزيد بن معاوية وغيره، وقد كان أبو هريرة رضي الله عنه يقول: لو شئت أن أسميهم بأسمائهم لفعلت، ويقول: أعوذ بالله من رأس الستين وإمارة الصبيان، يشير إلى خلافة يزيد، وقد استجيب دعاؤه فمات سنة 59 من الهجرة. الحديث: أخرجه البخاري.
والمطابقة: في قوله " حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين ".
ويستفاد من أحاديث الباب ما يأتي: أولاً: أن من الأسباب التي تساعد على كثرة حفظ العلم وتحصيله ملازمة العلماء والتفرغ عن الشواغل والانقطاع
(1) قال الحافظ " وعاءين " أي ظرفين أطلق المحل وأراد الحال أي نوعين من العلم.
(2)
بضم الباء، وكنى به عن القتل كما أفاده القسطلاني.