الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِجَبَّارٍ تامّ، ومثله آخر السورة تامّ.
سورة والذاريات
مكية (1)
ستون آية، ولا وقف من أوّلها إلى: إنما توعدون لصادق (2)، والواو في وَالذَّارِياتِ للقسم، وما بعدها للعطف وجواب القسم، إنما توعدون لصادق، وهو تامّ، وحكي عن سيبويه أنه سأل الخليل بن أحمد: لم لم تكن الواو التي بعد واو القسم كواو القسم؟ فأجابه بقوله: لو كانت قسما كانت لكل واحدة من الواوات جواب، فلذلك صارت هذه الأشياء قسما في أوائل السور وإن طال النسق، فلو قلت: والله لا أكلم زيدا غدا، ولا أرافقه، ولا أشاركه، ولا أبيعه من غير إعادة لفظ الجلالة ثم فعلت جميع ذلك فكفارة واحدة بالفعل الأول، ولا شيء عليك فيما بعده، لأن المعطوف على القسم من غير إعادة لفظ الجلالة غير قسم، وشرط التمام في لَصادِقٌ أن يجعل ما بعده مستقبلا، وليس بوقف إن عطف على ما قبله وداخلا في الجواب ومن تتمته، لأن شأن القسم إذا ابتدئ به لا بدّ أن يكون له جواب. وأما لو توسط نحو ضرب والله زيد، أو تأخر نحو ضرب زيد عمرا والله فلا يحتاج إلى جواب لَواقِعٌ تامّ إن جعل ما بعده مستأنفا قسما ثانيا فيكون قد أقسم بالذاريات فالحاملات فالجاريات فالمقسمات، فجعل مجموعها قسما واحدا،
ــ
سورة والذاريات مكية قوله: وَالذَّارِياتِ والمعطوفات عليها أقسام، وجوابها: إنما توعدون لصادق، والوقف عليه تام: إن جعل ما بعده مستقلا، وليسا بوقف إن جعل معطوفا عليه من تتمة الجواب، وهو الأجود لَواقِعٌ تامّ، وكذا: من أفك يَوْمُ الدِّينِ كاف، وكذا:
(1) وهي ستون آية ومكية بالاتفاق.
(2)
كما أسلفنا الأولى اتباعا للسنة أن يوقف على رءوس الآي والاتباع أولى من الابتداع.
وفصل أبو حيان حيث قال: والذي يظهر أن المقسم به شيئان، فإن جاء العطف بالواو أشعر بالتغاير، وإن جاء بالفاء دل على أنها لموصوف واحد كقوله: والعاديات ضبحا، فالموريات قدحا، فالمغيرات صبحا، فهي راجعة إلى العاديات، وهي الخيل، انظره في المرسلات، وليس بوقف إن جعل ما بعده داخلا في جواب القسم، والقسم الثاني في قوله: والسماء ذات الحبك، وجوابه: إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ ومُخْتَلِفٍ ليس بوقف إن جعل يُؤْفَكُ في موضع جرّ صفة لقول، وإن جعل مستأنفا حسن الوقف على:
مختلف مَنْ أُفِكَ تامّ، على الوجهين ساهُونَ ليس بوقف، لأن يَسْئَلُونَ صفة الذين، وأيان يوم الدين مبتدأ وخبر. إن قيل: هما ظرفان، فكيف يقع أحد الظرفين في الآخر؟ أجيب بأنه على حذف مضاف، أي: أيان وقوع يوم الدين، قاله السمين يَوْمُ الدِّينِ كاف، لأن يوم مبتدأ، وهم خبره. وقيل: ليس بوقف لأن يوم في موضع رفع إلا أنه مبنيّ على الفتح، وهو بدل من قوله: يوم الدين، وقرأ ابن أبي عبلة يَوْمَ هُمْ (1) بالرفع، ويؤيد بالقول بالبدلية.
ورسموا يَوْمَ هُمْ (2) كلمتين: يوم وحدها كلمة، وهم وحدها كلمة، فهما كلمتان كما ترى يُفْتَنُونَ كاف فِتْنَتَكُمْ حسن، لأن هذا مبتدأ، والذي خبره، أي: هذا العذاب تَسْتَعْجِلُونَ تامّ، للابتداء بإن وَعُيُونٍ ليس بوقف، لأن آخِذِينَ حال من الضمير في وَعُيُونٍ،
ــ
يفتنون، و: ذوقوا فتنتكم تَسْتَعْجِلُونَ تامّ رَبُّهُمْ كاف، وكذا: محسنين
(1) وهي قراءة شاذة، ولا تصح الصلاة ولا القراءة بها لمخالفتها للمتواتر السند.
(2)
قال العلماء: يستحب للقارئ أن يبين عند قراءته الفرق بين يومهم ويَوْمَ هُمْ وذلك في النطق ذلك إلا بالتلقي عن المشايخ، لأن كيفيتها من الكيفيات التي لا تعلم إلا بالمشافهة.
ولو قرئ (آخذون) بالرفع لساغ عربية، وذلك أن الظرف قد قام مقام الاستقرار والرفع على أنه خبر إن، ويكون الظرف ملغى. كقوله: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ. قاله العبادي ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ كاف، ومثله:
محسنين، وكذا: ما يهجعون. قيل: ما مصدرية. وقيل: نافية، فعلى أنها مصدرية فالوقف على: يهجعون. قيل: وفي الثاني على: قليلا، والتقدير على أنها مصدرية كان هجوعهم من الليل قليلا، وعلى أنها نافية كان عددهم قليلا ما يهجعون، أي: لا ينامون من الليل. قال يعقوب الحضرمي: اختلف في تفسيرها فقيل كانوا قليلا، أي: كان عددهم يسيرا، ثم ابتدأ فقال: من الليل ما يهجعون، وهذا فاسد، لأن الآية إنما تدلّ على قلة نومهم، لا على قلة عددهم. وقال السمين: نفي هجوعهم لا يظهر من حيث المعنى ولا من حيث الصناعة. أما الأول فلا بد أن يهجعوا ولا يتصوّر نفي هجوعهم. وأما الصناعة فلأن ما في حيز النفي لا يتقدم عليه، لأن «ما» لا يعمل ما بعدها فيما قبلها عند البصريين، تقول زيدا لم أضرب ولا تقول زيدا ما ضربت، هذا إن جعلتها نافية وإن جعلتها مصدرية صار التقدير، كان هجوعهم من الليل قليلا، ولا فائدة فيه، لأن غيرهم من سائر الناس بهذه المثابة يَسْتَغْفِرُونَ كاف، ومثله: والمحروم، وكذا: للموقنين وَفِي أَنْفُسِكُمْ أكفى منه تُبْصِرُونَ كاف، ومثله: توعدون، وقرأ ابن محيص وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ اسم فاعل، والله سبحانه وتعالى متعال عن الجهة، ولا يوقف على:
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قيل: ما مصدرية، أي: كان هجوعهم من الليل قليلا. وقيل: نافية، أي: كان عددهم قليلا ما يهجعون، أي: لا ينامون من الليل، فالوقف في الأول على: ما يهجعون، وفي الثاني على: قليلا، ثم على: ما يهجعون، وهما صالحان، والأحسن الوقف على: يستغفرون وَالْمَحْرُومِ كاف، وكذا:
للموقنين، والأحسن، وفي أنفسكم تُبْصِرُونَ كاف تُوعَدُونَ حسن
رزقكم، لأن قوله وَما تُوعَدُونَ موضعه رفع بالعطف كأنه قال: وفي السماء رزقكم وموعدكم والموعود به الجنة: لأنها فوق السماء السابعة، أو هو الموت، والرزق المطر. وقيل: وَما تُوعَدُونَ مستأنف خبره، فو ربّ السماء والأرض، وقوله: إِنَّهُ لَحَقٌّ جواب القسم، وعليه فالوقف على: رزقكم تُوعَدُونَ كاف فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ ليس بوقف على قراءة من قرأ مثل بالرفع، لأن مثل نعت لحقّ كأنه قال حقّ مثل نطقكم، وبهذه القراءة قرأ حمزة والكسائي، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وحفص مِثْلَ ما بنصب مثل على الحال من الضمير في لحقّ. أو حال من نفس حقّ، أو هي حركة بناء لما أضيف إلى مبنيّ بني كما بنيت غير في قوله:
لم يمنع الشرب منها غير أن نطقت
…
حمامة في غصون ذات أو قال
تَنْطِقُونَ تامّ الْمُكْرَمِينَ جائز، إن نصب إذ بمقدّر، وليس بوقف إن نصب بحديث بتقدير. هل أتاك حديثهم الواقع في وقت دخلوهم عليه، ولا يجوز نصبه بأتاك، لاختلاف الزمانين، وقرأ العامة الْمُكْرَمِينَ بالتخفيف، وعكرمة بالتشديد ونصب سلاما بتقدير فعل، أي: سلمنا سلاما، أو هو نعت لمصدر محذوف، أي: فقالوا قولا سلاما. لا بالقول، لأنه لا ينصب إلا ثلاثة أشياء الجمل نحو، قال إني عبد الله، والمفرد المراد به لفظه نحو: يقال له إبراهيم، والمفرد المراد به الجملة نحو: قلت قصيدة وشعرا، ورفع سلام بتقدير: عليكم سلام فَقالُوا سَلاماً حسن، ومثله: قال سلام، ثم تبتدئ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ أي: أنتم قوم منكرون، وهو كاف، ومثله: سمين على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن عطف ما بعده على ما قبله فَقَرَّبَهُ
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَنْطِقُونَ تامّ فَقالُوا سَلاماً حسن، وكذا: قال سلام. وقال أبو عمرو فيهما:
كاف مُنْكَرُونَ كاف، أي: أنتم قوم منكرون أَلا تَأْكُلُونَ كاف، وكذا: لا
إِلَيْهِمْ حسن، ومثله: تأكلون خِيفَةً جائز، ومثله: لا تخف بِغُلامٍ عَلِيمٍ كاف فَصَكَّتْ وَجْهَها جائز عَقِيمٌ كاف، ومثله:
قال ربك، وتامّ عند أبي حاتم الْعَلِيمُ تامّ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ كاف، ولا وقف من قوله: قالوا إنا أرسلنا إلى للمسرفين، فلا يوقف على: مجرمين، لأن ما بعده لام كي، ولا على: من طين، لأن مُسَوَّمَةً من نعت حِجارَةً كأنه قال: حجارة مسوّمة، أي: معلمة عليها اسم صاحبها، ومن حيث كونه رأس آية يجوز لِلْمُسْرِفِينَ كاف، على استئناف ما بعده مِنَ الْمُؤْمِنِينَ جائز، مع العطف بالفاء واتصال المعنى، وإنما جاز مع ذلك لكونه رأس آية مِنَ الْمُسْلِمِينَ كاف الْأَلِيمَ تامّ، لتناهي القصة مُبِينٍ جائز، ومثله: أو مجنون مُلِيمٌ تامّ،
على استئناف ما بعده الْعَقِيمَ جائز كَالرَّمِيمِ كاف حِينٍ جائز يَنْظُرُونَ كاف، ومثله: منتصرين لمن قرأ وَقَوْمَ نُوحٍ بالنصب بفعل مضمر، أي: وأهلكنا قوم نوح، وليس بوقف إن عطف على مفعول، فأخذناه، أو عطف على مفعول، فنبذناهم، أو عطف على مفعول، فأخذتهم الصاعقة، أو جرّ عطفا على محل، وفي ثمود، ومن حيث كونه رأس آية يجوز، أقر الأخوان وأبو عمرو وقوم نوح بجرّ الميم عطفا على ثمود، فعلى قراءتهم لا يوقف على: حين، ولا على: ينظرون، ولا على: منتصرين، لأن الكلام متصل فلا يقطع بعضه عن بعض، والباقون بالنصب مِنْ قَبْلُ جائز فاسِقِينَ تامّ بأييد جائز.
ورسموا بأييد بياءين بعد الألف كما ترى
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تخف، و: بغلام عليم وعقيم قالَ رَبُّكِ تامّ الْعَلِيمُ حسن الْمُرْسَلُونَ كاف مِنْ طِينٍ جائز لِلْمُسْرِفِينَ كاف، وكذا: من المسلمين الْأَلِيمَ حسن أَوْ مَجْنُونٌ صالح مُلِيمٌ كاف، وكذا: كالرميم يَنْظُرُونَ صالح مُنْتَصِرِينَ كاف فاسِقِينَ حسن لَمُوسِعُونَ صالح فَرَشْناها جائز الْماهِدُونَ كاف،
تَذَكَّرُونَ كاف، ومثله: إلى الله، وكذا: مبين، وكذا: إلها آخر، وكذا:
مبين الثاني كَذلِكَ أكفى، فالكاف في محل رفع، أي: الأمر كذلك، فالتشبيه من تمام الكلام، فالكاف خبر مبتدإ محذوف، أو في محل نصب، أي: مثل تكذيب قومك إياك مثل تكذيب الأمم السابقة لأنبيائهم، ولا يجوز نصب الكاف بأتى، لأنها ليست متصلة بشيء بعدها، لأن ما إذا كانت نافية لم يعمل ما بعدها في شيء قبلها ولو أتى موضع ما بلم لجاز أن تنصب الكاف بأتى، لأن المعنى يسوغ عليه، والتقدير، كذبت قريش تكذيبا مثل تكذيب الأمم السابقة رسلهم أَوْ مَجْنُونٌ حسن أَتَواصَوْا بِهِ أحسن مما قبله طاغُونَ تامّ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ جائز بِمَلُومٍ كاف، على استئناف ما بعده، فإن جعل داخلا فيما أمر به الرسول، لأنه أمر بالتولي والتذكير كان الوقف التام على: المؤمنين إِلَّا لِيَعْبُدُونِ حسن، أي: من أردت منهم العبادة فلا ينافي أن بعضهم لم يعبده، ولو خلقهم لإرادة العبادة منهم لكانوا عن آخرهم كذلك، لأنه لا يقع في ملكه ما لا يريد، ولو خلقهم للعبادة لما عصوه طرفة عين، وبعضهم جعل اللام للصيرورة والمآل، وهي أن يكون ما بعدها نقيضا لما قبلها مِنْ رِزْقٍ جائز أَنْ يُطْعِمُونِ تامّ، للابتداء بإنّ هُوَ الرَّزَّاقُ حسن، إن جعل ما بعده مستأنفا، وليس بوقف إن جعل صفة الْمَتِينُ تامّ، نعت لذو، وللرزاق، أو نعت لاسم إن على المحل، وهو مذهب الفراء، أو خبر بعد خبر أو خبر مبتدإ محذوف، وعلى كل تقدير فهو تأكيد، لأن ذو القوة يفيد فائدته أَصْحابِهِمْ جائز فَلا يَسْتَعْجِلُونِ كاف، آخر السورة تامّ.
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وكذا: تذكرون مُبِينٌ حسن. وقال أبو عمرو: تامّ إِلهاً آخَرَ كاف مُبِينٌ حسن، وكذا: كذلك، أي: الأمر كذلك أَوْ مَجْنُونٌ حسن، وقياس ما مرّ صالح أَتَواصَوْا بِهِ كاف، وكذا: طاغون الْمُؤْمِنِينَ تامّ لِيَعْبُدُونِ حسن، وكذا: يطعمون الْمَتِينُ كاف، وكذا: يستعجلون، آخر السورة تامّ.