الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بجلاله، كما أسند المجيء والإتيان على معنى يليق به تعالى: فلعل تكفيره الواقف لاحظ أن الله لا يوصف بالذهاب ولا بالمجيء، وكذلك لا وجه لتكفيره الواقف على قوله: لَفِي خُسْرٍ (1) مع أن الهمداني والعبادي قالا: إنه جائز، والكتابة على بقية ما نسب لابن الجزري تطول أضربنا عنها تخفيفا، ويدخل الواقف على الوقوف المنهي عنها في عموم قوله صلى الله عليه وسلم في حق من لم يعمل بالقرآن:«رب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه» كأن يقرأه بالتطريب والتصنع، فهذه تخلّ بالمروءة وتسقط العدالة. قال التتائي: ومما يردّ الشهادة التغني بالقرآن: أي بالألحان التي تفسد نص القرآن ومخارج حروفه بالتطريب وترجيع الصوت من لحن بالتشديد طرب. وأما الترنم بحسن الصوت، فهو حسن، فقد ورد «أن النبيّ صلى الله عليه وسلم سمع صوت عبد الله بن قيس المكنى بأبي موسى الأشعري، وهو يقرأ القرآن، فقال لقد أوتي هذا مزمارا من مزامير آل داود» (2).
تنبيهات
: [التنبيه] الأول: يجب (3) اتباع ما رسم في المصحف العثماني
من
ــ
الباب الثالث: في هاء التأنيث كطلحة وحمزة ونعمة وشجرة أكثرها مكتوب بالهاء، وبعضها بالتاء كما سيأتي
(1) العصر: 2.
(2)
رواه البخاري (9/ 81)، ومسلم (793)، والترمذي (3854).
(3)
اعلم أنه يجب على كل مسلم أن يتلقى ما كتبته الصحابة بالقبول والتسليم فقد اجتمع على كتابة المصحف الشريف اثنا عشر ألفا من الصحابة رضي الله عنهم وناهيك بهذا إجماع، فكيف المخالفة وقد قال الله تعالى: وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً، وقال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: تحرم مخالفة خط المصحف العثماني في واو أو ياء أو ألف أو غير ذلك، ونقل الجعبري وغيره إجماع الأئمة الأربعة على وجوب اتباع مرسوم المصحف العثماني، وقال الخراز في عمدة البيان في الزجر
المقطوع والموصول، وما كتب بالتاء المجرورة، وما كتب بالهاء، وتأتي مفصلة في محالها. كل ما في القرآن من ذكر إنما من كل حرفين ضم أحدهما إلى الآخر، فهو في المصحف الإمام حرف واحد، فلا تفصل أن عن ما إن كان لا يحسن موضع ما الذي نحو إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ فلا يقال إن الذي نحن مصلحون، وإن كان يحسن موضع ما الذي نحو إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ فهما حرفان، ولم يقطع في القرآن غيره، وكل ما في القرآن من ذكر عما، فهو حرف واحد إلا قوله تعالى: فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ فهما حرفان، لأن المعنى الذي نهوا عنه، ولم يقطع في القرآن غيره، وكل ما في القرآن من ذكر ماذا فلك فيه وجهان. أحدهما: أن تجعل ما مع ذا كلمة واحدة، وذا ملغاة.
ــ
بيانهما في الباب الآتي ويجوز كتابة الجميع بالهاء وبالتاء، ولم يختلفوا في الوصل أنها تاء وإنما اختلفوا في الوقف عليها والاختيار عند أكثرهم اتباع الخط. وقيل: إن شئت وقفت بالهاء وإن شئت وقفت بالتاء، فعليه الهاء والتاء أصلان. وقيل التاء أصل، لأنها حرف إعراب ولأنك تقول قامت وقعدت، ويوقف عليها في لغة طيئ في امرأة وجارية.
وقيل الهاء أصل في الأسماء للفرق بينها وبين الأفعال لكثرة ما كتب بالهاء في الأسماء
عن مخالفة رسم المصاحف:
فواجب على ذوي الأذهان
…
أن يتبعوا المرسوم في القرآن
ويعتدوا بما رآه نظرا
…
إذ جعلوه للأنام وزرا
وكيف لا يحب الاقتداء
…
لما أتى نصابه الشفاء
إلى عياض أنه من غيرا
…
حرفا من القرآن عمدا كفرا
زيادة أو نقصا أو أن يبدلا
…
شيئا من الرسم الذي تأصلا
واعلم أن كل ما كتب في المصحف على غير أصل لا يقاس عليه غيره من الكلام لأن القرآن يلزمه لكثرة الاستعمال ما لا يلزم غيره، واتباع المصحف في هجائه واجب والطاعن في هجائه كالطاعن في تلاوته، وقد تواطأ إجماع الأمة حتى قالوا في جميع هجائه أنه كتب بحضرة جبريل عليه السلام وأقره جبريل فدل ذلك على أنه توقيفي من عند الله عز وجل وانظر نهاية القول المفيد (184)، تحبير التيسير (77).
والثاني: أن تجعل ما وحدها استفهاما محلها رفع على الابتداء وذا اسما موصولا بمعنى الذي محله رفع خبر ما، لأنها لم تلغ، فهما كلمتان، واشترطوا في استعمال ذا موصولة أن تكون مسبوقة بما، أو من الاستفهاميتين نحو قوله:
[الكامل]
وقصيدة تأتي الملوك غريبة
…
قد قلتها ليقال من ذا قالها
أي من الذي قالها، وإن لم يتقدّم على ذا ما ولا من الاستفهاميتان لم يجز أن تكون موصولة، وأجازه الكوفيون تمسكا بقول الشاعر:[الطويل]
عدس ما لعباد عليك إمارة
…
نجوت وهذا تحملين طليق
فزعموا أن التقدير والذي تحملينه طليق، فذا موصول مبتدأ وتحملين صلة والعائد محذوف وطليق خبر وعدس اسم صوت تزجر به البغلة، وفيه الشاهد على مذهب الكوفيين أن هذا بمعنى الذي، ولم يتقدم على ذا ما، ولا من الاستفهاميتان، ومن ذلك وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ (1) فمن نصب العفو له وجهان. أحدهما: جعل ماذا كلمة واحدة ونصبه بينفقون ونصب العفو بإضمار ينفقون: أي ينفقون العفو. الثاني: جعل ماذا حرفين ما وحدها استفهاما محلها رفع على الابتداء، وذا اسما موصولا بمعنى الذي محله رفع خبر ما لأنها لم تلغ ونصب العفو بإضمار ينفقون. وكل ما فيه من
ــ
وقلة ما كتب بالتاء فيها، ووقف الجمهور بالتاء على: وَلاتَ حِينَ، وأَ فَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ، وذات من ذاتَ بَهْجَةٍ بالتاء إن وقف لضرورة، وإلا فليس ذلك وقفا، ووقف أبو جعفر وابن كثير وابن عامر ورويس عن يعقوب على يا أبت بالهاء والباقون بالتاء والوقف على ملكوت والطاغوت والتابوت بالتاء، وعلى هَيْهاتَ هَيْهاتَ بالتاء عند من كسرها تشبيها لها بتاء الجمع في نحو عرفات، وبالهاء عند من فتحها، وعلى
(1) البقرة: 219.
ذكر أينما فهو في الإمام كلمة واحدة في قوله فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ (1) في البقرة، وأَيْنَما يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ (2) في النحل، وأَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (3) في الشعراء. وكل ما فيه من ذكر كل ما، فكل مقطوعة عن ما. قال الزجاجي: إن كانت كلما ظرفا فهي موصولة وإن كانت شرطا فهي مقطوعة كقوله: وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ (4) فكل مقطوعة من غير خلاف، وما عدا ذلك فيه خلاف وكل ما فيه من ذكر أمّن فهو بميم واحدة إلا أربعة مواضع فبميمين، وهي: أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (5) في النساء، وأَمْ مَنْ أَسَّسَ (6) في التوبة، وأَمْ مَنْ خَلَقْنا (7) في الصافات، وأَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً (8) في فصلت. وكل ما فيه من ذكر: فإن لم فهو بنون إلا قوله: فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ (9) في هود: وكل ما فيه من ذكر إما فهو بغير نون إلا قوله: وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ (10) في الرعد فبنون. وكل ما فيه من ذكر ألا فبغير نون كلمة واحدة إلا عشر مواضع فبنون اثنان في الأعراف حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ (11)، وأَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ (12)، وأَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ (13) في التوبة، واثنان في هود: وَأَنْ
ــ
التوراة بالهاء عند الجمهور، وبها عند حمزة، وعلى مرضات بالهاء عند الكسائي، وبالتاء عند حمزة.
(1) البقرة: 115.
(2)
النحل: 76.
(3)
الشعراء: 92.
(4)
إبراهيم: 34.
(5)
النساء: 109.
(6)
التوبة: 109.
(7)
الصافات: 11.
(8)
فصلت: 40.
(9)
هود: 14.
(10)
الرعد: 40.
(11)
الأعراف: 105.
(12)
الأعراف: 169.
(13)
التوبة: 118.
لا إِلهَ إِلَّا هُوَ (1) وأَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ (2). الثاني: أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً (3) في الحج، وأَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ (4) في يس، وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ (5) في الدخان، وأَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً (6) في الممتحنة، وأَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ (7) في ن. وكل ما فيه من ذكر كيلا ولكيلا فموصول كلمة واحدة في آل عمران لِكَيْلا تَحْزَنُوا (8) وفي الحج لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً (9)، وثانية الأحزاب: لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ (10). وفي الحديد لِكَيْلا تَأْسَوْا (11)، وأما كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً (12) في الحشر، ولِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ (13) في الأحزاب فهما كلمتان. وكل ما فيه من ذكر نعمة فبالهاء إلا في أحد عشر موضعا، فهي بالتاء المجرورة اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ* (14) في البقرة وآل عمران، واذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ (15) في المائدة، وبَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ (16) في إبراهيم، وفيها وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها (17)، وثلاثة في النحل وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (18)،
ــ
الباب الرابع: فيما جاء من هاء التأنيث مكتوبا بالتاء ومكتوبا بالهاء فالنعمة كتبت بالهاء إلا في أحد عشر موضعا فبالتاء، وهي: واذكروا نعمت الله
(1) هود: 14.
(2)
هود: 26.
(3)
الحج: 26.
(4)
يس: 60.
(5)
الدخان: 19.
(6)
الممتحنة: 12.
(7)
القلم: 24.
(8)
آل عمران: 153.
(9)
الحج: 5.
(10)
الأحزاب: 50.
(11)
الحديد: 23.
(12)
الحشر: 7.
(13)
الأحزاب: 37.
(14)
البقرة: 231، آل عمران:103.
(15)
المائدة: 117.
(16)
إبراهيم: 28.
(17)
إبراهيم: 34.
(18)
النحل: 72.
ويَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ (1)، واشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ (2)، وبِنِعْمَتِ اللَّهِ (3) في لقمان، واذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ (4) في فاطر، فما أنت بنعمت ربك بكاهن ولا مجنون (5) في الطور. وكل امرأة ذكرت فيه مع زوجها فهي بالتاء المجرورة كامرأت عمران، وامرأت العزيز معا بيوسف، وامرأت فرعون، وامرأت نوح، وامرأت لوط، ولم تذكر امرأة باسمها في القرآن إلا مريم في أربعة وثلاثين موضعا.
التنبيه الثاني: (6) يكره اتخاذ القرآن معيشة وكسبا،
والأصل في ذلك ما رواه عمران بن حصين مرفوعا: «من قرأ القرآن فليسأل الله به فإنه سيأتي قوم يقرءون القرآن يسألون الناس به» وفي تاريخ البخاري بسند صالح: «من قرأ القرآن عند ظالم ليرفع منه لعن بكل حرف عشر لعنات» . قاله السيوطي في الإتقان: أي لأن في قراءته عنده نوع إهانة ينزه القرآن عنها، ونصب عشر على أنه مفعول لعن ونائب الفاعل مستتر يعود إلى من. وللسيوطي في الجامع «من أخذ على القرآن أجرا فذاك حظه من القرآن» حل عن أبي هريرة، وفيه
ــ
عليكم واحدة في البقرة وواحدة في آل عمران: وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ في المائدة، وبَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ، وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ في إبراهيم، وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ، ويَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ، وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ في النحل، وبِنِعْمَتِ اللَّهِ في لقمان، واذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ في فاطر، وبنعمت بك في الطور، والرحمة كتبت بالهاء إلا في سبعة مواضع فبالتاء، وهي: ويَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ في
(1) النحل: 83.
(2)
النحل: 114.
(3)
لقمان: 31.
(4)
فاطر: 3.
(5)
الطور: 29.
(6)
اختلف العلماء في أخذ الأجرة على تعليم القرآن فمنعه: الزهري وأبو حنيفة، وقال جماعة:
يجوز ما لم يشترط، وهو قول الحسن والشعبي وابن سيرين، وذهب مالك والشافعي وأحمد إلى الجواز وانظر المغنى (13/ 276)، والتبيان (47).
«من قرأ القرآن يتأكل به الناس جاء يوم القيامة ووجهه عظم ليس عليه لحم» هب عن بريدة ويدخل في الوعيد كل من ركن إلى ظالم، وإن لم يرفع منه شيئا لعموم قوله وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ (1) وقراءة القرآن أو غيره عنده تعدّ ميلا وركونا، قال السمين: ولما كان الركون إلى الظالم دون مشاركته في الظلم واستحق العقاب على الركون دون العقاب على الظلم أتى بلفظ المسّ دون الإحراق. وهذا يسمى في علم البديع الاقتدار وهو أن يبرز المتكلم المعنى الواحد في عدة صور اقتدارا على نظم الكلام، وركن من بابي علم وقتل، قرأ العامة: ولا تركنوا بفتح التاء والكاف ماضيه ركن بكسر الكاف من باب علم، وقرأ قتادة بضم الكاف مضارع ركن بفتح الكاف من باب قتل، والمراد بالظالم من يوجد منه الظلم، سواء كان كافرا أو مسلما.
التنبيه الثالث (2): اعلم أن كل كلمة تعلقت بما بعدها وما بعدها من تمامها لا يوقف عليها كالمضاف دون المضاف إليه
، ولا على المنعوت دون نعته ما لم يكن رأس آية، ولا على الشرط دون جوابه، ولا على الموصوف دون صفته، ولا على الرافع دون مرفوعه، ولا على الناصب دون منصوبه، ولا على المؤكد دون توكيده، ولا على المعطوف دون المعطوف عليه ولا على البدل دون
ــ
البقرة، وإِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ في الأعراف، ورَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ في هود، وذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ في مريم، وفَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ في الروم، وأَ هُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ، ورَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ في الزخرف. والسنة كتبت بالهاء إلا في خمسة مواضع فبالتاء، وهي سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ في الأنفال، وإِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ، وفَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا، ولَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا في فاطر، وسُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ في المؤمن. والمرأة كتبت بالهاء إلا في سبعة مواضع، فبالتاء
(1) هود: 113.
(2)
انظر نهاية القول المفيد (166)، (171).
المبدل منه، ولا على أن أو كان أو ظن وأخواتهنّ، دون اسمهن، ولا اسمهنّ دون خبرهنّ ولا على المستثنى منه دون المستثنى، لكن إن كان الاستثناء منقطعا فيه خلاف: المنع مطلقا لاحتياجه إلى ما قبله لفظا، والجواز مطلقا لأنه في معنى مبتدأ حذف خبره للدلالة عليه. الثالث التفصيل، فإن صرح بالخبر جاز وإن لم يصرح به فلا، قاله ابن الحاجب في أماليه. ولا يوقف على الموصول دون صلته. ولا على الفعل دون مصدره، ولا على حرف دون متعلقه. ولا على شرط دون جوابه، سواء كان الجواب مقدّما أو مؤخرا، فالمقدّم كقوله:
قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللَّهِ كَذِباً (1) لأن قوله إن عدنا متعلق بسياق الكلام والافتراء مقيد بشرط العود، والمؤخر كقوله: غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ (2) فإن قوله فإن الله جزاء من في: فَمَنِ اضْطُرَّ، ولا على الحال دون ذيها، ولا على المبتدإ دون خبره، ولا على المميز دون مميزه. ولا على القسم دون جوابه،
ــ
وهي امْرَأَتُ عِمْرانَ في آل عمران، وامْرَأَتُ الْعَزِيزِ ثنتان في يوسف، وامْرَأَتُ فِرْعَوْنَ في القصص، وامْرَأَتَ نُوحٍ، وامْرَأَتَ لُوطٍ، وامْرَأَتَ فِرْعَوْنَ في التحريم. والكلمة تكتب بالهاء إلا في ثلاثة مواضع فبالتاء، وهي: وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ في الأعراف، وحقت كلمت ربك في يونس، وحقت كلمت ربك في المؤمن. والمعصية تكتب بالهاء إلا في موضعين فبالتاء وهما: معصيت الرسول ثنتان في المجادلة. واللعنة تكتب بالهاء إلا في موضعين فبالتاء، وهما: لَعْنَتَ اللَّهِ في آل عمران، ولَعْنَتَ اللَّهِ في النور، والشجرة تكتب بالهاء إلا في موضع واحد فبالتاء، وهو: إن شجرت الزقوم في الدخان، والثمرة تكتب بالهاء إلا في موضع واحد فبالتاء وهو: وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ في فصلت، وتكتب لومة لائم في المائدة بالهاء، وبَقِيَّتُ اللَّهِ في هود بالتاء، قُرَّتُ عَيْنٍ لِي في القصص بالتاء، ويجوز في جميع المستثنيات أن يوقف عليه بالهاء.
(1) الأعراف: 89.
(2)
المائدة: 3.
ولا على القول دون مقوله لأنهما متلازمان كل واحد يطلب الآخر، ولا على المفسر دون مفسره لأن تفسير الشيء لا حق به ومتمم له، وجار مجرى بعض أجزائه، ويأتي التنبيه على ذلك في محله.
التنبيه الرابع (1): إذا اضطر القارئ ووقف على ما لا ينبغي الوقف عليه حال الاختيار
فليبتدئ بالكلمة الموقوف عليها إن كان ذلك لا يغير المعنى، فإن غير فليبتدئ بما قبلها ليصح المعنى المراد، فإن كان وقف على مضاف فليأت بالمضاف إليه أو وقف على المفسر فليأت بالمفسر، أو على الأمر فليأت بجوابه، أو على المترجم فليأت بالمترجم نحو: أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ (2) فلا يوقف عليه حتى يأتي بالمترجم.
التنبيه الخامس (3): قال ابن الجزري: ليس كل ما يتعسفه بعض القراء مما يقتضي وقفا يوقف عليه
كان يقف على قوله: أَمْ لَمْ* تنذر، ويبتدئ هم لا يُؤْمِنُونَ* على أنها جملة من مبتدإ وخبر، وهذا ينبغي أن يردّ ولا يلتفت إليه وإن كان قد نقله الهذلي في الوقف والابتداء وكأن يقف على
ــ
الباب الخامس في الهاءات التي تزاد في آخر الكلمة للوقف عليها تزاد الهاء وقفا للعوض عن حرف حذف. ولبيان حركة الساكن، فالتي للعوض لازمة وجائزة، فاللازمة تكون في فعل الأمر المعتلّ الفاء واللام نحو شه من وشى يشي، وعه من وعى يعي، وله من ولى يلي، وليس في القرآن منه شيء فلا يجوز حذفها منه وقفا لئلا تصير الكلمة على حرف واحد، وهو ممتنع إذ أقلّ حروف الكلمة حرفان:
حرف يبتدأ به وحرف يوقف عليه، ويستغنى عنها وصلا تقول: ش ثوبك، وع كلاما،
(1) انظر: نهاية القول المفيد (155).
(2)
الصافات: 125.
(3)
انظر: نهاية القول المفيد (171).
قوله: ثُمَّ جاؤُكَ يَحْلِفُونَ ثم يبتدئ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنا، ونحو: وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ. ثم يبتدئ: اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ، ونحو: فَلا جُناحَ ثم يبتدئ: عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما، ونحو: سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي ثم يبتدئ: بِحَقٍّ، وهو خطأ من وجهين.
أحدهما: أن حرف الجرّ لا يعمل فيما قبله. قال بعضهم: إن صح ذلك عن أحد كان معناه إن كنت قلته فقد علمته بحق. الثاني: أنه ليس موضع قسم.
وجواب آخر أنه إن كانت الباء غير متعلقة بشيء فذلك غير جائز، وإن كانت للقسم لم يجز. لأنه لا جواب هاهنا، وإن كان ينوي بها التأخير كان خطأ، لأن التقديم والتأخير مجاز ولا يستعمل المجاز إلا بتوقيف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو حجة قاطعة، ونحو: ادْعُ لَنا رَبَّكَ* ثم يبتدئ: بِما عَهِدَ عِنْدَكَ* وجعل الباء حرف قسم، ونحو: يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ ثم يبتدئ: بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ، وذلك خطأ، لأن باء القسم لا يحذف معها الفعل، بل متى ما
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ول أمرا، ويجوز حذفها من المضارع وقفا لانتفاء المحذور، ويستغنى عنها وصلا والاختيار إلحاقها به في غير القرآن، تقول لم يشه ولم يعه ولم يله. أما في القرآن نحو: وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ، فلا يجوز إلحاقها به تبعا للمصحف، ولئلا يزاد فيه ما ليس منه، ويجوز حذفها عند الأكثر في الأمر من معتلّ اللام وفي مضارعه المجزوم نحو: اغزه واخشه وارمه ولم يغزه ولم يخشه ولم يرمه، بل واجب القرّاء حذفها في ذلك من القرآن اتباعا للخط، ولئلا يلتبس بضمير المفعول كقوله تعالى: وَيَخْشَ اللَّهَ، ثُمَّ يَرْمِ بِهِ، يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وأما قوله تعالى: فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ، فالهاء فيه ثابتة خطّا، واختلف فيها فقيل إنها ضمير المصدر: أي اقتد الاقتداء، وقيل هاء السكت وعليه الأكثر. وقال الزجاج: إنها لبيان الحركة. ثم قال: فإن وصلت حذفت الهاء، والوجهان جيدان، لكن أكثر القرّاء على إثباتها وصلا كما أثبتوها وقفا تبعا للخط، ومثل اقتده، لم يتسنه إن جعلت الهاء للسكت بناء على أنه من سانيت، ومن قال إنه من سانهت كانت الهاء عنده أصلية، والوجهان جاريان فيه وفي اقتده وصلا. أما الوقف عليهما فبالهاء إجماعا.
ذكرت الباء تعين الإتيان بالفعل كقوله: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ*، يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ*، ولا تجد الباء مع حذف الفعل، ونحو: وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ ثم يبتدئ:
رَأَيْتَ نَعِيماً وليس بشيء لأن الجواب بعده، وثم ظرف لا ينصرف فلا يقع فاعلا ولا مفعولا، وغلط من أعربه مفعولا لرأيت، أو جعل الجواب محذوفا والتقدير إذا رأيت الجنة رأيت فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ونحو: كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ، ثم يبتدئ عِلْمَ الْيَقِينِ بنصب علم على إسقاط حرف القسم وبقاء عمله وهو ضعيف، وذلك من خصائص الجلالة فلا يشركها فيه غيرها عند البصريين، وجواب القسم لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ أي والله لترونّ الجحيم كقول امرئ القيس:[الطويل]
فقالت يمين الله مالك حيلة
…
وما إن أرى عنك الغواية تنجلي
فهذا كله تعنت وتعسف لا فائدة فيه فينبغي تجنبه وتحرّيه لأنه محض تقليد، وعلم العقل لا يعمل به إلا إذا وافقه نقل وسقت هذا هنا ليجتنب فإني رأيت من يدعي هذا الفنّ يقف على تلك الوقوف فيلقى في أسماع الناس شيئا لا أصل له وأنا محذر من تقليده واتباعه، وكذا مثله ممن يتشبه بأهل العلم وهم عنهم بمعزل، اللهم أرنا الحق حقا فنتبعه، والباطل باطلا فنجتنبه.
التنبيه السادس (1): ينبغي للقارئ أن يراعي في الوقف الازدواج والمعادل والقرائن والنظائر.
قال ابن نصير النحوي: فلا يوقف على الأول حتى
ــ
والتي لبيان حركة الساكن تلحق أنواعا: منها نون التثنية وجمع المذكر السالم نحو رجلين ورجلان ومسلمين ومسلمون فيقال: رأيت رجلينه ومسلمينه وجاءني رجلانه ومسلمونه لتسلم كسرة النون في التثنية وفتحتها في الجمع عند الوقف. ولا يجوز إلحاقها بنون مساكين، لأنها ليست نون جمع. وقد تلحق بالنون الداخلة على الأفعال
(1) انظر نهاية القول المفيد (155).
يأتي بالمعادل الثاني، لأنه به يوجد التمام وينقطع تعلقه بما بعده لفظا نحو:
لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ، يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ*، مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها* والأولى الفصل والقطع بين الفريقين، ولا يخلط أحدهما مع الآخر بل يقف على الأول. ثم يبتدئ بالثاني.
التنبيه السابع (1): كل ما في القرآن من ذكر الذين والذي يجوز فيه الوصل بما قبله نعتا،
والقطع على أنه خبر مبتدإ محذوف أو مبتدإ حذف خبره إلا في سبعة مواضع فإنه يتعين الابتداء بها: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ (2) في البقرة، وفيها أيضا: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ (3)، وفيها. أيضا: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا (4)، وفي التوبة: الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا (5)، وفي الفرقان: الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ (6)، وفي غافر: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ (7) لا يجوز وصلها بما قبلها لأنه يوقع في
ــ
نحو يضربان ويضربون تشبيها لها بنون التثنية والجمع فيقال يضربانه ويضربونه، وإنما فعلوا ذلك لأن النون فيما ذكر خفية وقعت بعد ساكن فكرهوا إسكانها وقفا لخفائها،
(1) انظر نهاية القول المفيد (155).
(2)
البقرة: 121.
(3)
البقرة: 146.
(4)
البقرة: 275.
(5)
التوبة: 20.
(6)
الفرقان: 34.
(7)
غافر: 7.
محظور كما بين فيما تقدم، وفي سورة الناس: الَّذِي يُوَسْوِسُ (1) على أنه مقطوع عما قبله، وفصل الرماني إن كانت الصفة للاختصاص امتنع الوقف على موصوفها لأنها لتعريفه فيلزم أن تتبعه في إعرابه ولا تقطع وإن كانت للمدح لا لتعريفه جاز القطع والإتباع والقطع أبلغ من إجرائها لأن عاملها في المدح غير عامل الموصوف.
التنبيه الثامن (2): أصل بلى عند الكوفيين بل التي للإضراب
زيد الياء
ــ
إسكانها وقفا لخفائها، هذا كله فيما وقع في غير القرآن، أما ما وقع فيه فلا يجوز عند
(1) الناس: 5.
(2)
بلى وقعت في القرآن في اثنتين وعشرين موضعا، وهي على ثلاثة أقسام:
أ- قسم يختار الوقف عليه: وهو عشرة مواضع:
1 -
قوله تعالى: أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ بَلى البقرة.
2 -
إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ بَلى البقرة.
3 -
أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى البقرة.
4 -
وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ بَلى آل عمران.
5 -
أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى الأعراف.
6 -
ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى النحل.
7 -
بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى يس.
8 -
أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى غافر 9 - بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى الأحقاف.
10 -
إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ الانشقاق.
ب- قسم يمتنع الوقف عليه:
1 -
قوله تعالى: أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا الأنعام.
2 -
مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا النحل.
3 -
قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ سبأ.
4 -
بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي الزمر.
في آخرها علامة لتأنيث الأداة ليحسن الوقف عليها يعنون بالياء الألف، وإنما سموها ياء لأنها تمال وتكتب بالياء، لأنها للتأنيث كألف حبلى. وقال البصريون: بلى حرف بسيط، وتحقيق المذهبين في غير هذا، وهي للنفي المتقدم في اثنتين وعشرين موضعا في ست عشرة سورة يمتنع الوقف على سبعة، وخمسة فيها خلاف، وعشرة يوقف عليها أشار إلى ذلك العلامة السيوطي نظما فقال:[الكامل]
حكم بلى في سائر القرآن
…
ثلاثة عن عابد الرحمن
أعني السيوطي جامع الإتقان
…
عن عصبة التفسير والبرهان
فالوقف في سبع عليها قد منع
…
لما لها تعلق بما جمع
قالوا بلى في سورة الأنعام
…
والنحل وعدا عن ذوي الأفهام
ــ
ما روى عن يعقوب، وتفصيله يعرف من محله، ومنها النون التي هي ضمير جمع
5 - قالُوا بَلى وَرَبِّنا الأحقاف.
6 -
قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ التغابن.
7 -
بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ القيامة.
ج- قسم مختلف فيه:
1 -
قوله تعالى: بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ بَلى آل عمران.
2 -
قالُوا بَلى وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ الزمر.
3 -
أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا الزخرف.
4 -
قالُوا بَلى وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ الحديد.
5 -
أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ، قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا الملك.
وأما لفظ نعم فالواقع منه في القرآن أربعة مواضع يوقف منها على واحد والثلاثة الباقية لا يوقف عليها ولا يبدأ إلا بما قبلها، والذي يوقف عليه:
قوله تعالى: فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ الأعراف.
وانظر نهاية القول المفيد (174)، التمهيد (ق 15).
وقل بلى في سبأ قد استقرّ
…
كذا بلى قد فاتلونها في الزمر
قالوا بلى في آخر الأحقاف
…
وفي التغابن للذكي الوافي
وقل بلى في سورة القيامة
…
فاحذر من التفريط والملامة
وخمسة فيها خلاف زبرا
…
بالمنع والجواز حيث حرّرا
بلى ولكن قد أتى في البقرة
…
وفي الزمر بلى ولكن حرّره
بلى ورسلنا أتى في الزخرف
…
وفي الحديد مثلها عنهم قفي
قالوا بلى في الملك ثم جوّزوا
…
في ثالث الأقسام وقفا أبرزوا
وعدّها عشر سوى ما قد ذكر
…
لم تخف عن فهم الذكيّ المستقرّ
قوله وعدها أي ما الاختيار جواز الوقف عليه وهو العشرة الباقية.
التنبيه التاسع (1): اعلم أن كلا حرف لا حظ له في الإعراب،
وكذا
ــ
المؤنث مشدّدة أو مخففة نحو: فأتمهن، يأكلهنّ، منهنّ، أرضعن لكم، يتربصن، فالنحويون يجيزون إلحاق الهاء بها وقفا كما في الوقف على إنّ وأنّ المشدّدتين، لكن إلحاقها بالمشدّدة أحسن منه بالمخففة، ومنع ذلك القرّاء إلا يعقوب فيجيزه في المشدّدة، ومنها ما الاستفهامية المجرورة، وهي عمّ وفيم وبم ولم وممّ فيلحق بها الهاء يعقوب والبزيّ
(1) ولفظ كل الواقع منه في القرآن ثلاثة وثلاثون موضعا في خمس عشرة سورة وهي كلها مكية وفي القسم الأخير منه، قال السيوطي في الإتقان قال مكي هي أربعة أقسام:
القسم الأول: ما يحسن الوقف عليها على معنى الردع وهو الاختيار ويجوز الابتداء بها على معنى حقّا وذلك أحد عشر موضعا:
الأول والثاني بمريم: عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً كَلَّا ولَهُمْ عِزًّا كَلَّا.
والثالث بالمؤمنين: فِيما تَرَكْتُ كَلَّا.
والرابع في سبأ: شُرَكاءَ كَلَّا.
والخامس والسادس بالمعارج: ثُمَّ يُنْجِيهِ كَلَّا، جَنَّةَ نَعِيمٍ كَلَّا.
والسابع والثامن بالمدثر: أَنْ أَزِيدَ كَلَّا، مُنَشَّرَةً كَلَّا.
جميع الحروف لا يوقف عليها إلا بلى ونعم، وكلا. وحاصل الكلام عليها أن
ــ
بخلاف عنهما، ومنها هو وهي فيلحق بهما الهاء يعقوب، واتفقوا على إلحاقها بكتابيه
والتاسع بالمطففين: أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ كَلَّا.
والعاشر بالفجر: أَهانَنِ كَلَّا.
والحادي عشر بالهمزة: أَخْلَدَهُ كَلَّا.
القسم الثاني: ما لا يحسن الوقف عليها ولا الابتداء بها بل توصل بما قبلها وبما بعدها وهو موضعان:
الأول من سورة النبأ: ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ.
الثاني من ألهاكم التكاثر: ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ.
القسم الثالث: ما يحسن الوقف عليها ولا يجوز الابتداء بها، بل توصل بما قبلها وهو موضعان في الشعراء: أَنْ يَقْتُلُونِ قالَ كَلَّا، إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قالَ كَلَّا.
القسم الرابع: ما لا يحسن الوقف عليها ولكن يبتدأ بها وهو الثماني عشرة الباقية:
بسورة المدثر موضعان: كَلَّا وَالْقَمَرِ، كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ.
وبسورة القيامة ثلاثة مواضع: كَلَّا لا وَزَرَ، كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ، كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ.
وبسورة النبأ موضع: كَلَّا سَيَعْلَمُونَ*.
وبسورة عبس موضعان: عَنْهُ تَلَهَّى كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ، ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ كَلَّا لَمَّا.
وبسورة الانفطار موضع: رَكَّبَكَ كَلَّا بَلْ.
وبسورة التطفيف ثلاثة مواضع: لِرَبِّ الْعالَمِينَ كَلَّا، إن ما كانُوا يَكْسِبُونَ كَلَّا، تُكَذِّبُونَ كَلَّا إِنَّ.
وبسورة الفجر موضع: حُبًّا جَمًّا كَلَّا إِذا.
وبسورة العلق ثلاثة مواضع: كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ، كَلَّا لَئِنْ لَمْ، كَلَّا لا تُطِعْهُ.
وبسورة التكاثر موضعان: كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ*، كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ.
وقد جمع هذه المواضع بعضهم فقال:
بكاف كلا معا والمؤمنين سبأ
…
وسال حقا بها حرفان قد وقعا
أزيد كلا وما يتلو منشرة
…
والثاني في سورة التطفيف فاستمعا
وقبل بل لا الذي في الفجر قد ذكروا
…
وبعد أخلده حرف أتى اتبعا
فيها أربعة أقوال: يوقف عليها في جميع القرآن، لا يوقف عليها في جميعه، لا يوقف عليها إذا كان قبلها رأس آية، الرابع التفصيل، إن كانت للردع والزجر وقف عليها وإلا فلا. قاله الخليل وسيبويه، وهي في ثلاثة وثلاثين موضعا في خمس عشرة سورة في النصف الثاني، وسئل جعفر بن محمد عن كلا لم لم تقع
ــ
وماليه وحسابيه وسلطانيه وماهيه وقفا تبعا للخط. واختلفوا فيه وصلا كما هو مبين في محله.
الباب السادس: في الوقف على هاء الكناية ويقال لها هاء الضمير، فإن كانت لمؤنث لحقتها ألف وقفا ووصلا، لأنها من مخرجها، ولأنها كهي في الخفاء فضمت الألف إليها لبيانها فيقال ضربها وضربتها وبها، وإن كانت لمذكر لحقتها وصلا وواو إن انفتح ما قبلها أو انضم وياء إن انكسر ما قبلها فيقال ضربهو وضربتهو ونهي، ويحذفان وقفا، لأنهم يحذفونهما، وهما من نفس الكلمة ففيما إذا زيدتا أولى، وإنما لم تحذف الألف في المؤنث، لأنهم جعلوها فاصلة بين المذكر والمؤنث. وقال بعض النحاة: والياء بعد الكسرة بدل من الواو وهو الأصل إلا أنهم كرهوا الخروج من كسرة إلى ضمة فكسرت الهاء وانقلبت الواو ياء كما في ميراث، والحجازيون يضمون الهاء بكل حال فيقولون مررت بهو وبدار هو الأرض، وهذا يدل على أن الأصل هو الواو، وما ذكر في المذكر أوّلا هو إجماع القرّاء. ومن العرب من يختلس الضمة والكسرة وصلا، وهذه اللغة لا تجري في القرآن. نعم تجري فيه عند ابن كيسان إن حذفت الياء للجازم كقوله تعالى: نؤته، ومن يأته، وف (أ) لقه فإن سكن ما
وكلها جوزوا وقفا بها وكذا
…
وقفا بما قبلها يا من لذاك وعا
وثان ألهاكم والثان في نبأ
…
فالوقف فيها وفيما قبلها منعا
وموضعا الشعراء جاز الوقوف بها
…
لا وقف ما قبلها في الموضعين معا
وفي البواقي اعكسا أقسام أربعة
…
تمت مهذبة قد عز من قنعا
هذا وعن بعضهم جاز الوقوف على
…
جميعها ثم بعض مطلقا منعا
وانظر نهاية القول المفيد (174 - 176)، التمهيد لابن الجزري (ق 15 - أ- ب).
في النصف الأول منه؟ فقال لأن معناها الوعيد فلم تنزل إلا بمكة إيعادا للكافر.
التنبيه العاشر (1): اعلم أن ترتيب السور وتسميتها وترتيب آيها وعدد السور مسموع
من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومأخوذ عنه، وهو عن جبريل، فكان جبريل يعلمه عند نزول كل آية أن هذه تكتب عقب آية كذا في سورة كذا، وجمعته الصحابة من غير زيادة ولا نقصان، وترتيب نزوله غير ترتيبه في التلاوة والمصحف، وترتيبه في اللوح المحفوظ كما هو في مصاحفنا كل حرف كجبل قاف، ولم يزل يتلقى القرآن العدول عن مثلهم إلى أن وصل إلينا وأدّوه أداء شافيا، ونقله عنهم أهل الأمصار وأدّوه إلى الأئمة الأخيار وسلكوا في نقله وأدائه الطريق التي سلكوها في نقل الحروف وأدائها من التمسك بالتعليم والسماع دون الاستنباط والاختراع، ولذلك صار مضافا إليهم وموقوفا عليهم إضافة تمسك ولزوم واتبع لا إضافة استنباط، ورأي واختراع بل كان بإعلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه فعنه أخذوا رءوس الآي آية آية. وقد أفصح الصحابة بالتوقيف بقوله:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا العشر فلا نتجاوزها إلى عشر أخر حتى نتعلم ما فيها من العلم والعمل» وتقدّم أن عبد الله بن عمر قام على حفظ
ــ
قبل الهاء فإن كان ياء كسرت الهاء، وإلا ضمت، واختلف القرّاء في إثبات الياء بعد الهاء المكسورة والواو بعد المضمومة وصلا، فمن أثبتهما فعلى الأصل، ومن حذفهما كره أن يجمع بين ساكنين في نحو: اضربهي، واضربيهو، لأن الهاء ليست بحاجز حصين، والوقف عليها بالسكون أو بالروم أو بالإشمام بشرطهما المعروف في محله.
الباب السابع في الوقف على آخر الكلمة المتحركة منوّنة وغير منوّنة الوقف عليها يكون بالسكون وهو الأصل سواء تحركت بضمة أم بكسرة أم بفتحة، وبالإشمام إن تحركت بضمة وهو ضمّ الشفتين بعد السكون، وبالروم إن تحركت بضمة أو
(1) انظر نهاية القول المفيد (184).