الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة النبإ
مكية (1)
إحدى وأربعون آية في البصري، وأربعون آية في عدّ الباقين، واختلافهم في عذابا قريبا، عدّها البصري، كلماتها مائة وثلاث وسبعون كلمة، وحروفها سبعمائة وسبعون حرفا.
عَمَّ يَتَساءَلُونَ حسن عند بعضهم، ثم قال تعالى: عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ قوله: عن النبأ العظيم مفعول يتساءلون، وعمّ متعلق بيتساءلون، فالاستفهام للتعجب. وهذا كقوله: لمن الملك اليوم. ثم ردّ على نفسه فقال:
لله الواحد القهار فهو كشيء يبهم. ثم يفسر، ففي هذا الوجه جعل عن الأولى صفة للفعل الظاهر، والثانية صفة لفعل مضمر، والتقدير، عن أيّ شيء يتساءلون أعن النبأ العظيم؟ فمن هذا الوجه حسن الوقف على يتساءلون. ثم يبتدئ عن النبأ العظيم، وقيل الاستفهام لا يكاد يضمر إذا لم يأت بعده أم، وليس في الآية ذكر أم كما ترى، وليس بوقف إن جعلت عن الثانية توكيدا للأولى وترجمة وبيانا لعمّ، وكان وقفه مختلفون، وهو الكافي في الوجهين، ووقف أبو حاتم على كلا وجعلها ردّا للنفي في اختلافهم في النبأ، وهل هو إنكارهم البعث بعد الموت أو إنكارهم القرآن؟ قال يحيى بن نصير النحوي، كلا ردّ، أي: لا اختلاف قال بعض أهل التفسير صار الناس فيه رجلين مصدّقا ومكذبا، وأما الموت فأقرّوا به كلهم لمعاينتهم إياه وأما القرآن. فقال الفراء: عن
ــ
سورة النبأ مكية عَمَّ يَتَساءَلُونَ كاف، ثم قال تعالى: عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ وهو شبيه بقوله:
(1) مكية باتفاق، وهي أربعون آية في البصري، وأربعون في الباقي، وذكر ابن الجوزي أنها إحدى وأربعون آية في عد المكي والبصري، وكذلك قال ابن البنا، وانظر «فنون الأفنان» (319)، الإتحاف (431)، «جمال القراء» (1/ 224)، «الفرائد الحسان» (70).
النبأ العظيم، يعني القرآن الذي هم فيه مختلفون بين مصدّق ومكذب فذلك اختلافهم، فعلى هذا صح الوقف على كلا، أي: لا اختلاف فيه، والمشهور أن الكلام تمّ على مختلفون، ولا يوقف على كلا في الموضعين، لأنهما بمعنى ألا التي بمعنى التنبيه، فيبتدئ بهما، والثاني توكيد في الوعيد والمعنى ألا سيعلمون. ثم ألا سيعلمون ما يحلّ بهم، يعني بهم أهل مكة، وهو وعيد وتهديد منه تعالى لهم سَيَعْلَمُونَ الثاني تامّ، والوقف على أوتادا، وأزواجا، وسباتا، ومعاشا، وشدادا، ووهاجا، كلها وقوف حسان ثَجَّاجاً ليس بوقف، لأن بعده لام العلة. ومعنى ثجاجا، أي: مثجوجا أي: مصبوبا، ومنه الحديث «أفضل الحج العج والثج» فالعج رفع الصوت بالتلبية، والثج نحر الهدى، ولا يوقف على: نباتا، لعطف ما بعده على ما قبله أَلْفافاً تامّ مِيقاتاً ليس بوقف، لأن يوم بدل من يوم الفصل أو عطف بيان وإن نصب بأعني مقدّرا جاز، وقرئ في الصور بفتح الواو أَفْواجاً حسن، ومثله: أبوابا، وكذا: سراجا مَآباً ليس بوقف، لأن لابِثِينَ حال من الضمير المستتر في الطاغين، وهي حال مقدّرة أَحْقاباً كاف، وأحقابا جمع حق كقفل وأقفال. وقيل مثلث الحاء، أي: دهورا لا انقطاع لها. وقيل:
الحقب ثمانون عاما. قال أبو جعفر: سمعت عليّ بن سليمان يقول: سألنا أبو العباس محمد بن يزيد عن قوله: لابثين فيها أحقابا، ما هذا التحديد وهم لا يخرجون من النار أبدا؟ وله منذ سألنا ثلاثون سنة، وأنا أنظر في الكتب فما صحّ جواب فيها إلا أن يكون هذا للموحدين الذين يدخلون النار بذنوبهم ثم يخرجون منها. نقله النكزاوي وَلا شَراباً تجاوزه أولى غَسَّاقاً حسن،
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لمن الملك اليوم. ثم ردّ على نفسه فقال: لله الواحد القهار مُخْتَلِفُونَ حسن كَلَّا لا يوقف هنا عليه ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ تامّ، وقال أبو عمرو: كاف أَوْتاداً جائز، وكذا: سباتا، ومعاشا وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً تامّ، وكذا: سرابا
إن نصب جزاء بفعل مقدّر، وليس بوقف إن جعل صفة لما قبله وِفاقاً كاف، ومثله: حسابا كِذَّاباً تامّ.
اتفق جميع القرّاء على قراءة كذابا بكسر الكاف وتشديد الذال، ولم يقرأ أحد من السبعة ولا من العشرة بتخفيف الذال في هذا الموضع أَحْصَيْناهُ كِتاباً جائز فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم «هذه الآية أشدّ ما في القرآن على أهل النار» إِلَّا عَذاباً تامّ.
اتفق علماء الرسم العثماني على حذف الألف التي بين الذال والباء من كِذَّاباً الثانية دون الأولى، كذا في مصحف الإمام، ولا وقف من قوله: إلى للمتقين إلى قوله دهاقا، فلا يوقف على: مفازا، لأن حدائق بدل من مفازا بدل اشتمال أو بدل كلّ من كل، ولا يوقف على: وأعنابا، لأن ما بعده معطوف عليه، ولا يوقف على: أترابا دِهاقاً كاف، والدهاق المملوءة.
قال عليّ كرّم الله وجهه: [الرجز]
دونكها مترعة دهاقا
…
كأس ذعاف ملئت ذعاقا
والذعاق السم القاتل وَلا كِذَّاباً جائز على القراءتين، قرأ العامة كِذَّاباً بتشديد الذال، وقرأ الكسائي بالتخفيف، وقرأ عمر بن عبد العزيز كذابا بضم الكاف وتشديد الذال
جمع كاذب، لأن من أمثلة جمع الكثرة فعالا في وصف صحيح اللام على فاعل نحو صائم وصوّام وقائم وقوّام، يقال رجل كذاب مبالغا في الكذب عَطاءً حِساباً حسن، يبنى الوقف على حِساباً على اختلاف القراء في ربّ، فقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَحْقاباً كاف، وأجاز قوم الوقف على ولا شرابا، ويبتدئ إلا حميما بمعنى لكن حميما ولا أستحسنه وِفاقاً كاف، وكذا: حسابا كِذَّاباً تامّ، وكذا: عذابا دِهاقاً كاف حِساباً حسن، وكذا: وما بينهما. وقال أبو عمرو فيهما: كاف،
برفع ربّ والرحمن، وقرأ ابن عامر وعاصم بخفضهما، وقرأ الأخوان بخفض الأول ورفع الثاني، فرفعهما خبر مبتدإ محذوف، أو ربّ مبتدأ والرحمن خبره ولا يَمْلِكُونَ خبر ثان، أو مستأنف أو ربّ مبتدأ والرحمن نعت، ولا يملكون خبر رب، أو ربّ مبتدأ والرحمن مبتدأ ثان، ولا يملكون خبره والجملة خبر الأول، وحصل الربط بتكرير المبتدإ بمعناه وأما جرّهما فعلى البدل أو البيان، فمن قرأ برفعهما فإن رفع الأول بالابتداء والرحمن خبره كان الوقف على الرحمن كافيا، وإن رفع الرحمن نعتا لرب أو بيانا كان الوقف على الرحمن كذلك، ولا يوقف على: وما بينهما، ومن قرأ بخفض الأول ورفع الثاني لا يوقف على: حسابا، بل على: وما بينهما، وإن رفع الرحمن بالابتداء وما بعده الخبر كان الوقف على وما بينهما تاما، وإن رفع الرحمن خبر مبتدإ محذوف كان كافيا، ومن قرأ بخفضهما وقف على: الرحمن، ولا يوقف على: حسابا، لأنهما بدلان من ربك أو بيان له، وهذا غاية في بيان هذا الوقف، ولله الحمد خِطاباً كاف، إن علقت يوم بقوله: لا يتكلمون، ومن أذن بدل من واو لا يتكلمون صَواباً كاف، ويجوز الوقف على صَفًّا من وصل يَوْمَ يَقُومُ بما قبله، والمعنى لا يقدر أحد أن يخاطب أحدا في شأن الشفاعة خوفا وإجلالا إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ جائز مَآباً كاف قَرِيباً جائز، ورأس آية عند البصري، ولم يعدها الكوفى آية، فمن عدّها آية جعل يوم منصوبا بمقدر ومن لم يعدّها جعل يوم ظرف العذاب يَداهُ حسن عند أبي حاتم على استئناف ما بعده وخولف، لأن قوله: ويقول معطوف على ينظر، ولا تدغم تاء كنت في تاء
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وهذا لمن رفع رب خبرا لمبتدإ محذوف، ورفع الرحمن مبتدأ. أما من جرّهما فلا يقف قبلهما لأنهما بدلان من ربك، ومن رفع الرحمن بدلا من ربّ السموات لم يقف على وما بينهما خِطاباً كاف صَواباً تامّ، وكذا: مآبا، ولا أنكر على من وقف على