المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم ‌ ‌تمهيد للأمة العربية قبل الإسلام خصائص تميزت بها - مناهج التأليف عند العلماء العرب

[مصطفى الشكعة]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد

- ‌الباب الأول: فجر التحرك العقلي العربي

- ‌الفصل الأول: فجر الحركة العلمية

- ‌الفصل الثاني: فجر الحركة التاريخية

- ‌الفصل الثالث: حركة التدوين

- ‌مدخل

- ‌تدوين القرآن الكريم وتفسيره:

- ‌تدوين الحديث:

- ‌تدوين العلوم والمعارف:

- ‌الباب الثاني: الكتابة والإنشاء

- ‌الفصل الأول: الكتابة بدأت عربية دون تأثير فارسي

- ‌مدخل

- ‌يحيى بن يعمر العدواني:

- ‌عبد الله الطالبي:

- ‌الفصل الثاني: إسهام المسلمين في تطوير الكتابة من منطلق عربي

- ‌عبد الحميد بن يحيى:

- ‌عبد الله بن المقفع وتصانيفه

- ‌الفصل الثالث: مسيرة الكتابة العربية كأداة للتأليف:

- ‌الفصل الرابع: مصادر النثر العربي

- ‌الباب الثالث: رواد التأليف الأدبي غير المتخصص

- ‌الفصل الأول: التأليف يبدأ شاباًَ بغير طفولة

- ‌الفصل الثاني: المفضل الضبي:

- ‌الفصل الثالث: النضر بن شميل

- ‌الفلصل الرابع: ابن الكلبي

- ‌الفصل الخامس: أبو عبيدة:

- ‌الفصل السادس: الأصمعي

- ‌الفصل السابع: الهيثم بن عدي:

- ‌الفصل الثامن: المدائني:

- ‌الباب الرابع: التأليف الأدبي المنهجي

- ‌الفصل الأول: أبو عثمان الجاحظ

- ‌الفصل الثاني: ابن قتيبة الدينوري:

- ‌الفصل الثالث: أبو حنيفة الدينوري:

- ‌الفصل الرابع: أبو العباس المبرِّد

- ‌الفصل الخامس: أبو العباس ثعلب:

- ‌الفصل السادس: أحمد بن أبي طاهر "ابن طيفور

- ‌الفصل السابع: أبو بكر الصولي

- ‌الفصل الثامن: المرزباني

- ‌الفصل التاسع: أبو منصور الثعالبي

- ‌الباب الخامس: العقد الفريد والأغاني

- ‌الفصل الأول: أحمد بن عبد ربه "والعقد الفريد

- ‌مدخل

- ‌ العقد الفريد:

- ‌الفصل الثاني: أبو الفرج الأصفهاني والأغاني

- ‌كتاب الأغاني

- ‌مؤلفات أبي الفرج:

- ‌قيمة كتاب الأغاني ومنهجه:

- ‌مختصرات الأغاني:

- ‌الباب السادس: كتب الأمالي:

- ‌الفصل الأول: نشأة الأمالي

- ‌الفصل الثاني: مجالس ثعلب

- ‌الفصل الثالث: أمالي اليزيدي

- ‌الفصل الرابع: أمالي القالي

- ‌مدخل

- ‌ذيل الأمالي والنوادر:

- ‌الفصل الخامس: كتاب الإمتاع والمؤانسة:

- ‌الفصل السادس: أمالي الشريف المرتضى:

- ‌الفصل السابع: أمالي ابن الشجري:

- ‌الباب السابع: طبقات الشعراء

- ‌الفصل الأول: طبقات ابن سلام الجمحي

- ‌مدخل

- ‌طبقات الشعراء لابن سلام الجمحي:

- ‌الفصل الثاني: الشعر والشعراء لابن قتيبة:

- ‌الفصل الثالث: طبقات الشعراء لابن المعتز:

- ‌الفصل الرابع: معجم الشعراء للمرزباني:

- ‌الفصل الخامس: بقية الطبقات حسب التدرج الزمني:

- ‌الباب الثامن: الاختيارات الشعرية والحماسات

- ‌الفصل الأول: المراحل الأولى في الاختيارات

- ‌السموط أو المعلقات:

- ‌المفضليات:

- ‌الأصمعيات:

- ‌جمهرة أشعار العرب

- ‌ شعر القبائل:

- ‌شعر الهذليين:

- ‌الفصل الثاني: كتب الحماسة

- ‌مدخل

- ‌حماسة أبي تمام:

- ‌ حماسة البحتري

- ‌ حماسة الخالديين "الأشباه والنظائر

- ‌ الحماسة الشجرية

- ‌ الحماسة البصرية:

- ‌الباب التاسع: كتب التراجم

- ‌الفصل الأول: الفهرست لابن النديم

- ‌مدخل

- ‌الفهرست لابن النديم

- ‌منهج الكتاب:

- ‌الفصل الثاني:‌‌ تاريخ بغدادللخطيب البغدادي:

- ‌ تاريخ بغداد

- ‌منهج كتاب تاريخ بغداد:

- ‌الفصل الثالث:‌‌ معجم الأدباءلياقوت الرومي:

- ‌ معجم الأدباء

- ‌منهج ياقوت في معجم الأدباء:

- ‌الفصل الرابع: وفيات الأعيان

- ‌وفيات الأعيان، وأنباء أبناء الزمان:

- ‌فوات الوفيات:

- ‌الوافي بالوفيات

- ‌منهج الكتاب:

- ‌الفصل الخامس: خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

- ‌مدخل

- ‌منهج "خلاصة الأثر

- ‌الباب العاشر: التأليف والمؤلفون في التراث الأدبي الأندلسي:

- ‌الفصل الأول: نشأة التأليف عن الأندلس:

- ‌الفصل الثاني: بداية التأليف عن الأدب الأندلسي

- ‌مدخل

- ‌قلائد العقيان، ومطمح الأنفس

- ‌قلائد العقيان:

- ‌مطمح الأنفس ومسرح التأنس

- ‌الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة:

- ‌ملامح كتاب "الذخيرة" ومنهجه:

- ‌التعاون والتعاقب في تأليف كتاب واحد:

- ‌منهج "المغرب" وخصائصه:

- ‌الفصل الرابع: مؤلفات علي بن موسى بن سعيد:

- ‌رايات المبرزين، القدح المعلى، الغصون اليانعة:

- ‌الفصل الخامس: كتب التراجم في الأندلس:

- ‌كتب التراجم لأدباء الأندلس

- ‌سلسة كتب تاريخ علماء الأندلس والصلة وتكملة الصلة

- ‌المطرب في أشعار أهل المغرب:

- ‌الفصل السادس:‌‌ لسان الدينبن الخطيب والكتيبة الكامنة

- ‌ لسان الدين

- ‌منهج الكتيبة الكامنة:

- ‌الفصل السابع: كتب تاريخية في خدمة الأدب الأندلسي

- ‌مدخل

- ‌نقط العروس في أخبار بني أمية بالأندلس:

- ‌ المقتبس في أخبار الأندلس:

- ‌ تاريخ المن بالإمامة:

- ‌ المعجب في تلخيص أخبار المغرب:

- ‌ الحلّة السِّيراء:

- ‌ البيان المُغرب في أخبار المَغرب:

- ‌ الذيل والتكملة لكتابي الموصل والصلة:

- ‌الفصل الثامن: المشارقة والدراسات الأدبية الأندلسية

- ‌ المشارقة والأدب الأندلسي:

- ‌ المقري ونفح الطيب:

- ‌ منهج نفح الطيب وموضوعاته:

- ‌الباب الحادي عشر: الموسوعات العربية

- ‌الفصل الأول:‌‌ ظهور الموسوعة العربيةوالعصر المملوكي

- ‌ ظهور الموسوعة العربية

- ‌الموسوعات والعصر المملوكي:

- ‌الفصل الثاني: الموسوعات المملوكية وكتابها:

- ‌ابن منظور ولسان العرب:

- ‌النويري ونهاية الأرب:

- ‌صلاح الدين الصفدي، وابن شاكر الكتبي:

- ‌ابن فضل العمري ومسالك الأبصار

- ‌القلقشندي وصبح الأعشى:

- ‌المقريزي ومؤلفاته:

- ‌ابن حجر ومؤلفاته:

- ‌ابن تغري بردي ومؤلفاته:

- ‌السخاوي وكتبه:

- ‌الفصل الثالث:‌‌ موسوعات ما قبل العصر المملوكيبواكير الموسوعات:

- ‌ موسوعات ما قبل العصر المملوكي

- ‌بواكير الموسوعات:

- ‌المراجع

- ‌محتويات الكتاب

الفصل: بسم الله الرحمن الرحيم ‌ ‌تمهيد للأمة العربية قبل الإسلام خصائص تميزت بها

بسم الله الرحمن الرحيم

‌تمهيد

للأمة العربية قبل الإسلام خصائص تميزت بها دون غيرها من أمم العالم، من هذه الخصائص ما هو محبب مقبول، ومنها ما هو مستكره مرذول، شأن الأمم جميعًا في مراحل تاريخها ومسيرة حياتها، وإذا كانت هذه الدراسة ليست بذات طابع اجتماعي وإنما هي تعمد أول ما تعمد إلى دراسة العمق الثقافي لهذه الأمة العربية، فإننا لن نطيل في الوقوف أمام صفات الأمة العربية قبل الإسلام إلا بالقدر الذي يخدم هذه الدراسة.

كان من صفات العرب الكرم والشجاعة والحرية وإباء الضيم والفروسية والنجدة وإجارة المستجير وإغاثة الملهوف. وقد تبلورت كل هذه الصفات وتلك المميزات فيما تركه العرب الجاهليون من شعر وخطابة، إذ لم يكن العرب يملكون من الملامح الثقافية البارزة غير هذين الفرعين من فن القول، فتركوا فيهما ثروة هائلة رائعة لم تكد تترك أمة أخرى تركة مماثلة لها كمًّا وكيفًا في مثل تلك الفترة القصيرة بين إنشاء القصيد ومجيء الرسالة السماوية الإسلامية.

ومن ثم فقد كان غرام العرب بالشعر يدفعهم إلى الاعتزاز بالشعراء، وكان الشاعر يحتل من قبيلته مكان الصدارة؛ لأنه المحامي عن كرامتها، الذائد عن حرماتها، المسجل لمفاخرها، الناطق بلسانها، حتى إن القبيلة كانت تقيم الاحتفالات عندما يبزغ بين أبنائها من تتفتق ملكته عن قول الشعر الجيد، ولذلك فقد أثر عنهم أنهم كانوا يحتفلون بمولد الشاعر أي ظهوره.

وقد قيل الشيء نفسه فيما يتعلق بالخطيب، ذلك أن القبيلة كانت تحتفل أيضًا بميلاد الخطيب احتفالها بمولد الشاعر، فهو الآخر لسانها في المفاخرات، وممثلها في المنافرات التي كانت تستمر أيامًا وأسابيع. وكانت المنافرات بصفة خاصة تحتل مقام الاهتمام لا بين قبيلتي الخطيبين المتنافرين وحسب، بل بين هذه القبيلة وحلفائها وتلك القبيلة ونصرائها، ومن أجل ذلك فقد تضاربت الآراء حول من هو أحق بالتفضيل والتقديم في نطاق القبيلة، أهو الشاعر أم الخطيب؟ والحق أن القبائل لم تكن -بحكم العادات العربية- في غناء عن

ص: 9

الاثنين. وكان كلاهما -أي الخطيب والشاعر- في مقام التقديم أو التأخير تبعًا للظرف الذي تعيشه القبيلة، فإن كانت طبيعة الظروف التي تجتازها أحوج إلى الشاعر منها إلى الخطيب كان الشاعر مقدمًا، وإن كانت الظروف التي بها محتاجة الخطيب أكثر من احتياجها الشاعر قدمت الخطيب.

وإذن فقد كان النتاج الثقافي للأمة العربية قبل الإسلام محصورًا في الشعر والخطابة ولا شيء غير ذلك من فنون القول، والأمة العربية كانت أمة غير كاتبة، الأمر الذي بسببه لم يسجل نتاجها من الشعر والخطب بالكتابة، وإنما اعتمد في ذلك على الرواية، فكان لكل شاعر رواية يحفظ كل شعره ويرويه عنه. وأحسب أن الأمر كان أيضًا فيما يتعلق بالخطيب، وإذن فقد كان التسجيل محكومًا بالذاكرة التي كان يتمتع بها الراوي والتي قد تتعرض للشيخوخة فيضيع الكثير من الكنوز التي وعت وفنون القول التي حفظت. وليس من شك في أنه كلما قدم العهد بالشاعر وزمانه كان المأثور من شعره أقل كثيرًا من القدر الذي أنشأه، وكذلك كان الأمر فيما يتعلق بالخطباء، فكان ما وصلنا من تراثهم هو الجزء وليس الكل، وما روي عنهم هو الأقل وليس الأكثر. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فقد قامت فئة تشكك في التراث العربي بحكم أنه مروي وليس مسجلًا مسطورًا وذهب الأمر بالبعض منهم أن تقولوا كثيرًا حول التراث الأدبي الجاهلي، فمن قائل إن أكثره منحول، ومن قائل إنه منتحل كله وكتبوا في ذلك البحوث العديدة ودبجوا المقالات الطوال، وبالتالي قامت جماعة أخرى من الغيورين على تراثهم الثمين، تدحض ادعاءات الفئات الأولى أو افتراضاتها بالمنطق حينًا وبالبرهان حينًا آخر.

السبب في ذلك كله أن العرب لم تكن أمة كاتبة، وأمة غير كاتبة لا تستطيع أن تكون ذات حضارة فكرية أصيلة؛ لأن هذه الحضارة بحاجة إلى التسجيل والتسطير، فلما جاء الإسلام وشجع على التعلم ومعرفة القراءة والكتابة أصبحت هذه الأمة ومن اندرج تحت لواء العقيدة الجديدة من المسلمين تشكل أرقى مبادئ فكرية وأسمى حضارة أزلية. وقبل مرور قرنين من الزمان كانت من السعة في الحدود بحيث شملت ما يقارب نصف مساحة الكرة الأرضية المعروفة في ذلك الزمان، ومن الرحابة في العقول بحيث أغنت الفكر البشري بالعديد من المؤلفات والكتب في أكثر ميادين العطاء العقلي من ديني ودنيوي.

ص: 10