الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
57 -
كِتَابُ فَرْضِ الخُمُسِ
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة.
1 - باب فَرْضِ الخُمُسِ
(باب) في نسخة: "كتاب فرض الخمس" وفي أخرى: "فرض الخمس" بحذف (باب) و (كتاب)، ورفع (فرض) و (الخمس) بضم الميم، وقد تسكن: خمس الغنيمة.
3091 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ، أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عليهما السلام أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيًّا قَال: كَانَتْ لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِي مِنَ المَغْنَمِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَانِي شَارِفًا مِنَ الخُمُسِ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِيَ بِفَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَاعَدْتُ رَجُلًا صَوَّاغًا مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِيَ، فَنَأْتِيَ بِإِذْخِرٍ أَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ الصَّوَّاغِينَ، وَأَسْتَعِينَ بِهِ فِي وَلِيمَةِ عُرْسِي، فَبَيْنَا أَنَا أَجْمَعُ لِشَارِفَيَّ مَتَاعًا مِنَ الأَقْتَابِ، وَالغَرَائِرِ، وَالحِبَالِ، وَشَارِفَايَ مُنَاخَتَانِ إِلَى جَنْبِ حُجْرَةِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، رَجَعْتُ حِينَ جَمَعْتُ مَا جَمَعْتُ، فَإِذَا شَارِفَايَ قَدْ اجْتُبَّ أَسْنِمَتُهُمَا، وَبُقِرَتْ خَوَاصِرُهُمَا وَأُخِذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا، فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَيَّ حِينَ رَأَيْتُ ذَلِكَ المَنْظَرَ مِنْهُمَا، فَقُلْتُ: مَنْ فَعَلَ هَذَا؟ فَقَالُوا: فَعَلَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ وَهُوَ فِي هَذَا البَيْتِ فِي شَرْبٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَعَرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي وَجْهِي الَّذِي لَقِيتُ، فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"مَا لَكَ؟ "، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا رَأَيْتُ كَاليَوْمِ قَطُّ، عَدَا حَمْزَةُ عَلَى
نَاقَتَيَّ، فَأَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، وَهَا هُوَ ذَا فِي بَيْتٍ مَعَهُ شَرْبٌ، فَدَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِرِدَائِهِ، فَارْتَدَى، ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِي وَاتَّبَعْتُهُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ حَتَّى جَاءَ البَيْتَ الَّذِي فِيهِ حَمْزَةُ، فَاسْتَأْذَنَ، فَأَذِنُوا لَهُمْ، فَإِذَا هُمْ شَرْبٌ، "فَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَلُومُ حَمْزَةَ فِيمَا فَعَلَ"، فَإِذَا حَمْزَةُ قَدْ ثَمِلَ، مُحْمَرَّةً عَيْنَاهُ، فَنَظَرَ حَمْزَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ، فَنَظَرَ إِلَى رُكْبَتِهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ، فَنَظَرَ إِلَى سُرَّتِهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ، فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ قَال حَمْزَةُ: هَلْ أَنْتُمْ إلا عَبِيدٌ لِأَبِي؟ فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَدْ ثَمِلَ، فَنَكَصَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَقِبَيْهِ القَهْقَرَى، وَخَرَجْنَا مَعَهُ.
[انظر: 2089 - مسلم: 1979 - فتح 6/ 196]
(عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان بن جبلة الأزدي. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (عن الزهري) هو: محمد بن مسلم بن شهاب عليهما السلام في نسخةٍ: "رضي الله عنهما".
(كانت لي) في نسخة: "كان لي". (شارف) أي: مُسنَّة من النوق. (قينقاع) بتثليث النون غير منصرف ويجوز صرفه: قبيلة من اليهود، أو شعب منهم كانوا بالمدينة. (وأستعين به) أي: بثمنه. (في وليمة عرسي) بضم المهملة، أي: طعام وليمة عرسي، (مناختان) وفي نسخة:"مناخان"(1) من ذَكَّرَ اعتبر لفظ شارف ومن أنث اعتبر معناه، أي: مسنة من الإبل. (رجعت) في نسخة: "فرجعت". (أجبَّت) بهمزة مضمومة وجيم مكسورة، وفي نسخة:"جبت" بحذف الهمزة، وضم الجيم، وفي أخرى:"أُجتبت" بضم الهمزة، وسكون الجيم، وزيادة فوقية، أي: قطعت (وبقرت) بالبناء للمفعول؛ أي: شققت (فلم أملك)
(1) في هامش (ج): مناخان باعتبار لفظ الشارف، ومناختان باعتبار معناه.
في نسخة: "ولم أملك"(عيني) أي: من البكاء، لا لمجرد فوات الناقتين، بل لخوفي من تقصيري في حق فاطمة رضي الله عنها، أو في تأخير الابتناء بها. (حين رأيت) في نسخة:"حيث رأيت"(منهما) ساقط من نسخة (في شرب) بفتح المعجمة، وسكون الراء: جماعة يشربون الخمر. اسم جمع عند سيبويه (1)، وجمع شارب عند الأخفش (حتى أدخل) بالنصب، أي: إلى أن أدخل، وبالرفع على أن حتى عاطفة، وعبَّر بـ (أدخل) وإن كان الأصل أن يقول: دخلت، مبالغة في استحضار صورة الحال. (على ناقتي) بفتح الفوقية، وتشديد التحتية تثنية ناقة. (فأجب) في نسخة:"فجب". (فطفق) أي: جعل. (ثمل) بفتح المثلثة وكسر الميم، أي: سكر. (ثم صعد النظر) أي: رفعه. (إلى ركبته) في نسخة: "إلى ركبتيه". (هل أنتم إلا عبيد لأبي؟) أي: كعبيد له: لأنَّ عبد الله، وأبا طالب كانا عند عبد المطلب كأنهما عبدان له في الخضوع لحرمته، وأنه أقرب إليه منهما؛ فأراد الافتخار عليهما بذلك. (فنكص) أي: رجع ومرَّ شرحُ الحديث في أثناء البيوع، وفي كتاب: الشرب في باب: لا حمى إلا الله (2).
3092 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ المُؤْمِنِينَ رضي الله عنها أَخْبَرَتْهُ، أَنَّ فَاطِمَةَ عليها السلام ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، سَأَلَتْ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنْ يَقْسِمَ لَهَا مِيرَاثَهَا، مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ.
[3093، 3711، 4035، 4240، 6725 - مسلم: 1759 - فتح 6/ 196]
(1)"الكتاب" 3/ 624.
(2)
سبق برقم (2089) كتاب: البيوع، باب: ما قيل في الصوَّاغ، و (2375) كتاب: المساقاة، باب: بيع الحطب والكلأ.
(ابنة رسول الله) في نسخة: (بنت رسول الله). (ميراثها ما ترك) أي: ما تركه وهو بدل من (ميراثها) أو عطف بيان له، وفي نسخة:"مما ترك" بزيادة من (مما أفاء الله عليه) متعلق بـ (يقسم).
3093 -
فَقَال لَهَا أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ"، فَغَضِبَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَهَجَرَتْ أَبَا بَكْرٍ، فَلَمْ تَزَلْ مُهَاجِرَتَهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ، وَعَاشَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِتَّةَ أَشْهُرٍ، قَالتْ: وَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَسْأَلُ أَبَا بَكْرٍ نَصِيبَهَا مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ خَيْبَرَ، وَفَدَكٍ، وَصَدَقَتَهُ بِالْمَدِينَةِ، فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ عَلَيْهَا ذَلِكَ، وَقَال: لَسْتُ تَارِكًا شَيْئًا، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْمَلُ بِهِ إلا عَمِلْتُ بِهِ، فَإِنِّي أَخْشَى إِنْ تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ أَزِيغَ فَأَمَّا صَدَقَتُهُ بِالْمَدِينَةِ فَدَفَعَهَا عُمَرُ إِلَى عَلِيٍّ، وَعَبَّاسٍ، وَأَمَّا خَيْبَرُ، وَفَدَكٌ، فَأَمْسَكَهَا عُمَرُ، وَقَال: هُمَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كَانَتَا لِحُقُوقِهِ الَّتِي تَعْرُوهُ وَنَوَائِبِهِ، وَأَمْرُهُمَا إِلَى مَنْ وَلِيَ الأَمْرَ، قَال: فَهُمَا عَلَى ذَلِكَ إِلَى اليَوْمِ.
[قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "اعْتَرَاكَ افْتَعَلْتَ مِنْ عَرَوْتُهُ، فَأَصَبْتُهُ وَمِنْهُ يَعْرُوهُ وَاعْتَرَانِي].
[3712، 4036، 4241، 6726 - مسلم: 1759 - فتح 6/ 197]
(لا نورَث) بفتح الراء، وحكمة ذلك: أنه لا يؤمن أن يتمنى وارث موته فيهلك (ما تركنا صدقة) مبتدأ وخبر، أي: الذي تركناه صدقة (وفدك) بفتح الفاء، والدال والصرف، وفي نسخة:"وفدك" بمنع الصرف: وهي بلد بينها وبين المدينة ثلاث مراحل (1). (وصدقته بالمدينة) بالنصب عطف على (نصيبها) وبالجرِّ على (مما ترك)، وهي أملاكه التي بالمدينة التي صارت بعده صدقة [(أن أزيغ) أي: أميل عن الحق إلى غيره] (2)(فدفعها عمر إلى علي والعباس) أي: لينتفعا منها
(1) هي قرية بالحجاز أفاءها الله على رسوله صلى الله عليه وسلم في سنة سبع صلحًا دون خيل ولا ركاب وفيها عين فوارة ونخيل كثيرة انظر: "معجم البلدان" 4/ 238.
(2)
من (س).
بقدر حقهما لا على جهة التمليك (فأما) في نسخة: "وأما". (تعروه) أي: تنزل به (ونوائبه) جمع نائبة، أي: حادثة. (قال) أي: الزهري. (فهما) أي: خيبر وفدك، أي: ما كان يخصه عليه السلام منهما (على ذلك إلى اليوم) أي: يتصرف فيهما ولي الأمر (اعتراك) أي: في قوله تعالى: {إِنْ نَقُولُ إلا اعْتَرَاكَ} [هود: 54]. (افتعلت) أي: هو من باب الافتعال ومعناه: أصابك (من عروته فأصبته ومنه يعروه واعتراني) وقوله: (قال أبو عبد الله) إلى هنا ساقط من نسخة، وزاد في نسخة هنا "قصة فدك" وفي أخرى:"باب: قصة فدك".
3094 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الفَرْويُّ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الحَدَثَانِ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ، - ذَكَرَ لِي ذِكْرًا مِنْ حَدِيثِهِ ذَلِكَ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ الحَدِيثِ، فَقَال مَالِكٌ - بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ فِي أَهْلِي حِينَ مَتَعَ النَّهَارُ، إِذَا رَسُولُ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ يَأْتِينِي، فَقَال: أَجِبْ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى عُمَرَ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى رِمَالِ سَرِيرٍ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ، مُتَّكِئٌ عَلَى وسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسْتُ، فَقَال: يَا مَالِ، إِنَّهُ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ قَوْمِكَ أَهْلُ أَبْيَاتٍ، وَقَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِرَضْخٍ، فَاقْبِضْهُ فَاقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، لَوْ أَمَرْتَ بِهِ غَيْرِي، قَال: اقْبِضْهُ أَيُّهَا المَرْءُ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَهُ أَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَا، فَقَال: هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَالزُّبَيْرِ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ يَسْتَأْذِنُونَ؟ قَال: نَعَمْ، فَأَذِنَ لَهُمْ، فَدَخَلُوا، فَسَلَّمُوا وَجَلَسُوا، ثُمَّ جَلَسَ يَرْفَا يَسِيرًا، ثُمَّ قَال: هَلْ لَكَ فِي عَلِيٍّ، وَعَبَّاسٍ؟ قَال: نَعَمْ، فَأَذِنَ لَهُمَا، فَدَخَلا، فَسَلَّمَا فَجَلَسَا، فَقَال عَبَّاسٌ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا، وَهُمَا يَخْتَصِمَانِ فِيمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَالِ بَنِي النَّضِيرِ، فَقَال الرَّهْطُ، عُثْمَانُ وَأَصْحَابُهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنَهُمَا، وَأَرِحْ
أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ، قَال عُمَرُ: تَيْدَكُمْ (1) أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَال:"لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ" يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَفْسَهُ؟ قَال الرَّهْطُ: قَدْ قَال: ذَلِكَ، فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَلِيٍّ، وَعَبَّاسٍ، فَقَال: أَنْشُدُكُمَا اللَّهَ، أَتَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ قَال ذَلِكَ؟ قَالا: قَدْ قَال ذَلِكَ، قَال عُمَرُ: فَإِنِّي أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الأَمْرِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ خَصَّ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الفَيْءِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ، ثُمَّ قَرَأَ:{وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ} [الحشر: 6]- إِلَى قَوْلِهِ - {قَدِيرٌ} [الحشر: 6]، فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ، وَلَا اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ، قَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَبَثَّهَا فِيكُمْ، حَتَّى بَقِيَ مِنْهَا هَذَا المَالُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا المَالِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ، فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ، فَعَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ حَيَاتَهُ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ، هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، ثُمَّ قَال لِعَلِيٍّ، وَعَبَّاسٍ، أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ، هَلْ تَعْلَمَانِ ذَلِكَ؟ قَال عُمَرُ: ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم، فَقَال أَبُو بَكْرٍ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَبَضَهَا أَبُو بَكْرٍ، فَعَمِلَ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَاللَّهُ يَعْلَمُ: إِنَّهُ فِيهَا لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، فَكُنْتُ أَنَا وَلِيَّ أَبِي بَكْرٍ، فَقَبَضْتُهَا سَنَتَيْنِ مِنْ إِمَارَتِي، أَعْمَلُ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَا عَمِلَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ: إِنِّي فِيهَا لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ جِئْتُمَانِي تُكَلِّمَانِي، وَكَلِمَتُكُمَا وَاحِدَةٌ، وَأَمْرُكُمَا وَاحِدٌ، جِئْتَنِي يَا عَبَّاسُ، تَسْأَلُنِي نَصِيبَكَ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ، وَجَاءَنِي هَذَا - يُرِيدُ عَلِيًّا - يُرِيدُ نَصِيبَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا، فَقُلْتُ لَكُمَا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ"، فَلَمَّا بَدَا
(1) قال ابن الأعرابي التيد: الرفق، يقال: تيدك يا هذا، أي ائتد أ. هـ من اللساق وفي الفتح 6/ 206:"تَئيِدَكم" كذا في رواية أبي ذر بفتح المثناة وكسر التحتانية، مهموز وفتح الدال، .. ووقع في رواية الأصيلي بكسر أوله وضم الدال وهو اسم فعل كرويد، أي: اصبروا. أ. هـ من الفتح.
لِي أَنْ أَدْفَعَهُ إِلَيْكُمَا، قُلْتُ: إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا، عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ: لَتَعْمَلانِ فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَبِمَا عَمِلَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ، وَبِمَا عَمِلْتُ فِيهَا مُنْذُ وَلِيتُهَا، فَقُلْتُمَا: ادْفَعْهَا إِلَيْنَا، فَبِذَلِكَ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا، فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ، هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ؟ قَال الرَّهْطُ: نَعَمْ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ، وَعَبَّاسٍ، فَقَال: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ، هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ؟ قَالا: نَعَمْ، قَال: فَتَلْتَمِسَانِ مِنِّي قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ، فَوَاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، لَا أَقْضِي فِيهَا قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَادْفَعَاهَا إِلَيَّ، فَإِنِّي أَكْفِيكُمَاهَا.
[انظر: 2904 - مسلم: 1757 فتح 6/ 197]
(من حديثه ذلك) أي: الآتي. (حتى أدخل) بالنصب والرفع نظير ما مرَّ (بينا) في نسخة: "بينما". (متع النهار) بفتح الميم والفوقية، أي: اشتد حره، وارتفع وطال ارتفاعه. (على رمال سرير) بكسر راء رمال، وضمها ما ينسج من سعف النخل ونحوه [ليضطجع عليه](1). (يا مال) بكسر اللام، وضمها على الوجهين في الترخيم. (برضخ) أي: عطاء قليل. (لو أمرت به غيري) في نسخة: "له" بلام بدل الباء، قاله تحرجًا من قبول الأمانة. (اقبضه) في نسخة:"فاقبضه" بفاء (فبينا) في نسخة: "فبينما". (يرفأ) بالهمز. وبدونه وهو الأكثر وقد يقال: اليرفأ بزيادة ألف ولام. (هل لك) أي: رغبة. (وبين هذا) أي: علي (من بني النضير) في نسخة: "من مال بني النضير". (تيدكم) بفتح الفوقية، وكسرها، وسكون التحتية، وفتح الدال، وضمها اسم فعل كرويد أي: اصبروا على رسلكم وهينتكم (2)، وقيل: مصدر تاد يتيد، كسار يسير، والمعنى: تيدو تيدكم كما يقال: سيروا سيركم، (أنشدكم) أي: أسألكم. (يريد
(1) من (ج).
(2)
في هامش (ج): وعلى رسلكم إلا هيئتكم، أي: اصبروا وامهلوا.
رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه) سائر الأنبياء مثله في ذلك، بدليل خبر:"إنا معاشر الأنبياء لا نورث"(1) وإنما قول زكريا: {يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} [مريم: 6]. وقوله: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} [النمل: 16] فالمراد: ميراث العلم والنبوة والحكمة. (أنشدكما الله) لفظ: (الله) ساقط من نسخة. (قالا: قد قال ذلك) ساقط من نسخة. (فكانت هذه) أي: بني النضير، وخيبر، وفدك (خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم) أي: لا حقَّ لأحد فيها غيره، هذا ما عليه الأكثر. وقول الشافعي: يقسم الفيء خمسة أقسام، وأول كلام عمر هذا بأنه يريد الأخماس الأربعة (والله) وفي نسخة:"ووالله" بزيادة واو (ما احتازها) من الحيازة أي: ما جمعها، وفي نسخة:"ما اختارهما" من الاختيار، (ولا استأثر بها) أي: ما اختص بها (قد أعطاكموه) أي: الفيء، وفي نسخة:"قد أعطاكموها" أي: أموال الفيء، (وبثها) أي: فرقها (مجعل مال الله) أي: في السلاح، والكراع، ومصالح المسلمين، واستشكل كونه كان ينفق على أهله نفقة سنتهم، مع أن درعه حين وفاته كانت مرهونة على شعير استدانة لأهله، وأجيب: بأنه كان يدخر لأهله قوت سنتهم، ثم في طول السنة يحتاج لمن يطرقه على إخراج شيء منه، فيخرجه، فيحتاج إلى تعويض ما أخذ منه فلذلك استدان. (أنشدكما بالله) في نسخة:"أنشدكما الله". (هل تعلمان ذلك) زاد في: الفرائض في رواية: "قالا: نعم"(2). (فلما بدا)
(1) رواه النسائي في "السنن"الكبرى" 4/ 64 (6309) كتاب: الفرائض، ذكر مواريث الأنبياء. وأحمد 2/ 463. وله شاهد سبق برقم (2776) كتاب: الوصايا، باب: نفقة القيم للوقف.
(2)
سيأتي برقم (6728) كتاب: الفرائض، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا نورث ما تركنا صدقة".