الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
58 -
كِتَابُ الجِزْيَةِ وَالْمُوَادَعَةِ
1 - باب الجِزْيَةِ وَالْمُوَادَعَةِ مَعَ أَهْلِ الحَرْب
.
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِاليَوْمِ الآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29]" يَعْنِي: أَذِلَّاءُ، {وَالمَسْكَنَةُ} [البقرة: 61] مَصْدَرُ المِسْكِينِ، فُلانٌ أَسْكَنُ مِنْ فُلانٍ: أَحْوَجُ مِنْهُ، وَلَمْ يَذْهَبْ إِلَى السُّكُونِ "وَمَا جَاءَ فِي أَخْذِ الجِزْيَةِ مِنَ اليَهُودِ، وَالنَّصَارَى، وَالمَجُوسِ وَالعَجَمِ" وَقَال ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ قُلْتُ: لِمُجَاهِدٍ، مَا شَأْنُ أَهْلِ الشَّأْمِ، عَلَيْهِمْ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ، وَأَهْلُ اليَمَنِ عَلَيْهِمْ دِينَارٌ، قَال: "جُعِلَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ اليَسَارِ".
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. (باب: الجزية) بكسر الجيم: وهي مال يؤخذ من مال أهل الذمة؛ لإسكاننا إياهم في دارنا، أو لحقن دمائهم وذراريهم وأموالهم، أو لكفنا عن قتالهم. (والموادعة) وهي مشاركة الحربيين مدة معينة لمصلحة. (مع أهل الذمة والحرب) مع أهل الذمة راجع إلى الجزية والحرب أي: وأهل الحرب راجع إلى الموادعة، ففي ذلك لف ونشر مرتب. (وقول الله تعالى) عطف على
الجزية. {وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} يعني: الخمر والميسر ({وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ}) أي: لا يتدينون بدين الإسلام. ({مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}) هم اليهود والنصارى. ({عَنْ يَدٍ}) أي: عن قهر وغلبة. ({وَهُمْ صَاغِرُونَ}) أي: (أذلاء) وفي نسخة: "يعني: أذلاء" مع زيادة (والمسكنة مصدر المسكين، أسكن من فلان أحوج منه، ولم يذهب البخاري إلى السكون)، ووجه ذكر المسكنة هنا: أنه فسر الصغار بالذلة، وجاء في وصف أهل الكتاب. ({وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ}) فناسب ذكرها عند ذكر الذلة. (وما جاء) إلى أخره عطف على الجزية أيضًا.
(عن ابن أبي نجيح) هو عبد الله. (ما شأن أهل الشام) أي: من أهل الكتاب. (وأهل اليمن) أي: من أهل الكتاب. (قال: جعل ذلك من قبل اليسار).
فيه: جواز التفاوت في الجزية، وأقلها عند الشافعية والجمهور: دينار في كل حول، ولا يزاد عليه في سفيه، ويسن مماكسة غير سفيه وفقير، فيعقد لمتوسط بدينارين، وللغني بأربعة.
3156 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: سَمِعْتُ عَمْرًا، قَال: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَعَمْرِو بْنِ أَوْسٍ فَحَدَّثَهُمَا بَجَالةُ، - سَنَةَ سَبْعِينَ، عَامَ حَجَّ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ بِأَهْلِ الْبَصْرَةِ عِنْدَ دَرَجِ زَمْزَمَ -، قَال: كُنْتُ كَاتِبًا لِجَزْءِ بْنِ مُعَاويَةَ، عَمِّ الأَحْنَفِ، فَأَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ، فَرِّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذِي مَحْرَمٍ مِنَ المَجُوسِ، وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ أَخَذَ الجِزْيَةَ مِنَ المَجُوسِ.
[فتح 6/ 257]
(سفيان) أي: ابن عيينة.
(سمعت عمرًا) أي: ابن دينار. (بجالة) أي: ابن عبدة.
(لجزء بن معاوية) بفتح الجيم، وبعد الزاي الساكنة همزة. (فرقوا
بين كل ذي محرم) أي: بينهما زوجية، والمراد أن يمنعوا من إظهار نكاحهم محارمهم للمسلمين، وإلا فالسنة أن لا يكشف عن بواطن أمورهم، وما يستحلونه في الأنكحة وغيرها، كما يشترط على النصارى أن لا يظهروا صليبهم، ولا يفشوا عقائدهم، لئلا يفتتن به ضَعَفَةُ المسلمين.
3157 -
حَتَّى شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ".
[فتح 6/ 257]
(من مجوس هجر) بصرف هجر (1)، ومنع صرفه.
3158 -
حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ الأَنْصَارِيَّ وَهُوَ حَلِيفٌ لِبَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا، أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرَّاحِ إِلَى البَحْرَيْنِ يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ صَالحَ أَهْلَ البَحْرَيْنِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ العَلاءَ بْنَ الحَضْرَمِيِّ، فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنَ البَحْرَيْنِ، فَسَمِعَتِ الأَنْصَارُ بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ، فَوَافَتْ صَلاةَ الصُّبْحِ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا صَلَّى بِهِمُ الفَجْرَ انْصَرَفَ، فَتَعَرَّضُوا لَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَآهُمْ، وَقَال:"أَظُنُّكُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدْ جَاءَ بِشَيْءٍ؟ "، قَالُوا: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال:"فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوَاللَّهِ لَا الفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ".
[4015، 6425 - مسلم: 2961 - فتح 6/ 257]
(أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة.
(أبا عبيدة بن الجراح) هو عامر بن عبد الله بن الجراح.
(فوافت) من الموافاة، وفي نسخة:"فوافقت" من الموافقة. (فلما
(1) انظر: "معجم البلدان" 5/ 393.
صلى بهم الفجر) في نسخة: "فلما صلى بهم الصبح". (أجل) أي: نعم. (وأملوا) بفتح الهمزة وتشديد الميم المكسورة من غير مد من التأميل، والأمل: الرجاء. (فوالله لا الفقر أخشى) بنصب (الفقر) بأخشى. (على من كان) لفظ: (كان) ساقط من نسخة. (فتنافسوها كما تنافسوها) في نسخة: "فتنافسوا كما تنافسوا" بدون هاء، والتنافس: الرغبة في الشيء والانفراد به.
3159 -
حَدَّثَنَا الفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا المُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ المُزَنِيُّ، وَزِيَادُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ، قَال: بَعَثَ عُمَرُ النَّاسَ فِي أَفْنَاءِ الأَمْصَارِ، يُقَاتِلُونَ المُشْرِكِينَ، فَأَسْلَمَ الهُرْمُزَانُ، فَقَال: إِنِّي مُسْتَشِيرُكَ فِي مَغَازِيَّ هَذِهِ؟ قَال: نَعَمْ مَثَلُهَا وَمَثَلُ مَنْ فِيهَا مِنَ النَّاسِ مِنْ عَدُوِّ المُسْلِمِينَ مَثَلُ طَائِرٍ لَهُ رَأْسٌ وَلَهُ جَنَاحَانِ وَلَهُ رِجْلانِ، فَإِنْ كُسِرَ أَحَدُ الجَنَاحَيْنِ نَهَضَتِ الرِّجْلانِ بِجَنَاحٍ وَالرَّأْسُ، فَإِنْ كُسِرَ الجَنَاحُ الآخَرُ نَهَضَتِ الرِّجْلانِ وَالرَّأْسُ، وَإِنْ شُدِخَ الرَّأْسُ ذَهَبَتِ الرِّجْلانِ وَالجَنَاحَانِ وَالرَّأْسُ، فَالرَّأْسُ كِسْرَى، وَالجَنَاحُ قَيْصَرُ، وَالجَنَاحُ الآخَرُ فَارِسُ، فَمُرِ المُسْلِمِينَ، فَلْيَنْفِرُوا إِلَى كِسْرَى، - وَقَال بَكْرٌ، وَزِيَادٌ جَمِيعًا عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ - قَال: فَنَدَبَنَا عُمَرُ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْنَا النُّعْمَانَ بْنَ مُقَرِّنٍ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَرْضِ العَدُوِّ، وَخَرَجَ عَلَيْنَا عَامِلُ كِسْرَى فِي أَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَقَامَ تَرْجُمَانٌ، فَقَال: لِيُكَلِّمْنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ، فَقَال المُغِيرَةُ: سَلْ عَمَّا شِئْتَ؟ قَال: مَا أَنْتُمْ؟ قَال: نَحْنُ أُنَاسٌ مِنَ العَرَبِ، كُنَّا فِي شَقَاءٍ شَدِيدٍ وَبَلاءٍ شَدِيدٍ، نَمَصُّ الجِلْدَ وَالنَّوَى مِنَ الجُوعِ، وَنَلْبَسُ الوَبَرَ وَالشَّعَرَ، وَنَعْبُدُ الشَّجَرَ وَالحَجَرَ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرَضِينَ - تَعَالى ذِكْرُهُ وَجَلَّتْ عَظَمَتُهُ - إِلَيْنَا نَبِيًّا مِنْ أَنْفُسِنَا نَعْرِفُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ، فَأَمَرَنَا نَبِيُّنَا رَسُولُ رَبِّنَا صلى الله عليه وسلم "أَنْ نُقَاتِلَكُمْ حَتَّى تَعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ، أَوْ تُؤَدُّوا الجِزْيَةَ، وَأَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم عَنْ رِسَالةِ رَبِّنَا، أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ إِلَى الجَنَّةِ فِي نَعِيمٍ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا قَطُّ، وَمَنْ بَقِيَ مِنَّا مَلَكَ رِقَابَكُمْ".
[7530 - فتح 6/ 258]
(في أفناء الأمصار) جمع فنو أي: في جماعاتها، وقيل: في