الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويقول أيضاً (ص174) : "ظهر بذلك أن الأمية المذكورة هنا صفهْ مدح وكمال، من وجوه: من جهة الاستغناء عن الكتاب والحساب بما هو أبين منه وأظهر وهو الهلال، ومن جهة أن الكتاب والحساب هنا يدخلهما غلط، ومن جهة أن فيهما تعباً كثيراً بلا فائدة، فإن ذلك شغل عن المصالح. فمن دخل فيه فقد خرج عن الأمة الأمية فيما هو من الكمال والفضل السالم عن المفسدة، ودخل في أمر ناقص يؤديه إلى الفساد والاضطراب، وأيضا فإنه جعل هذا وصفاً للأمة وصفة الكمال التي للأمة يجب حفظها عليها.
ويقول أيضاً (ص207) : "والمعتمد على الحساب في الهلال، كما أنه ضال في الشريعة، مبتدع في الدين، فهو مخطئ في العقل وعلم الحساب، فإن العلماء بالهيئة يعرفون أن الرؤية لا تنضبط بأمر حسابي بل خطؤها كثير وقد جرب وهم يختلفون كثيراً: هل يرى؟ أم لا يرى؟ وسبب ذلك: أنهم ضبطوا بالحساب ما لا يعلم بالحساب، فأخطأوا طريق الصواب".
وفي "المجموع"(6/289) : قال الدارمي: لا يصوم بقول منجم.
الشهادة على رؤية الهلال:
عن ابن عمر قال: "تراءى الناس الهلال فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصام وأمر الناس بصيامه"(1) .
وقال صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، وأنسكوا لها، فإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين، فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا"(2) ، وعند أحمد "فإن شهد شاهدان مسلمان"، وقال الدارقطني "ذوا عدل".
(1) صحيح: رواه أبو دواد والدارمي وابن حبان والدارقطني والبيهقي وصححه الألباني في "إرواء الغليل" رقم (908) . وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي وهو كما قالا. وأقره ابن حجر في "التلخيص".
(2)
رواه أحمد والنسائي والدارقطني عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، والحديث صححه الألباني في "إرواء الغليل" رقم (909) .
* قال ابن عبد البر في "التمهيد"(14/354-135) : "أجمع العلماء على أنه لا يقبل في شهادة شوال في الفطر إلَاّ رجلان عدلان، واختلفوا في هلال رمضان: * فقال مالك والثوري والأوزاعي والليث والحسن بن حي وعبيد الله بن الحسن وابن علية: لا يقبل في هلال رمضان ولا شوال إلا شاهدا عدل رجلان.
* وقال أبو حنيفة وأصحابه في رؤية هلال رمضان: شهادة رجل واحد عدل إذا كان في السماء علة -غيماً أو غباراً-، وإن لم يكن في السماء علة لم يقبل إلَاّ شهادة العامة.
ولا يقبل في هلال شوال إلَاّ شهادة عدلين يقبل مثلهما في الحقوق.
هكذا حكاه الطحاوي عن أبي حنيفة في كتابه الكبير في الخلاف في اشتراط العدالة ولم يذكر المرأة، وذكر عنه في المختصر في الشهادة على هلال رمضان شاهد واحد مسلم أو امرأة مسلمة. لم يشترط العدالة، وفي الشهادة على هلال شوال رجل وامرأتان كسائر الحقوق.
واختلف قول الشافعي في هذه المسألة، فحكى المزني عنه أنه قال: إذا شهد على رؤية هلال رمضان رجل عدل واحد رأيت أن أقبله للأثر الذي جاء فيه والاحتياط والقياس ألا يقبل إلا شاهدان، قال: ولا أقبل على رؤية هلال الفطر إلا عدلين.
وفي البويطي: ولا يصام رمضان ولا يفطر منه بأقل من شاهدين حُرّيْن مسلميِنْ عدليْن، وقال أحمد بن حنبل: من رأى هلال رمضان وحده صام، فإن كان عدلاً صام الناس بقوله، ولا يفطر إلَاّ بشهادة عدلين، ولا يفطر إذا رآه وحده".
قال النووي في "روضة الطالبين"(2/345) : "وكذا إن شهد عدل على الأظهر المنصوص في أكثر كتبه".
وقال في "المجموع"(6/283) : قال في القديم والجديد يقبل من عدل واحد وهو الصحيح وبه قطع المصنف، فهل يقبل من العبد والمرأة؟ فيه وجهان: لا يقبل وهو الصحيح؛ لأن طريقها طرق الشهادة بدليل أنه لا يقبل من شاهد الفرع مع حضور شاهد الأصل فلم قبل من العبد والمرأة كسائر الشهادات. ونص عليه في "الأم"
وأما الكافر والفاسق والمغفل فلا يقبل قولهم بلا خلاف.
* وفي "الفروع" لابن مفلح -حنبلي- يقبل في هلال رمضان قول عدل واحد نص عليه وحكاه الترمذي عن أكثر العلماء لحديث ابن عباس وابن عمر، ولأنه خبر ديني، وهو أحوط ولا تهمة فيه، لخلاف آخر الشهر.
وتقبل المرأة والعبد ولا يختص بحاكم فيلزم الصوم من سمعه من عدل.
وجزم في "المستوعب": لا يقبل صبي، وفي "الكافي" يقبل العبد.
* وفي "روضة الطالبين" -شافعي- (2/380-346) : في الصبي المميز الموثوق به طريقان: والمذهب الذي قطع به الأكثرون: القطع بأنه لا تقبل.
وقال ابن حجر في "الفتح"(4/147) : "فلا تصوموا حتى تروه. المراد بذلك رؤية بعضهم وهو من يثبت به ذلك، إما واحد على رأي الجمهور أو اثنان على رأى آخرين.
ووافق الحنفية على الأول إلا أنهم خصّوا ذلك بما إذا كان في السماء علة من غيم وغيره، وإلا متى كان صحو لم يقبل إلا من جمع كثير يقع العلم بخبرهم.
قال أبو عمر بن عبد البر في "التمهيد"(14/355) : لم يختلف العلماء فيمن رأى هلال رمضان وحده فلم تقبل شهادته أنه يصوم؛ لأنه متعبد بنفسه لا بغيره، وعلى هذا أكثر العلماء، لا خلاف في ذلك إلا شذوذ لا يشتغل به، ومن رأى هلال شوال وحده، أفطر عند الشافعي، والحسن بن حي.
وروي عن مالك أنه لا يفطر للتهمة، ومثله قول الليث وأحمد: لا يفطر من رآه وحده، واستحب الشافعي أن يخفي فطره.
وقال مالك: من رأى هلال رمضان وحده فأفطر فعليه الكفارة مع القضاء، وقال أبو حنيفة: لا كفارة عليه.
وكان الشعبي والنخعي يقولان: لا يصوم أحد إلا مع جماعة الناس، وقال الحسن: يفعل ما يفعل إمامهم.