المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رؤية الهلال هي المعتبرة فقط دون الحساب: - نداء الريان في فقه الصوم وفضل رمضان - جـ ٢

[سيد حسين العفاني]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الرابع عشرفقه الصوم ورمضان

- ‌الصيام لغة:

- ‌الصيام شرعاً:

- ‌الصوم الواجب:

- ‌فرض الصوم على أحوال

- ‌على من يجب الصيام

- ‌أركان الصوم

- ‌الركن الأول: الزمان

- ‌إحصاء عدة شعبان:

- ‌رؤية الهلال هي المعتبرة فقط دون الحساب:

- ‌الشهادة على رؤية الهلال:

- ‌مذاهب العلماء فيما إذا رأى الهلال أهل بلد دون غيرهم:

- ‌إذا رأى القمر نهاراً

- ‌صيام الأسير والمطمور

- ‌زمن الإمساك

- ‌ أول زمن الإمساك:

- ‌الركن الثاني: وهو الإمساك

- ‌ ما يُفطر من غير المأكول والمشروب:

- ‌القبلة للصائم

- ‌مذاهب العلماء في القبلة للصائم:

- ‌القيءُ للصائم

- ‌الحجامة للصائم

- ‌مذاهب العلماء في حجامة الصائم:

- ‌الجماع في نهار رمضان

- ‌ مذاهب العلماء فيمن كرر جماع زوجته في يوم من رمضان:

- ‌ مذاهب العلماء فيمن وطء في يومين أو أيام من رمضان:

- ‌ مذاهب العلماء في المباشرة فيما دون الفرج - القُبل والدبُر

- ‌ مذاهب العلماء فيمن أفطر بغير الجماع في نهار رمضان

- ‌الركن الثالث: النية

- ‌تقديم النيّة في الصوم

- ‌تأخير النية في الصوم

- ‌النية لكل يوم

- ‌حكم من ظهر له وجوب الصيام نهاراً

- ‌الليل كلة وقت للنية

- ‌المدى الذي يصحّ أن يحدث فيه النيّة من النَّهار:

- ‌شروط من أجاز صوم النفل بنيّةٍ من النهار:

- ‌المقدار الذي يثاب عليه الناوي من النهار:

- ‌صفة النيّة في الصوم

- ‌مباحث تتعلق بالنية في الصوم:

- ‌1- استصحاب حكم النية:

- ‌(2) رفض النية:

- ‌(أ) رفض النية بعد تمام العبادة:

- ‌(ب) رفض نية الصوم في أثنائه:

- ‌(3) قلب نية الصوم وتغييرها:

- ‌أقسام النية التي قلبت

- ‌(1) نقل فرض إلى فرض:

- ‌(2) نقل نفل إلى فرض:

- ‌(3) نقل نفل إلى نفل:

- ‌(4) عدم التشريك في النية:

- ‌(5) قصد الصوم دفعة واحدة:

- ‌النيابة في النيات في الصوم

- ‌موقف الذين أجازوا النيابة في بعض العبادات من حجج المجيزين مطلقًا:

- ‌تحرير محل النزاع

- ‌الرأي الراجح:

- ‌إهداء ثواب العبادة للأموات

- ‌النية: ركن أم شرط في الصوم

- ‌الصوم في السفر

- ‌المسألة الأولى [إن صام المريض أو المسافر هل يجزيه

- ‌المسألة الثانية [هل الصوم في السفر أفضل أم الفطر]

- ‌المسألة الثالثة[هل الفطر الجائز للمسافر هو في سفر محدود أم غير محدود

- ‌المسألة الرابعة [متى يفطر المسافر ومتى يمسك

- ‌سُنَّة ميتة فتمسك بها:

- ‌المسألة الخامسة[هل يجوز للصائم أن ينشئ سفرًا ثم لا يصوم فيه]

- ‌يريد الله بكم اليسر

- ‌صيام المريض

- ‌الحامل والمرضع ماذا عليها إذا أفطرت

- ‌بحث للألباني في "الحامل والمرضع

- ‌ القضاء

- ‌المسألة الأولى [هل يقضى الصوم متتابعًا أم لا

- ‌متى يقضى

- ‌ماذا على من أخر القضاء حتى دخل رمضان آخر

- ‌إذا مات وعليه صوم هل يصوم عنه وليه أم لا

- ‌الكفارة

- ‌هل هذه الكفارة مرتبة ككفارة الظهار أو على التخيير

- ‌حكمة الأنواع الضعيفة في الكفارة

- ‌اختلافهم في وجوب الكفارة على المرأة إذا طاوعته على الجماع

- ‌مسألة [مقدار الكفارة بالإطعام]

- ‌مسألة [هل تسقط الكفارة بالإعسار

- ‌خلافهم في الكفارة

- ‌الفدية

- ‌صوم النذر

- ‌مسائل

- ‌صوم الكفارات

- ‌مسألة [اختلافهم في اشتراط تتابع الأيام

- ‌الباب الخامس عشرالاعتكاف

- ‌أركان الاعتكاف أربعة:

- ‌[مكان الاعتكاف]

- ‌الرد على فضيلة الشيخ الألباني

- ‌[وقت الاعتكاف]

- ‌العمل الذي يخص الاعتكاف

- ‌الخروج إلى الجمعة

- ‌الصوم في الاعتكاف

- ‌مذاهب العلماء في أقل الاعتكاف

- ‌ما يباح للمعتكف

- ‌الجماع في الاعتكاف

- ‌من جامع ناسيا في اعتكافه

- ‌هل تجب الكفارة على من جامع

- ‌هل يجوز للمعتكف أن يتزوج

- ‌الطيب للمعتكف

- ‌المعتكفه إذا حاضت

- ‌البيع والشراء للمعتكف

- ‌مسألة

- ‌مرض المعتكف

- ‌إذا أخرجه السلطان

- ‌قضاء الاعتكاف

- ‌الأولى للمعتكف أن يبيت في المسجد

- ‌الباب السادس عشروداع رمضان

- ‌في وداع رمضان

- ‌فضل الجوع:

- ‌سجع على قوله تعالى: (إني جزيتهم اليوم بما صبروا)

- ‌الباب السابع عشرحيوانات تصوم

- ‌معجزة الدب الأبيض:

- ‌طائر البطريق ومدرسة الحضانة:

- ‌ صوم بعض الحيوانات آثناء فترة النزو الجنسي:

- ‌ الصوم بعد الولادة

- ‌ الصوم حين يكون حس الجوع غائبًا:

- ‌ الصوم في حالات الغضب:

- ‌ السبات الشتوي عند النباتات:

- ‌الباب التاسع عشرالصوم علاج رباني

- ‌الصوم والأمراض الجلدية:

- ‌ الصوم ومستوى جديد من الصحة:

- ‌الصوم الطبي:

- ‌الفرق بين الصيام الإسلامي والتجويع [الصوم الطبي]

- ‌وظائف الأعضاء في الصيام الإسلامي

- ‌وظائف الأعضاء في التجويع المطلق:

- ‌أوجه الاتفاق والاختلاف بين الصيام الإسلامي والتجويع:

- ‌نظريات علمية في بعض فوائد الصيام الإسلامي وآدابه

- ‌الصيام والتخلص من السموم

- ‌هل الأفضل في الصيام الحركة أم السكون

- ‌الصيام والتخلص من الشحوم

- ‌الصيام وتجدد الخلايا

- ‌لماذا الإفطار على التمر

- ‌أمر النبي صلى الله عليه وسلم الصائم بالهدوء والبعد عن الشجار وتفسير ذلك طبيًا:

- ‌من فوائد عدم شرب الماء في الصيام

- ‌الصيام وجهاز المناعة

- ‌الصيام ومكونات الدم

- ‌الصيام وهرمونات المرأة

- ‌الصيام ومرضى الجهاز البولي

- ‌الصيام وعمل الغدة الدرقية

- ‌الصيام وهرمونات الشدة

- ‌الصيام وخلايا الدم

- ‌الصيام وتجلط الدم

- ‌الصيام ومرضى السكري

- ‌تأثير الصيام على الحمل والرضاعة

- ‌تأثير الصيام الإسلامي على وزن الجسم

- ‌الصيام والإخصاب عند الرجل

- ‌تأثير الصيام المتواصل على مرضى التهاب المفاصل الشبيه بالرثية

- ‌تأثير الصيام على قرحة المعدة

- ‌تأثير الصيام المتواصل على الغدد الجنسية

- ‌صيام رمضان وأثره على بعض أمراض الأوعية الدموية الطرفية

- ‌تأثير الصيام على الوارد الكهربائية والتناضح في البول والدم

- ‌وجوه الإعجاز في الصوم

- ‌دفاع العقاد عن الصيام ردًا على المستشرقين

- ‌الباب التاسعزكاة الفطر

- ‌حكمها:

- ‌فيمَنْ تجب عليه، وعمن تجب

- ‌اليسار شرط لوجوب الفطرة:

- ‌ وقت خروجها:

- ‌ دفع الزكاة إلى كافر أو ذمي:

- ‌أصناف زكاة الفطر:

- ‌ مقدارها

- ‌عمن يؤديها الرجل

- ‌جهة إخراجها:

- ‌هل تجزيء القيمة في الزكاة

- ‌ كيف يقدر الصاع

- ‌الباب العشرونالعيد لمن طاعاته تزيد

- ‌سنن العيد

- ‌ الخروج إلى المصلى:

- ‌ التكبير في العيدين:

- ‌ صيغ التكبير:

- ‌ حكم صلاة العيدين:

- ‌وقت صلاة عيد الفطر:

- ‌ التخيير بحضور الخطبة:

- ‌ التوسعة على العيال

الفصل: ‌رؤية الهلال هي المعتبرة فقط دون الحساب:

ثلاثين يوماً، فإنها ليست تغمى عليكم العدة" (1) .

قال المناوي في "فيض القدير": أحصوا: عدوا واضبطوا والإحصاء أبلغ من العد في الضبط لما فيه من إعمال الجهد في العد. والمراد أحصوا هلاله حتى تكملوا العدة إن غمّ عليكم أو تراؤوا هلال شعبان وأحصوه ليترتب عليه رمضان بالاستكمال أو الرؤية.

قال ابنُ قدامة في "المغني"(4/325) : "يستحب للناس ترائي الهلال ليلة الثلاثين من شعبان وتطلبه ليحتاطوا بذلك لصيامهم، ويسلموا من الاختلاف فإذا رأوه وجب عليهم الصيام إجماعاً".

‌رؤية الهلال هي المعتبرة فقط دون الحساب:

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال صلى الله عليه وسلم: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر

هكذا وهكذا يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين" رواه البخاري.

قال الحافظ ابن حجر (4/151-152) : "قيل للعرب: أميون لأن الكتابة كانت فيهم عزيزة. قال الله تعالى: (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم) ولا يرد على ذلك أنه كان فيهم من يكتب ويحسب لأن الكتابة فيهم قليلة نادرة، والمراد بالحساب هنا حساب النجوم وتسييرها، ولم يكونوا يعرفون من ذلك أيضاً إلَاّ النزر اليسير، فعلّق الحكم بالصوم وغيره بالرؤية لرفع الحرج عنهم في معاناة حساب التسيير واستمر الحكم في الصوم ولو حدث بعدهم من يعرف ذلك، بل ظاهر السياق يشعر بنفي تعليق الحكم بالحساب أصلا، ويوضحه قوله في الحديث: "فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين".

يقل فسلوا أهل الحساب، والحكمة فيه كون العدد عند الإغماء يستوي فيه المكلفون فيرتفع الاختلاف والنزاع عنهم، وقد ذهب قوم إلى الرجوع إلى أهل التسيير في ذلك وهم الروافض، ونُقل عن بعض الفقهاء موافقتهم. قال الباجي: وإجماع السلف الصالح حُجَّة عليهم. وقال ابن بزيزة: وهو مذهب باطل فقد نهت الشريعة عن الخوض في علم النجوم لأنها حدس وتخمين ليس فيها قطع ولا ظن غالب، مع أنه لو ارتبط الأمر بها لضاق إذ لا يعرفها إلا القليل".

(1) صحيح: رواه الدارقطني، والبيهقي في سننه عن أبي هريرة وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (199) .

ص: 17

قال ابن بطال: "في الحديث رفع لمراعاة النجوم بقوانين التعديل، وإنما المعول رؤية الأهلة وقد نهينا عن التكلف. ولا شك أن في مراعاة ما غمض حتى لا يدرك إلا بالظنون غاية التكلف.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا شعبان ثلاثين"(1) .

* وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له"(2) .

وعن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء رمضان فصوموا ثلاثين إلَاّ أن تروا الهلال قبل ذلك"(3) .

وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتُم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غُم عليكم فاقدروا له"(4) .

وقال صلى الله عليه وسلم: "جعل الله الأهلة مواقيت للناس، فصوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يوماً"(5) .

قال ابنُ حجر (4/146) : "للعلماء فيه تأويلان، وذهب آخرون إلى تأويل ثالث، قالوا: معناه فاقدروه بحساب المنازل. قاله أبو العباس بن سريج من الشافعية، ومطرف بن عبد الله من التابعين، وابن قتيبة من المحدثين.

قال ابن عبد البر: لا يصح عن مطرف، وأما ابن قتيبة هو ممن يعرج عليه في مثل هذا.

قال: ونقل ابن خويز منداد عن الشافعي مسألة ابن سريج والمعروف عن الشافعي ما عليه الجمهور.

(1) رواه الشيخان والنسائي وغيرهم عن عدة من الصحابة.

(2)

أخرجه الشيخان ومالك وغيرهم.

(3)

صححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" رقم (1308) . رواه الطبراني في الكبير وأحمد والطحاوي. وصححه الألباني أيضاً في "صحيح الجامع".

(4)

رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة وابن حبان عن عمر.

(5)

صحيح: رواه البيهقي في سننه، وأحمد، والطبراني في الكبير، والديلمي وابن عساكر عن طلق بن علي، وصححه الألباني في "صحيح الجامع"(3093) .

ص: 18

ونقل ابنُ العربي عن ابن سريج أن قولَه "فاقدروا له" خطاب لمن خصّه الله بهذا العلم، وأن قوله "فأكملوا العدة" خطاب للعامة. قال ابن العربي: فصار وجوب رمضان عنده مختلف الحال يجب على قوم. بحساب الشمس والقمر وعلى آخرين بحساب العدد، قال: وهذا بعيد عن النُّبلاء.

وقال ابنُ الصلاح: معرفة منازل القمر هي معرفة سير الأهلة، وأما معرفة الحساب فأمر دقيق يختص بمعرفته الآحاد، قال: فمعرفة منازل القمر تدرك بأمر محسوس يدركه من يراقب النجوم، وهذا هو الذي أراده ابنُ سريج وقال به في حق العارف بها في خاصة نفسه. ونقل الروياني عنه أنه لم يقل بوجوب ذلك عليه، وإنما قال بجوازه، وهو اختيار القفال وأبي الطيب، وأما أبو إسحاق في "المهذب" فنقل عن ابن سريج لزوم الصوم في هذه الصورة فتعدّدت الآراء في هذه المسألة بالنسبة إلى خصوص النظر في الحساب والمنازل:

أحدها: الجواز ولا يجزيء عن الفرض.

ثانيها: يجوز ويجزيء.

ثالثها: يجوز للحاسب ويجزئه لا للمنجم.

رابعها: يجوز لهما ولغيرهما تقليد الحاسب دون المنجم.

خامسها: يجوز لهما ولغيرهما مطلقاً.

وقال ابنُ الصباغ: أما بالحساب فلا يلزمه بلا خلاف بين أصحابنا. قلت: ونقل ابن المنذر قبله الإجماع على ذلك، فقال في الإشراف: صوم يوم الثلاثين من شعبان إذا لم ير الهلال مع الصحو لا يجب بإجماع الأمة، وقد صح عن أكثر الصحابة والتابعين كراهته، هكذا أطلق ولم يفصل بين حاسب وغيره، فمن فرّق بينهم كان محجوجاً بالإجماع قبله".

* قال النووي في "روضة الطالبين"(2/347-348) : لا يجب مما يقتضيه حساب المنجم الصوم عليه، ولا على غيره.

قال الروياني: وكذا من عرف منازل القمر، لا يلزمه الصوم به على الأصح.

ص: 19

وأما الجواز فقال في "التهذيب": لا يجوز تقليد المنجم في حساب، لا في الصوم ولا في الفطر.

* قال ابن حجر في "تلخيص الخبير"(2/187-188) : قال ابن دقيق العيد: "إن الحساب لا يجوز أن يعتمد عليه في الصوم لمقارنة القمر للشمس على ما يراه المنجمون، فإنهم قد يقدمون الشهر بالحساب على الرؤية بيوم أو يومين، وفي اعتبار ذلك إحداث شرع لم يأذن الله به، وأما إذا دل الحساب على أن الهلال قد طلع على وجه يرى، لكن وجد مانع من رؤيته كالغيم فهذا يقتضي الوجوب لوجود السبب الشرعي، قلت: لكن يتوقف قبول ذلك على صدق المخبر به، ولا نجزم بصدقه إلَاّ لو شاهد، والحال أنه لم يشاهد، فلا اعتبار بقوله إذاً، والله أعلم".

* وقال ابن عبد البر في "الاستذكار"(10/15) : (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) يريد والله أعلم: من علم منكم بدخول الشهر علم يقين فليصمه، والعلم اليقين: الرؤية الصحيحة الفاشية الظاهرة أو إكمال العدد.

وقال فيه (10/115) أيضاً: "قد كان بعض كبار التابعين فيما ذكر محمد بن سيرين ذهب في هذا الباب إلى اعتباره بالنجوم ومنازل القمر وطريق الحساب قال ابن سيرين: كان أفضل له لو لم يفعل".

وقال في "التمهيد"(14/350-352) : "ذهب بعض فقهاء البصريين إلى أن معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "فاقدروا له": ارتقاب منازل القمر وهو علم كانت العرب تعرف منه قريبا من علم العجم. ثم قال: وفيما ذكر هذا القائل من الضيق والتنازع والاضطراب ما لا يليق أن يتعلق به أولوا الألباب، وهو مذهب تركه العلماء قديماً وحديثاً للأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته.." ولم يتعلق أحد من فقهاء المسلمين فيما علمت باعتبار المنازل في ذلك، وإنما هو شيء روي عن مطرف بن الشخير، وليس بصحيح عنه، والله أعلم، ولو صح، ما وجب اتباعه عليه لشذوذه، ولمخالفة الحجة له، وقول ابن قتيبة قول قد ذكرنا شذوذه ومخالفة أهل العلم له، وليس هذا من شأن ابن قتيبة، ولا هو ممن يعرج عليه في هذا الباب، وقد حكي عن الشافعي أنه قال: من كان مذهبه

ص: 20

الاستدلال بالنجوم ومنازل القمر، ثم تبين له من جهة النجوم أن الهلال الليلة وغمّ عليه، جاز له أن يعتقد الصيام ويبيته ويجزئه، والصحيح عنه في كتبه وعند أصحابه، أنه لا يصح اعتقاد رمضان إلَاّ برؤية أو شهادة عادلة.

وقال ابن عمر في "الاستذكار"(10/19) : "الذي عندنا في كتبه أنه لا يصح اعتقاد رمضان إلَاّ برؤية فاشية".

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى"(25/131-132) : "إني رأيت الناس في شهر صومهم، وفي غيره أيضاً: منهم من يصغي إلى ما يقوله بعض جهال أهل الحساب من أن الهلال يرى أو لا يرى. ويبني على ذلك إما في باطنه وإما في ظاهره حتى بلغني أن من القضاة من كان يرد شهادة العدد من العدول لقول الحاسب الجاهل الكاذب: إنه يرى أو لا يرى فيكون ممن كذب بالحق لما جاءه".

ويقول (ص132-133) : إنا نعلم بالاضطرار من دين الإسلام أن العمل في رؤية هلال الصوم أو الحج أو العدة أو الإيلاء أو غير ذلك من الأحكام المعلقة بالهلال بخبر الحاسب أنه يرى أو لا يرى لا يجوز. والنصوص المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كثيرة.

وقد أجمع المسلمون عليه. ولا يعرف فيه خلاف قديم أصلا، ولا خلاف حديث، إلَاّ أن بعض المتأخرين من المتفقهة الحادثين بعد المائة الثالثة زعم أنه إذا غم الهلال جاز للحاسب أن يعمل في حق نفسه بالحساب، فإن كان الحساب دل على الرؤية صام وإلا فلا. وهذا القول وإن كان مقيداً بالإغمام ومختصا بالحاسب فهو شاذ، مسبوق بالإجماع على خلافه، فأما اتباع ذلك في الصحو أو تعليق عموم الحكم العام به فما قاله مسلم.

وقد يقارب من هذا قول من يقول من الإسماعيلية بالعدد دون الهلال وبعضهم يروي عن جعفر الصادق جدولاً يعمل عليه، وهو الذي افتراه عليه عبد الله بن معاوية.

وهذه الأقوال خارجة عن دين الإسلام. وقد برَّأ الله منها جعفر وغيره.

ويقول أيضاً (ص164) : قوله صلى الله عليه وسلم: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب" فمن كتب أو حسب لم يكن من هذه الأمة في هذا الحكم، بل يكون قد اتبع غير سبيل المؤمنين الذين هم هذه الأمة فيكون قد فعل ما ليس من دينها، والخروج عنها محرم منهي عنه، فيكون الكتاب والحساب المذكوران محرمين منهياً عنهما.

ص: 21