الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجلوكوز في هذه الفترة ينخفض أيضاً معدل إفراز الأحماض الأمينية من العضلات إلى حوالي ثلث الكمية المفرزة في فترة ما بعد الامتصاص.
ومع ازدياد معدل انحلال الدهن تزداد الأحماض الدهنية التي تصل إلى الكبد، فيرتفع معدل إنتاج الأجسام الكيتونية، وتزداد تدريجيًّا في الدم وتصل إلى مستوى ثابت، يعتمد عنده الدماغ للحصول على الطاقة منها، لتحل محل الجلوكوز كمصدر رئيسي للطاقة، إذ توفر من (60-80%) من كمية الطاقة التي يحتاجها الدماغ.
هذا وقد وجد أن ارتفاع مستوى الأجسام الكيتونية في مصل الدم لا ينتج زيادة في حموضة الدم، وذلك لأن الأمونيا الناجمة عن تكون الجلوكوز الجديد في الكلية (من الجلوتامين أساسًا) تسبب زيادة تعويضية في إفراز البروتينات.
ويبدو أيضاً أن ارتفاع مستويات الأجسام الكيتونية يساهم في انخفاض تكون الجلوكوز الجديد الملازم لهذه المرحلة، وذلك يمنع انحلال بروتينات العضلات؛ لذا فإن الأجسام الكيتونية تعمل على خفض إنتاج جلوكوز الكبد، وتعمل بمثابة طاقة بديلة للدماغ، وتحافظ على بروتينات الجسم، ومع نفاذ كمية الدهون القابلة للنقل والتحريك في نهاية هذه المرحلة، فإنه تحدث زيادة في استقلاب البروتينات في المراحل قبل النهائية، وهكذا فإن القدرة على تحمل التجويع أو الصيام الطبي لفترات طويلة، يعتمد على كمية الدهون المخزونة في الأنسجة الشحمية.
أوجه الاتفاق والاختلاف بين الصيام الإسلامي والتجويع:
هناك أوجه اتفاق واختلاف بين الصيام الإسلامي، وبين ما يعرف بالصيام الطبي (التجويع المطلق) ، وتتيح أوجه الاتفاق بينهما مساحة مشتركة تجعل كل الفوائد الثابتة علميًا للصيام الطبي، تتحقق بالصيام الإسلامي المثالي، التي تقل فيه فترة الهضم والامتصاص، وذلك بالاعتدال في الطعام أثناء السحور والإفطار وتتاح فيه فرصة أكبر لعملية تحلل المدخرات الغذائية وذلك ببذل الجهد والعمل الدائب والتخلص من الكسل وكثرة النوم أثناء الصيام.
وبناء على ذلك فقد استشهدنا ببعض الأبحاث التي أجريت على الصيام الطبي لعلاج بعض الأمراض، ولإثبات بعض الحقائق التي أخبرها عنها النبي صلى الله عليه وسلم في الصيام، ولتكن هذه الأبحاث حافزًا للباحثين على إجرائها في الصيام الإسلامي.
ويمكن تلخيص أوجه الاتفاق والاختلاف بين الصيام الطبي والصيام الإسلامي في النقاط التالية:
1-
يتفق الإثنان في تحقيق هدف مشترك، هو إراحة الجسم من هضم الغذاء، وإتاحة الفرصة لاستهلاك المدخر منه، وطرح السموم المتراكمة فيه، وتنشيط عمليات الاستقلاب الحيوية.
2-
كلاهما يمتنع فيه عن تناول المواد الغذائية في فترة زمنية محددة.
3-
ويختلفان في أن للصيام الإسلامي فترة زمنية محددة بنهار اليوم، ومتتابعة لمدة شهر، ودورية كل سنة على وجه الإلزام للمسلم، ولعدة أيام متفرقة في بقية العام على وجه الاختيار (صيام التطوع)، أما في الصيام الطبي: فهو امتناع عن الغذاء فترة زمنية متصلة تحدد لكل إنسان حسب ظروفه، أو مرضه، وهي على وجه الاختيار.
4-
الصيام الإسلامي يستطيعه كل المكلفين الأصحاء في شتى الأقطار والأزمان، وهو سهل ميسور، وليس فيه أية أخطار على الجسم، ولا يمثل أية شدة، والمسلمون يصومون طائعين، فرحين، محبين، أما الصوم الطبي فلا يستطيعه الناس جميعًا وهو قهر شديد للنفس، ويمثل مشقة وعنتًا للجسم، ولا يقبل عليه إلا من طغى عليه المرض، أو استيقن بفائدة يجنيها من ممارسته، ويصوم محاطا بالأطباء والممرضين وأجهزة الإسعاف والطوارئ.
5-
للتجويع أْخطاء لا توجد في الصيام الإسلامي: يحرم الجسم في أثناء التجويع من إمداده بالأحماض الدهنية الأساسية، والأحماض الأمينية الأساسية (Essential Naimo and Fatty Acids) ، والتي لا تتوافر إلا في الغذاء، وتتجمع كميات كبيرة من الأحماض الدهنية في الكبد، نتيجة لتحلل الدهن
المختزن في أنسجة الجسم بمعدلات كبيرة، مما يؤدي إلى ترسب الدهن بكثرة (ثلاثي الجليسرول Triaclyglycerol) في خلاياه، الأمر الذي ينجم عنه حالة تشمع للكبد (Fatty Liver) فتضطرب وظائفه ويصاب الجسم بالعلل.
وهذا بفضل الله لا يحدث في الصيام الإسلامي، حيث يمد الجسم بالأحماض الدهنية الأساسية والأحماض الأمينية الأساسية في وجبتي السحور والفطور، ويقوم الكبد بتركيب البروتين والمواد الدهنية والفوسفورية، بمعدل كاف لعملية تصنيع البروتين الشحمي (Lipoprotin) منخفض الكثافة جدًا، وهو المركب الذي يسهل نقل الدهون من الكبد، وحتى لا تتجمع بكميات كبيرة تعوق هذه العملية الحيوية، فلا يحدث التشمع الكبدي كما في حالة التجويع.
والحرمان من الأ-حماض الأمينية والد-هنية يؤدي إلى خلل -في الجسم فلا تتكون بعض البروتينات، والهرمونات، والأنزيمات الهامة، والتي يتوقف تكونها على توافر الأحماض الأساسية، كما أن الحرمان من الأحماض الأمينية في الغذاء يؤدي إلى تهدم مزيد من خلايا الجسم، وخصوصًا العضلات لإنتاج هذه الأحماض واستخدامها في تصنيع الجلوكوز، أو إنتاج الطاقة بعد تحويلها إلى أحماض أكسجينية، ويحدث بذلك توازن نتروجيني سلبي (Negative Nitrogen Balance) .
كما أنه في حالة التجويع تحدث أكسدة كثيفة للأحماض الدهنية المتجمعة في الكبد، مما ينتج عنه كميات كبيرة من الأجسام الكيتونية (Acito Acetic and Sever Metavolic Acidosis) والتي تؤدي بدورها إلى حموضة شديدة بالدم، (Sever Metavolic Acidosis) .
6-
للصيام الإسلامي مميزات لا توجد في التجويع:
أ- يحدث توازن لدورتي البناء والهدم أثناء الصيام الإسلامي، وذلك بتناول الطعام في المساء، والامتناع عنه أثناء النهار، ويصب في مجمع الأحماض الأمينية كمية كبيرة من هذه الأحماض القادمة مع الغذاء، مما يساعد على التجديد السريع لخلايا، ومكوناتها، وتوفير القدر اللازم منها لإنتاج
جلوكوز الدم أثناء النهار، وتوفير الأحماض الأمينية الحرة في بلازما الدم.
ب- وجود كمية مخزونة من البروتين في خلايا الكبد، بواسطة التضخم (Hypertrophy) ، وفرط التنسج (Hyperplasia) ، بعد وجبتي الفطور والسحور يجعل الجسم قادرًا على تكوين البروتينات الحيوية اللازمة كبروتينات البلازما (الألبيومين والجلوبيولين والفيبرونوجين) ، وعوامل تخثر الدم، وكثير من البروتينات اللازمة لنقل المواد والمركبات الحيوية فيما بين الأعضاء والأنسجة المختلفة، وذلك كالبروتين اللازم لنقل الحديد، وفيتامين ب 12، والأدوية، وغير ذلك، وهذا لا يتوفر بكميات كافية أثناء التجويع لفترات طويلة، مما يسبب سيولة في الدم، وتورمًا في الجسم، وانخفاضًا في الأجسام المضادة، وظهور أعراض نقص فيتامين ب 12، وبعض المعادن الحيوية الأخرى.
ج- يحدث مزيدًا من إنتاج اليوريا من الأمونيا المتكونة من الأحماض الأمينية، بعد تناول الغذاء في المساء، ولا يحدث غالبًا أي خلل في التوازن النتروجيني أثناء النهار، نتيجة لتخزين الكبد الكمية من البروتين في خلاياه بعد وجبتي السحور والإفطار.
د- يتخلص الجسم من الدهون بطريقة طبيعية آمنة في الصيام الإسلامي، فلا تؤدي إلى تشمع الكبد، حيث لا تتجمع كميات كبيرة منها كما في التجويع.
هـ- تنشط عمليات الكبد الحيوية في الصيام الإسلامي، فيقوم بتصنيع البروتين، والمواد الدهنية الفوسفورية، لتكوين البروتين الشحمي، الحيوي
للجسم (VDLP) ، والذي يقوم بنقل الدهون من الكبد، بعكس التجويع الذي يثبط هذه العملية الحيوية.
و تتأكسد الأحماض الدهنية ببطء، ولا تتجمع الأجسام الكيتونية في الدم، وتحدث حموضة الدم الخطيرة كما في حالة التجويع.
***