الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عنها-: أنها كانت ترّجل رسول الله وهو معتكف يناولها رأسه وهي في حجرتها والنبي في المسجد "أن المعتكف ممنوع من الخروج من المسجد إلا لغائط أو بول".
ووجهه أنه لو جاز له الخروج لغير ذلك لما احتاج إلي إخراج رأسه من المسجد خاصة، ولكان يخرج بجملته ليفعل حاجته من تسريح رأسه في بيته، وقد أكدت ذلك بقولها في بقية الحديث:"وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان" وقد يقال: هذا فعل لا يدل على الوجوب.
وجوابه: أنه بيّن به الاعتكاف المذكور في القرآن، وذلك يدل على أن هذه طريقة الاعتكاف وهيئته المعروفة. والله أعلم" (1) .
الخروج إلى الجمعة
اختلفوا في خروجه إلى الجمعة:
* فقال مالك في رواية وأبو حنيفة: يخرج إليها ويبني.
* ومشهور مذهب مالك: أن من أراد اعتكاف عشرة أيام لزم اعتكافها في الجامع.
وإن اعتكف في غيره وخرج إلى الجمعة بطل اعتكافه.
* وقال سعيد بن جبير والحسن البصري والنخعي وأحمد وعبد الملك من أصحاب مالك وابن المنذر وداود وأبو حنيفة في رواية عنه: لا يبطل اعتكافه.
* وللشافعي قولان أشهرهما: أنه يبطل اعتكافه.
واتفقوا على أنه يخرج وإنما اختلفوا في البطلان.
الصوم في الاعتكاف
.
هل الصوم شرط في الاعتكاف أم لا؟
* قال النووي في "الجموع"(6/511) : "مذهبنا أنه مستحب وليس
(1)"طرح التثريب"(4/177) لأبي زرعة العراقي.
شرطا لصحة الاعتكاف على الصحيح عندنا، وبهذا قال الحسن البصري وأبو ثور وداود وابن المنذر، وهو أصح الروايتين عن أحمد.
قال ابن المنذر وهو مروي عن علي بن أبي طالب وابن مسعود.
* وقال ابن عمر وابن عباس وعائشة وعروة بن الزبير والزهري ومالك والاوزاعي والثوري وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق في رواية عنهما: لا يصح إلا بصوم. قال القاضي عياض: وهو قول الجمهور وهو الأصح والراجح. لقول السيدة عائشة رضي الله عنها: "السنة فيمن اعتكف أن يصوم".
قال ابن التركماني في "الجوهر النقي"(4/317) : "مذهب المحدثين أن الصحابي إذا قال: السنة كذا، فهو مرفوع.
والسنة: السيرة والطريقة، وذلك قدر مشترك بين الواجب والسنة المصطلح عليها. ومثله حديث "سنّوا بهم سنة أهل الكتاب"، ولم تكن السنة المصطلح عليها معروفة في ذلك الوقت وذكر سنة الصوم للمعتكف مع ترك المس والخروج دليل على أن المراد الوجوب لا السنة المصطلح عليها".
* زد على ذلك ما قاله ابن القيم في "زاد المعاد"(2/87) أنه: "لم ينقل عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه اعتكف مفطرًا قط. ولم يذكر الله سبحانه الاعتكاف إلا مع الصوم، ولا فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مع الصوم. فالقول الراجح في الدليل الذي عليه جمهور السلف: "أن الصوم شرط في الاعتكاف، وهو الذي كان يرجحه شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية".
* قال الإمام الجصّاص في "أحكام القرآن"(1/245) : "لما كان الاعتكلاف اسمًا مجملاً لما بينا، كان مفتقرًا إلى البيان، فكل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في اعتكافه فهو وارد مورد البيان، فيجب أن يكون على الوجوب، لأن فعله صلى الله عليه وسلم إذا ورد مورد البيان فهو على الوجوب إلا ما قام دليله، فلما ثبت عن
(1) رواه أبو داود والبيهقي وسنده صحيح.
النبي صلى الله عليه وسلم وجب أن يكون الصوم من شروطه التي لا يصح إلا بها كفعله في الصلاة لأعداد الركعات والقيام والركوع والسجود لما كان هذا كله على وجه البيان كان على الوجوب".
* شبهة:
إن قيل روى البخاري عن ابن عمر أن عمر رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال: كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام قال: "أوف بنذرك".
فلو كان الصوم شرطا لما صح اعتكافه الليل لأنه لا صيام فيه؟
فالجواب من وجوه:
أ- أن الروايات في الحديث اختلفت.
ففي إحداها: إنه كان عليه اعتكاف يوم في الجاهلية فأمره أن يفي به.
وفي ثانيهّ: سأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم عن نذر كان نذره في الجاهلية اعتكاف،
فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بوفائه.
وفي ثالثة: اذهب فاعتكف يوماً.
وفي رابعة: فاعتكف ليلة.
والروايتان الأوليان في "الصحيحين" والثالث في "صحيح مسلم" والرابعة في "البخارى" فلا حجة في إيراده على ما ذكر لاختلاف الروايات.
ب- قال ابن حجر في "الفتح"(4/322) : "فمن أطلق ليلة أراد بيومها، ومن أطلق يوماً أراد بليلته" فإن: "الليلة تغلب في لسان العرب على اليوم حكى عنهم أنم قالوا: صمنا خمسًا والخمس يطلق على الليالي، فإنه لو أطلق علي الأيام لقيل خمسة، وأطلقت الليالي وأريدت الأيام"(1) .
* قال ابن عبد الهادي في "التنقيح": "ويمكن الجمع في حديث عمر
(1)"إحكام الأحكام"(2/56) ابن دقيق العيد.