الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سيرين: متى حصل للإنسان حال يستحق بها اسم المرض فله الفطر، وقال عطاء: يفطر من المرض كله، وعن الحسن والنخعي: إذا لم يقدر على الصلاة قائمًا يفطر".
الأمراض المبيحة للفطر:
ا- أمراض القلب كالجلطة الحديثة، والذبحة الصدرية غير المستجيبة للعلاج -وقصور الشرايين التاجية، وهبوط القلب والحمى الروماتيزمية، واضطراب النبض.
2-
أمراض الصدر: الالتهاب الرئوي الشعبي -حالات الدرن الحاد - حساسية الصدر - النزلة الشعبية الحادة.
3-
أمراض الجهاز الهضمي: تليف الكبد - القرحة الحادة المزمنة في العدة أو الاثنى عشر، مرض الإسهال الحاد، أو المزمن.
4-
الحمّيات: كالحمى التيفودية، الحمى المالطية - الالتهاب الكبدي - الالتهاب السحائي - الحصبة - الجدري الكاذب - حمى النفاس - التهاب الغدد اللمفاوية.
5-
أمراض الكلى: التهاب الكلى - البولينا.
6-
الأمراض النفسية: الصرع - الفصام.
7-
أمراض النساء والولادة: الحمل.
8-
أمراض العيون: (الجلوكوما) أو المياه الزرقاء - مرض الشبكية السكري.
الحامل والمرضع ماذا عليها إذا أفطرت
* روى البخاري عن عطاء أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقرأ (وعلى الذين يُطوَقونه (1) فدية طعام مسكين) قال ابن عباس: ليست بمنسوخة
(1) قال البخاري: (قراءة العامة يطيقونه وهو أكثر) -يعني: من أطاق يطيق-. وقرأ ابن عباس (يُطَوَّقونه) بفتح الطاء وتشديد الواو مبنيًا للمجهول مخفف الطاء من: طُوق. بضم أوله بوزن قطع، وهذه قراءة ابن مسعود أيضاً، وقد وقع عند النسائي عن عمرو بن دينار: يطوقونه: يكلفونه وهو تفسير حسن أي: يكلفون إطاقته.
"هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فليطعمان مكان كل يوم مسكينًا".
قال ابن حجر في "الفتح"(4/222) : "اتفقت الأخبار على أن قوله (وعلى الذين يطيقونه فدية) منسوخ، وخالف في ذلك ابن عباس فذهب إلى أنها محكمة لكنها مخصوصة بالشيخ الكبير ونحوه" وقال أيضًا في "الفتح"(8/29) : "قال ابن عباس: ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة: -هذا مذهب ابن عباس-، وخالفه الأكثر، وفي هذا الحديث (1) ما يدل على أنها منسوخة. وهذه القراءة تضعف تأويل من زعم أن "لا" محذوفة من القراءة المشهورة، وأن المعنى: وعلى الذين لا يطيقونه فدية، وأنه كقول الشاعر "فقلت يمين الله أبرح قاعدًا" أي: لا أبرح قاعدًا، ورد بدلالة القسم على النفي بخلاف الآية، ويثبت هذا التأويل أن الأكثر على أن الضمير في قوله تعالى: (يطيقونه) للصيام فيصير تقدير الكلام وعلى الذين يطيقون الصيام فدية، والفدية لا تجب على المطيق إنما تجب على غيره، والجواب عن ذلك أن في الكلام حذفًا تقديره: وعلى الذين يطيقون الصيام إذا أفطروا فدية، وكان هذا في أول الأمر عند الأكثر، ثم نسخ وصارت الفدية للعاجز إذا أفطر وقد تقدم حديث ابن أبي ليلى قال: "حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لما نزل رمضان شق عليهم فكان من أطعم كل يوم مسكينًا ترك الصوم ممن يطيقه، ورخص لهم في ذلك فنسختها:(وأن تصوموا خير لكم) ، وأما على قراءة ابن عباس فلا نسخ لأنه يجعل الفدية على من تكلف الصوم وهو لا يقدر عليه فيفطر ويكفر، وهذا الحكم باق".
الحامل والمرضع إذا أفطرتا ماذا عليهما؟
هذه المسألة للعلماء فيها أربعة مذاهب:
(1) عن سلمة بن الأكوع قال: "لما نزلت (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) كان من أراد أن يفطر ويفتدي، حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها" رواه البخاري قال ابن حجر: هذا صريح في دعوى النسخ وأصرح منه ما تقدم من حديث ابن أبي ليلى.
* أحدها: أنهما يطعمان ولا قضاء عليهما، وهو مروي عن ابن عمر وابن عباس وسعيد بن جبير.
* والقول الثاني: أنهما يقضيان فقط ولا يطعمان، وهو مقابل الأول، به قال عطاء بن أبي رباح والحسن والضحاك والنخعي والزهري وربيعة والأوزاعي وأبو حنيفة والثوري وأبو عبيد وأبو ثور وأصحاب الرأي. قال ابن المنذر: وبقول عطاء أقول.
* والثالث: أنهما يقضيان ويطعمان: "يفديان"، وهو قول الشافعي وأحمد وروي عن مجاهد.
* والقول الرابع: أن الحامل تفطر وتقضي ولا فدية، والمرضع تفطر وتقضي وتفدي. وبه قال مالك ورواية عن الشافعي.
وسبب اختلافهم تردد شبههما بين الذي يجهده الصوم وبين المريض، فمن شبّههما بالمريض؛ قال: عليهما القضاء فقط، ومن شبّههما بالذي يجهده الصوم؛ قال: عليهما الإطعام فقط بدليل قراءة من قرأ: (يطَوَّقونه فدية طعام مسكين) الآية.
* وأما من جمع عليهما الأمرين فيشبه أن يكون رأى فيهما من كل واحد شبها فقال: عليهما القضاء من جهة ما فيهما من شبه المريض، وعليهما الفدية من جهة ما فيهما من شبه الذين يجهدهم الصيام، ويشبه أن يكون شبههما بالمفطر الصحيح، لكن يضعف هذا، فإن الصحيح لا يباح له الفطر.
* ومن فرّق بين الحامل والمرضع ألحق الحامل بالمريض وأبقى حكم المرضع مجموعا من حكم المريض، وحكم الذي يجهده الصوم أو شبهها بالصحيح، ثم قال ابن رشد:"ومن أفرد لها أحد الحكمين أولى -والله أعلم- ممن جمع، كما أنّ من أفردهما بالقضاء أولى ممن أفردهما بالإطعام فقط؛ لكون القراءة غير متواترة، فتأمل هذا فإنه بيّن"(1) .
(1)"بداية المجتهد"(2/176-177) .
* قال الشيخ عمر الأشقر: "وممن يلحق بالمريض الحامل والمرضع إذا خافتا على نفسيهما أو ولديهما، أو شق عليهما الصوم فلهما الفطر وعليهما قضاء عدة ما أفطرتاه، فعن أنس بن مالك الكعبي (1) قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: "إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة، والصوم عن المسافر وعن المرضع والحبلى" (2) .
وعن أنس بن مالك الكعبي قال: "غارت علينا خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيت رسول صلى الله عليه وسلم فوجدته يتغدى فقال: "أدْن فكل" فقلت: إني صائم فقال: "ادن أحدثك عن الصوم -أو الصيام-" إن الله تبارك وتعالى وضع عن المسافر شطر الصلاة، وعن الحامل والمرضع الصوم -أو الصيام" والله لقد قالهما النبي صلى الله عليه وسلم كليهما أو أحدهما فيا لهف نفسي ألا أكون طعمت طعام النبي صلى الله عليه وسلم ".
وحصل الخلاف بين العلماء هل عليهما شيء آخر غير القضاء؟ فمن العلماء من أوجب أن يُطعما مسكينًا عن كل يوم أفطرتاه، ومن ذهب إلي وجوب الإطعام مع صيام عدة الأيام فليس لديه دليل يوجب الإطعام" (3) .
* قال ابن قدامة في "المغني"(4/395) : "قال ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم ولا مخالف لهما في الصحابة-: لا قضاء عليهما؛ لأن الآية تناولتهما، وليس فيها إلا الإطعام، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله وضع عن الحامل والمرضع الصوم" ولنا أنهما يطيقان القضاء، فلزمهما كالحائض والنفساء، والآية أوجبت الطعام ولم تتعرض للقضاء فأخذناه من دليل آخر. والمراد بوضع الصوم: وضعه في مدة عذرهما ولا يشبهان الشيخ الهرمّ، لأنه عاجز عن القضاء وهما يقدران عليه.
قال أحمد: "أذهب إلى حديث أبي هريرة" يعني: ولا أقول بقول ابن
(1) هو غير أنس بن مالك الأنصاري خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما رجل من بني عبد الله بن كعب، انظر "الإصابة"(1/114-115)"وتجريد أسماء الصحابة"(1/31) .
(2)
أخرجه الترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجه والبغوي، وأحمد، وجوّد إسناده الشيخ الألباني -حفظه الله- في "مشكاة المصابيح"(1/629) .
(3)
"الصوم في ضوء الكتاب والسنة"(ص 29-30) .