الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرد على فضيلة الشيخ الألباني
مولانا وسيدنا محدث ديار الشام فضيلة الشيخ الالباني لا ينكر علمه إلَاّ جاحد أو من يريد أن يستر الشمس بكف طفل صغير.
ياناطح الجبل العالي لِتُكْلمه
…
أشفق على الرأس لاتشفق على الجبل
وهو مجدد عصرنا في الحديث النبوي كما يقول العلامة ابن باز، وهو "من خيرة أهل الحديث وقلّ رجل يكون مثله في الحديث في هذا الزمان".
كما يقول الشيخ ابن عثيمين. والشيخ في هذه المسألة مجتهد معذور وله أجر على اجتهاده، ومن الأمانة بعد هذا أن ننشر رد من أجادوا الرد ووافقوا مذهب الجمهور وعامة أهل الفقه في سائر الأمصار على اختلاف العصور.
وقد رد الشيخ جاسم الفهيد الدوسري في رسالته "دفع الاعتساف عن محل الاعتكاف" فيقول -حفظه الله-:
"الجواب عن هذا الخبر من وجوه ستة:
الأول: أنه اختلف في رفعه ووقفه والصواب وقفه: فقد رواه ثلاثة من الحفاظ عن ابن عيينة به موقوفًا من كلام حذيفة، وهم:
ا- عبد الرزاق الصنعاني في "مصنفه" ومن طريق الطبراني في "الكبير".
2-
سعيد بن عبد الرحمن بن حسان المخزومي.
3-
محمد بن أبي عمر العدني.
ومما يؤيد الوقف: ما أخرجه عبد الرزاق ومن طريق الطبراني، وابن أبي شيبة من طريق الثوري
…
قال: جاء حذيفة فذكره موقوفًا.
قال الهيثمي في "المجمع": وإبراهيم النخعي لم يدرك حذيفة. ولكن نقل الأعمش عن إبراهيم أنه قال: إذا حدثتكم عن رجل عن عبد الله فهو الذي سمعت، وإذا قلت: قال عبد الله فهو عن غير واحد عن عبد الله "تهذيب"(1/177-178) .
وقال الحافظ العلائي في "التحصيل": "وجماعة من الائمة صححوا
مراسيلة، وخص البيهقي ذلك بما أرسله عن ابن مسعود" وهذا منها، هذا من جهة الصناعة الحديثية.
* وأما من جهة النظر فإن ابن مسعود لم يقبل رواية حذيفة. بل ردها، ولو ثبت رفع الحديث لما تجاسر على ذلك، وهو من أئمة الصحابة وفقهائهم، وقد أفتى بخلاف ذلك.
فقد أخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة والطبراني بسند صحيح عن شداد ابن الأزمع قال:"اعتكف رجل في المسجد في خيمة له فحصبه الناس، قال: فأرسلني الرجل إلى ابن مسعود، فجاء عبد الله وطرد الناس، وحسن ذلك" أ. هـ فعُلِم أن حذيفة إنما قال ذلك اجتهادًا منه، ولم يكن ابن مسعود ملزمًا باجتهاده.
الثاني: مما يضعف الاستدلال بهذا الخبر قول ابن مسعود رضي الله عنه (لعلك نسيت وحفظوا، أو أخطأت فأصابوا) :وهذا تصريح منه بخطأ حذيفة ونسيانه في رواية الحديث وصواب عمل الآخرين بخلاف، فلعل حذيفة اشتبه عليه حديث "لا تشد الرحال
…
" فإنه قريب منه، لا سيما أن الخطابي قد ذكر في "معالم السنن" (2/222) : أن بعض أهل العلم استنبط من حديث النهي عن شد الرحال أن الاعتكاف لا يصح إلا في المساجد الثلاثة.
* وقال الشوكاني في "نيل الأوطار": "قال عبد الله: (فعلّهم أصابوا وأخطأت) ؛ فهذا يدل على أنه لم يستدل على ذلك بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى ان عبد الله يخالفه ويجوّز الاعتكاف في كل مسجد، ولو كان ثم حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ما خالفه".
الثالث: أن في متن الحديث اختلافًا وشكًا: قد رواه سعيد بن منصور في "سننه"، ومنتقى الأخبار للمجد عن شقيق قال: قال حذيفة لعبد الله بن
مسعود: قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة" أو قال: "مسجد جماعة".
ورواه الطبراني بسند صحيح عن النخعي وفيه: قال حذيفة: "أما أنا فقد
علمت أنه لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة"، وأعله الهيثمي في "المجمع" والحافظ بالانقطاع فهذا الاختلاف مما يوهن الاستدلال بالحديث لأنه جمع حكمين مختلفين في مسألة واحدة، وقد استدل به أيضاً أصحاب القول الثالث.
* قال ابن حزم (5/195-196) : "قلنا: هذا شك من حذيفة أو ممن دونه، ولا يقطع على رسول الله صلى الله عليه وسلم بشك، ولو أنه عليه الصلاة والسلام قال: "لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة" لحفظه الله تعالى.
* وقال الشوكاني في "النيل"(4/360) : "وأيضاً الشك الواقع في الحديث مما يضعف الاحتجاج بأحد شقيه" أ. هـ.
الرابع: أنه منسوخ، قال أبو جعفر الطحاوي في "مشكل الآثار"
(4/20) : "فتأملنا هذا الحديث فوجدنا فيه إخبار حذيفة لابن مسعود أنه قد علم ما ذكره له عن النبي صلى الله عليه وسلم وتَرْك ابن مسعود إنكار ذلك وجوابه إياه بما أجابه في ذلك من قوله لهم: "حفظو" أي قد نسخ ما قد ذكرته من ذلك، وأصابوا فيما قد فعلوا. وكان ظاهر القرآن على ذلك وهو قول الله عز وجل (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد) . فعمّ المساجد كلها بذلك، وكان المسلمون عليه في مساجد بلدانهم" أ. هـ.
الخامس: أن الحديث -إنْ صح- ومحمول على بيان الأفضلية: ذكره الكاساني في "البدائع"(2/113) وقال: "فأفضل الاعتكاف أن يكون في المسجد الحرام، ثم مسجد المدينة، ثم في المسجد الأقصى، ثم في المساجد العظام التي كثر أهلها" أ. هـ.
السادس: أنه لو ثبت رفع الحديث لما أجمعت الأمة على ترك العمل به: فلم ينقل عن أحد من الأئمة المتقدمين منهم والمتأخرين: أنه أخذ بظاهر هذا الحديث سوى رواية حذيفة رضي الله عنه فإن قيل: قد أخذ به سعيد ابن المسيب وعطاء؟
فالجواب: أن النقل عن سعيد قد اختلف كما تقدم في القول الخامس،
وأما عطاء فقد استثنى المسجد الأقصى من ذلك، ولو كان قد أخذ بالحديث لما استثناه منه لأنه مذكور فيه، فعلم أن فتواه إنما هي اجتهاد منه، فقد روى عبد الرزاق (4/349) عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: فمسجد إيلياء؟ -يعني الأقصى- قال: لا يجاور إلا في مسجد مكة ومسجد المدينة- فعلم تفرد حذيفة بذلك.
* والقول الحقيق بالقبول هو أن الاعتكاف لا يصح إلا في مسجد جماعة، وإن كان الاعتكاف تتخلله صلاة الجمعة فالأولى: أن يكون في مسجد جامع خروجًا من خلاف الإمامين: مالك والشافعي. والله أعلم" (1) .
* قال النووي في "المجموع"(6/507-508) : "إن الاعتكاف إنما يكون في المساجد، وإذا ثبت جوازه في المساجد صحّ في كل مسجد (2) ، ولا يقبل تخصيص من خصه ببعضها إلا بدليل، ولم يصح في التخصيص شيء صريح".
وقال جصَّاص في "أحكام القران"(1/243) : "وظاهر قوله: (وأنتم عاكفون في المساجد) يبيح الاعتكاف في سائر المساجد لعموم اللفظ، ومن اقتصر به على بعضها. فعليه بإقامة الدلالة، وتخصيص بمساجد الجماعات لا دلالة عليه. كما أن تخصيص من خصه بمساجد الأنبياء لا لم يكن عليه دليل سقط باعتباره" وقال: "فغير جائز لنا تخصيص عموم الآية بما لا دلالة فيه على تخصيصها".
* وكذا قال الإمام ابن رشد في "بداية المجتهد"(2/427-428) .
فرع: قال ابن قدامة في "المغني"(3/189) .
"وإن كان اعتكافه مدة غير وقت الصلاة قليلة أو بعض يوم جاز في كل
(1) انتهى تلخيص رسالة "دفع الاعتساف عن محل الاعتكاف" المنشورة ضمن كتاب "زجر السفهاء عن تتبع رخص الفقهاء" للشيخ جاسم الفهيد الدوسرى نشر دار البشائر الإسلامية ببيروت.
(2)
وهو قول الجمهور كما قال ابن حجر في "الفتح"(4/319) .