الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على من يجب الصيام
؟
يجب صوم رمضان في الحال على كل مسلم بالغ عاقل طاهر صحيح مقيم وفي ذلك مسائل:
(1)
وجوب الصوم على المسافر والحائض متحتم أيضاً لكن يؤخرانه ثم يقضيانه.
(2)
الكافر الأصلي: الكفار مخاطبون بفروع الشرع في حال كفرهم على المذهب الصحيح بمعنى أنهم يزاد في عقوبتهم في الآخرة ومع هذا فلا يطالب الكافر الأصلي بفعل الصوم في حال كفره بلا خلاف، ولو صام في كفره لم يصحّ بلا خلاف سواء أسلم بعد ذلك أم لا، وإذا أسلم لا يجب عليه القضاء. وهو قول الشافعي وأحمد وقتادة والشعبي ومالك والأوزاعي وأبو ثور وأصحاب الرأي.
(3)
المرتدّ: لا يطالب بفعل الصوم في حال ردته، ويأثم بترك الصوم في حال ردته وهو واجب عليه، وإذا أسلم لزمه قضاؤه. وقال أبو حنيفة: لا يلزمه قضاء مدة الردة إذا أسلم.
(4)
إذا أسلم الكافر في شهر رمضان صام ما يستقبله من شهره بلا خلاف، فأما اليوم الذي أسلم فيه، استحب له إمساك بقية النهار لحرمة الوقت عند الشافعي ولا يقضيه، وعند أحمد يلزمه إمساكه ويقضيه، وبه قال ابن الماجشون وإسحاق. وقال مالك وأبو ثور وابن المنذر لا قضاء عليه.
(5)
الصبيان: هل يشرع صومهم أم لا؟
قال ابن حجر في "الفتح"(4/236-237) : "الجمهور على أنه لا يجب على من دون البلوغ، واستحب جماعة من السلف منهم ابن سيرين والزهري وبه قال الشافعي أنهم يؤمرون به للتمرين عليه إذا أطاقوه، وحدَّه أصحابه بالسبع والعشر كالصلاة، وحدَّه إسحاق باثنتي عشرة سنة، وأحمد في رواية بعشر سنين، وقال الأوزاعي: إذا أطاق صوم ثلاثة أيام تباعاً لا يضعف فيهن حُمِل على الصوم. والمشهور عن المالكية أنه لا يشرع في حق الصبيان.
وقد تلطف البخاري في التعقيب عليهم بإيراد أثر عمر في صدر الترجمة لأن أقصى ما يعتمدونه في معارضة الأحاديث دعوى عمل أهل المدينة على خلافها ولا عمل يستند إليه أقوى من العمل في عهد عمر مع شدة تحرّيه ووفور الصحابة في زمانه "أن عمر بن الخطاب أتى برجل شرب الخمر في رمضان، فلما دنا منه جعل يقول: للمنخرين، والفم، [فلما رفع إليه عثر] فقال عمر: على وجهك، ويلك، وصبياننا صيام، ثم أمر به فضرب ثمانين سوطاً ثم سيره إلى الشام".
وأغرب ابن الماحشون من المالكية فقال: إذا أطاق الصبيان الصوم ألزموه. فإن أفطروا لغير عذرٍ فعليهم القضاء.
وفي حديث الربيع بنت معوذ قالت: "أرسل النبي صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار: من أصبح مفطراً فليتم بقية صومه، ومن أصبح صائماً فليصم. قالت: فكنا نصومه ونصوّم صبياننا ونجعل لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذلك حتى يكون عند الإفطار".
وعند مسلم "أعطيناهم اللعبة تُلهيهم حتى يتموا صومهم".
ولقد أغرب القرطبي فقال: لعلّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم بذلك، ويبعد أن يكون أمر بتعذيب صغير بعبادة غير متكررة في السنة.
ويرد عليه حديث رزينة أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان يأمر مرضعاته في عاشوراء ورضعاء فاطمة فيتفل في أفواهم، ويأمر أمهاتهم أن لا يرضعن إلى الليل".
"فهكذا تربية الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك ربى الصحابة الكرام أبناءهم، فخرجت أجيال مسلمة تنشر الخير في ربوع الأرض، وعاشت بالإسلام وللإسلام، أما أن نترك أبناءنا وبناتنا يقضون أوقاتهم في الطرقات وفي منابت السوء، ينشأون على الفاسد من الأخلاق والذميم من الأفعال، فيشتد عودهم على ذلك وتشحن قلوبهم بغير الإسلام ثم نريدهم بعد بلوغهم سن الرشد مسلمين يعملون بالإسلام ويدعون إليه فإنهم لا يستجيبون لنا ولا يلقون بالاً لحديثنا وهل يجنى من الشوك العنب"(1) .
(1) من كلام للشيخ عمر الأشقر بتصرف. كتاب "الصوم في ضوء الكتاب والسنة"(ص23) .
وينشأ ناشيء الفتيان منا
…
على ما كان عوده أبوه
ويرحم الله من قال:
وإنما أولادنا أكبادنا تمشي على الأرض
إن هبت الريح على أحدهم
…
امتنعت عيني عن الغمض
فأين أنت من قول الله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) الآية، قال ابن عباس: أدبوهم وعلموهم فيؤمر الغلام والجارية بالصوم ويضربان على تركه إذا أطاقا الصيام ليتمرنا عليه. ولا يجب عليهما الصوم حتى يبلغ الصبي، وحتى تحيض الجارية وهذا قول أكثر أهل العلم.
(6)
وإذا نوى الصبي الصوم من الليل فبلغ في أثناء النهار بالاحتلام أو السن يتم صومه ولا قضاء عليه. وإن بلغ الصبي وهو مفطر استحب له إمساك بقية اليوم ولا يجب عليه القضاء.
(7)
المجنون لا يلزمه الصوم بالإجماع للحديث والإجماع، وإذا أفاق لا يلزمه قضاء ما فاته في الجنون سواء قل أو كثر، وسواء أفاق بعد رمضان أو في أثنائه. وهو قول الجمهور خلافا للثوري. ويستحب للمجنون إذا أفاق، في أثناء يوم رمضان إمساك بقية النهار لحرمة الشهر ولا يجب عليه القضاء عند الشافعي. وقال مالك وأحمد يلزمه القضاء ومن نوى الصوم ليلا ثم جن جميع النهار لم يصح صومه وإن أفاق في جزء من النهار صحّ صومه.
(8)
المغمى عليه لا يلزمه الصوم في حال الإغماء بلا خلاف ويلزمه القضاء، ومن نوى الصوم ليلاً ثم أُغمي عليه جميع النهار لم يصح صومه، وإن أفاق المغمى عليه في أول النهار أو جزء منه صح صومه.
(9)
الحائض والنفساء:
لا يصح صوم الحائض والنفساء ولا يجب عليهم ويحرم عليهما ويجب قضاؤه وهذا كله مجمع عليه، ولو أمسكت بنية الصوم أثمت.
عن أبي سعيد رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم
فذلك نقصان دينها" رواه البخاري.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كنا نُؤمر بقضاء الصوم ولا نُؤمر بقضاء الصلاة" رواه مسلم.
قال أبو الزناد: "إن السنن ووجوه الحق لتأتي كثيراً على خلاف الرأي، فما يجد المسلمون بداً من اتباعها. من ذلك أن الحائض تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة".
* إذا طهرت الحائض في أثناء الصيام يُستحبُّ لها إمساك بقيته ولا يلزمها، وقطع به الجمهور.
* وجوب قضاء الصوم على الحائض والنفساء، إنما هو بأمر مجدد، وليس هو واجباً عليها في حال الحيض والنفاس، وبه قطع الجمهور.
* مما يفرق فيه بين الصوم والصلاة في حق الحائض أنها لو طهرت قبل الفجر ونوت صحّ صومها في قول الجمهور ولا يتوقف على الغسل بخلاف الصلاة.
* المستحاضة في نزف الدم أشد من الحائض ويباح لها الصوم.
(10)
الشيخ الكبير الذي يجهده الصوم ويلحقه به مشقة شديدة، والمريض الذي لا يُرجى برؤه لا صوم عليهما ونقل ابنُ المنذر الإجماع فيه (1) لقول الله عز وجل:(وما جعل عليكم في الدين من حرج)[الحج: 78] ، وتلزمهما الفدية.
روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "الشيخ الكبير يطعم عن كل يوم مسكيناً".
ورُوي أن أنساً رضي الله عنه ضعف عن الصوم عاما قبل وفاته فأفطر وأطعم.
والفدية: مدٌّ من طعام عن كل يوم سواء في الطعام البر والتمر والشعير وغيرها من أقوات البلد عند الشافعي. وقال أحمد: من حنطة أو مدَّان من تمر أو شعير، وقال أبو حنيفة: صاع من تمر، أو نصف صاع حنطة. وقال مكحول وربيعة ومالك وأبو ثور وابن المنذر: لا فدية.
(1) قال ابن المنذر: وأجمعوا على أن للشيخ والعجوز العاجزين الفطر.