الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يزيد في تكون الكوليستيرول من الدهن البروتيني منخفض الكثافة، والذي قد يزداد أثناء الصيام، وثبتت علاقته بمرض تصلب الشرايين.
لهذا، ولغيره مما عرف، ومما لم يعرف بعد، وصى النبي صلى الله عليه وسلم الصائم بالسكينة، وعدم الصخب، والانفعال، أو الدخول في عراك مع الآخرين.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخبن فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل إني صائم" متفق عليه.
من فوائد عدم شرب الماء في الصيام
يشكل ا-لماء (60-70%) من وزن الجسم للبا-لغين، وينقسم إ-لى قسمين رئيسيين: قسم داخل الخلايا، وقسم خارجها بين الخلايا: في الأنسجة والأوعية الدموية والعصارات الهضمية وغير ذلك، وبين القسمين توازن دقيق، والتغير في تركيزات الأملاح -وخصوصًا الصوديوم الذي يتركز وجوده في السائل خارج الخلايا- ينبه أو يثبط عمليتين حيويتين داخل الجسم، وهما آلية إفراز الهرمون المضاد لإدرار البول (ADH) ، وآلية الإحساس بالعطش، واللتان تؤثر كل منهما في تهيئة الجسم للحفاظ على الماء داخله وقت الشدة، وذلك بتأثير الهرمون المضاد لإدرار البول على زيادة نفاذية الأنابيب الكلوية البعيدة، والأنابيب والقنوات الجامعة، حيث يسرع امتصاص الماء ويقلل من إخراجه، كما يتحكمان معًا في تركيزات الصوديوم خارج الخلايا، وكلما زاد تركيز الصوديوم زاد حفظ الماء داخل الجسم.
ولقد درس مصطفى وزملاؤه في السودان سنة 1978م توازن الماء والأملاح في جسم الصائم، وقد ثبت من خلال هذا البحث أن الإخراج الكلي للصوديوم يقل، وخصوصًا أثناء النهار.
إن تناول الماء أثناء الامتناع عن الطعام (في الصيام) يؤدي إلى تخفيف التناضح (في السائل خارج الخلايا وهذا بدوره يؤدي إلى تثبيط إفراز الهرمون المضاد لإدرار البول، فيزداد الماء الخارج من الجسم في البول، مع ما يصحبه من
الصوديوم وبعض الأملاح الأخرى، وفي هذا تهديد لحياة الإنسان إن لم تعوض هذه الأملاح، حيث يعتبر الصوديوم عنصرًا حيويًا في توطيد الجهد الكهربائي عبر جدر الخلايا العصبية وغير العصبية، كما أن له دورًا حيويًا في تنبيه وانقباض العضلات وعند نقصانه يصاب الإنسان بضعف عام في جسمه.
وقد وجدت علاقة بين العطش وبين تحلل الجليكوجين، إذ يسبب العطش إفراز جرعات. تتناسب وقوة العطش من هرموني الأنجوتنسين 2 (Abgiotensin II) والهرمون القابض للأوعية الدموية (Vasopression) واللذان يسببان تحلل الجليكوجين في إحدى مراحل تحلل بخلايا الكبد.
فكلما زاد العطش زاد إفراز هذين الهرمونين بكميات كبيرة مما يساعد في إمداد الجسم بالطاقة وخصوصًا في نهاية اليوم.
كما أن زيادة الهرمون المضاد لإدرار البول (ADH) المستمر طوال فترة الصيام في شهر رمضان، قد يكون له دور هام في تحسين القدرة على التعلم وتقويه الذاكرة، وقد ثبت ذلك على حيوانات التجارب.
لذلك فالقدرة العقلية قد تتحسن عند الصائمين بعكس ما يعتقد عامة الناس.
كما أن الحرمان من الماء أثناء الصيام، يسبب زيادة كبيرة في آليات تركيز البول في الكلي، مع ارتفاع في القوة الأزموزية البولية قد يصل من 1000 إلى 12 ألف مل أزمو/كجم ماء، وهكذا تنشط هذه الآليات الهامة لسلامة وظائف الكلى.
كما أن عدم شرب الماء خلال نهار الصيام يقلل من حجمه داخل الأوعية الدموية، وهذا بدوره يؤدي إلى تنشيط الآلية المحلية بتنظيم الأوعية وزيادة إنتاج البروستاجلاندين (Postaglandine) والذي له تأثيرات عديدة وبجرعات قليلة إذ أن له دورًا في حيوية ونشاط خلايا الدم الحمراء، وله دور في التحكم في تنظيم قدرة هذه الخلايا لتعبر من خلال جدران الشعيرات الدموية، وبعض أنواعه له دور في تقليل حموضة المعدة، ومن ثم تثبيط تكون القرح المعدية كما ثبت في
حيوانات التجارب، كما أنه له دورًا في علاج العقم حيث يسبب تحلل الجسم الأصفر، ومن ثم فمن الممكن أن يؤدي دورًا في تنظيم دورة الحمل عند المرأة، كما يؤثر على عدة هرمونات داخل الجسم فينبه إفراز هرمون الرينين، وبعض الهرمونات الأخرى مثل الهرمون الحاث للقشرة الكظرية غيره (SH ACTH) ، كما يزيد من قوة استجابة الغدة النخامية (Pitutary Gland) للهرمونات المفرزة من منطقة تحت الوساد في المخ (Hypothalamus) ، كما يؤثر على هرمون الجلوكاجون، والكاتيكولامين (الأدرينالين والنور أدرينالين) ، وبقية الهرمونات التي تؤثر على إطلاق الأحماض الدهنية الحرة، كما يوجد البروستجلاندين في المخ، ومن ثم له تأثير في إفراز الناقلات للإشارات العصبية، كما أن له دورًا في التحكم في إنتاج أحادى فوسفات الأدينوزين الحلقي (CAMP) والتي يزداد مستواها لأسباب عديدة، وتؤدي دورًا هامًا في تحلل الدهن المختزن، لذلك فالعطش أثناء الصيام له فوائد عديدة بطريق مباشر أو غير مباشر نتيجة لزيادة مادة البروستجلاندين، حيث يمكن أن يحسن كفاءة خلايا الدم، ويحمي الجسم من قرحة المعدة، ويشارك في علاج العقم، ويسهل الولادة ويحسن الذاكرة، ويحسن آليات عمل الكلى، وغير ذلك.
كما أن الله سبحانه وتعالى جعل للجسم البشري مقدرة على صنع الماء من خلال العمليات والتحولات الكيمائية العديدة، التي تحدث في جميع خلايا الجسم، إذ يتكون أثناء عمليات استقلاب الغذاء، وتكوين الطاقة في الكبد، والكلى، والمخ، والدم، وسائر الخلايا تقريبًا جزئيات ماء، وقد قدر العلماء كمية هذا الماء في اليوم من ثلث إلى نصف لتر، ويسمى الماء الذاتي أو الداخلي (Intrinsic Water) .
وكما خلق الله للإنسان ماء داخليًا، خلق له طعامًا داخليًا أيضاً فمن نفايات أكسدة الجلوكوز يصنع الجلوكوز مرة أخرى، حيث يتحول كل من حمض اللاكتيك والبيروفيت، وهما نتاج أكسدة الجلوكوز إلى جلوكوز مرة أخرى، حيث تتوجه هذه النفايات إلى الكبد، فيجعلها وقودًا لتصنيع جلوكوز جديد في الكبد، ويتكون يوميًا حوالي 36 جرامًا من هذا الجلوكوز الجديد من
هذين الحمضين، غير الذي يتكون من الجليسررول والأحماض الأمينية.
وبهذا يمكن أن ندرك سر نهي النبي صلى الله عليه وسلم الناس عن إكراه مرضاهم على الطعام والشراب، حيث كان معتقد الناس -وللأسف ما يزال- أن الجسم البشري كالآلة الصماء، لا تعمل إلا بالإمداد الدائم بالغذاء، وأن في الغذاء الخارجي فقط تكمن مقاومة ضعف المرض.
وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الله يطعمهم ويسقيهم فقال عليه الصلاة والسلام: "لا تكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب فإن الله عز وجل يطعمهم ويسقيهم" رواه ابن ماجه والحاكم وصححه هو والألباني (1) .
***
(1) ابن ماجه (2/1140) حديث رقم (3444) ، والحاكم (4/410) ، وراجع الصحيحة للألباني (2/364) حديث رقم (727) .